| |

كتاب الله والإنسان في القرآن : علم دلالة الرؤية القرآنية للعالم لـ توشيهيكو إيزوتسو

حول الكتاب
لهذا الكتاب أهمية خاصة ذات أوجه تتلاقى في ما بينها لتصنع تأثيره العميق على قارئه. وأول هذه الأوجه شخصية مؤلفه العلمية الرصينة، فإيزوتسو واحد من أشهر الباحثين اليابانيين المعاصرين، تغطي اهتماماته مساحة معرفية واسعة تنطلق من علم اللغة الحديث وعلم الدلالة، لتقترب من الإسلام ديناً وفكراً وثقافة، وتتعمق من ثم، في التراث الروحي والحضاري للإسلام وللأديان والثقافات الشرقية الآسيوية.
على أن أهم ما يمتاز به إيزوتسو في هذا الكتاب موقفه الموضوعي من الإسلام وتفاعله الحي معه. وإذا جاز لنا أن نعد هذه الدراسة من ضمن الجهد الاستشراقي العام لفهم وتحليل مظاهر الحضارة العربية والإسلامية -من حيث إنها مكتوبة أصلاً بالإنجليزية وتقوم على أسس ومبادئ منهجية غربية- فإن “شرقية” مؤلفها وروحيته الحضارية تجعلها وتجعله أقرب إلى الإسلام وأقدر على فهمه من الداخل، مما يمنحها قيمة علمية مضافة تستحقها.

الوجه الثاني يتمثل في منهج هذه الدراسة وهو علم الدلالة الذي يعد واحداً من أهم مجالات علم اللغة الحديث وأكثرها خصوبة وتعقيداً. ومما يؤسف له أن الثقافة العربية الحديثة لم تبد فهماً حقيقياً ومتعمقاً لهذا الفرع الخصب من علم اللغة، وكان اهتمامها به مؤقتاً، فتم إهماله أو تجاهله، والتوجه إلى ما هو أكثر حداثة من مجالات علم اللغة ومنهجياته وبالاهتمام السطحي والمؤقت نفسه. لكن قراءة الكتاب تكشف عن أن فهمنا علم الدلالة كان مبتسراً ومتسرعاً، أدى إلى ندرة الدراسات الدلالية الجادة المتعمقة.

الوجه الثالث الذي يشكل جانباً من أهمية هذا الكتاب يتجسد في رؤيته ونتائجه، فهو يكشف لنا عن مدى أهمية اللغة في حياة البشر ودورها الحاسم في تشكيل رؤية الإنسان لعالمه من خلال إعادة تنظيم المفاهيم (القديمة والمستحدثة) وإدخالها في أنساق وعلاقات ذات مستويات معقدة ومتداخلة تشكل نظاماً جديداً ذا طبيعة مختلفة كلياً عن النظام الذي كانت المفاهيم تتخذه سابقاً، ويترتب على ذلك فهم جديد للعالم، ودور جديد للإنسان فيه. هذا يعني بكلمة أخرى أن الكتاب يكشف على نحو علمي طبيعة التحول الجذري الذي أحدثه القرآن في حياة العرب والمسلمين، بوصفه نظاماً مفهومياً جديداً أعاد صياغة المفاهيم السابقة وأضاف إليها مفاهيم جديدة، وربط في ما بينها بعلاقات معقدة، فأنتج رؤية للعالم مختلفة تمتاز بمعمار مفهومي عظيم من حيث تماسكه ومرونته وتنظيمه.

إن ميزة هذه الدراسة أنها تجعلنا نكتشف القرآن وكأننا نراه للمرة الأولى، وتعلمنا قراءً ومسلمين أن ننفصل قليلاً عنه لنراه ونعرفه من جديد معرفة علمية بالمعنى الدقيق لهذا الوصف. وهذا ممكن دائماً، ما عودنا أنفسنا على تغيير زوايا نظرنا إلى القرآن، وتنويعها واعتماد مناهج علمية متنوعة. والقرآن نفسه يتيح لنا ذلك، من حيث إنه نص لا يمكن استنفاد ماهيته، نص يمتاز بتعدد مستويات المعنى وتشابك علاقاته، ولا يكف عن التدلال مطلقاً لأن قراءتنا له لن تتوقف.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *