|

كتاب الشمعة والدهاليز – رواية لـ الطاهر وطار

حول الكتاب
تمتاز (الشمعة والدهاليز) بتناولها الجريء والعميق والموضوعي لشخصية الجزائر وواقعها الراهن. لكنّ ما يجعل منها عملاً أدبياً متميّزاً، هو بنيتها السردابيّة التي تماهي النصّ بالواقع، وتقود اللغة والشخوص والأفعال في المتاهة نفسها التي يتحرّك الواقع داخل دهاليزها المظلمة. ليس ثمّة شيء متشكّل في هذا النصّ، إذ لا مجال للتشكّل في الظلام الدهليزيّ الذي يلفّ كل شيء. ثمة شخصيّات وأفعال ولغة تغامر بحثاً عن مخرج أو شمعة تهتك عنها ولو قليلاً من معاناتها. وفي غمرة بحثها يختلط كلّ شيء بكلّ شيء. يختلط الماضي بالحاضر بالمستقبل، وتختلط القيم بنقائضها، ويختلط الواقع بالأسطورة. هكذا تحاول الشخصيّات أن تستردّ ذاتها من الخراب الذي أنتجها وأنتجته، بدءاً من حرب التحرير التي خلّصت الوطن من المستمر لكنّها لم تخلّص الإنسان، وانتهاءً بالحرب التي يشنّها الجزائريّ ضدّ نفسه لكي يطرد منها الآخر الذي يستلبها ويغرّبها. إن (هارون الرشيد)، الشاعر الذي يتحرّك، لا باسمه الشخصيّ بل بلقبه، لا يمكن في النهاية إلاّ أن يُقتل، بعد أن توجّه إليه كلّ التهم. فهو إسلاميّ وملحد وعميل أجنبيّ ومتآمر على فرنسا وعاهر ومجنون.. إلخ، وسبب قتله، في الواقع، ليس ثبوت تلك التهم عليه، بل عدم القدرة على استيعاب وجوده في الزمان والمكان. إنّه المهيض الذي يحمل حلماً على كتفيه بحجم الجزائر، والذي يصادف امرأة يحبّها في الوقت الضائع ويسمّيها (الخيرزان)، لكنّه لا ينتج من خلال حبّها السريع سوى اسئلة وهذيانات تقصم ظهره. ما هي الجزائر؟ من هي الجزائر؟ ومتى هي الجزائر؟ هذا ما تحاول الرواية طرحه بالمغامرة في كلّ التفاصيل التي تكوّن الذات: في التراث، في العلاقة مع فرنسا، في العروبة، في البربرة، في الأسلمة، في الخراب القائم، وفي كلّ شيء. إنّها رواية الدهاليز، لكنّها أيضاً، إذ تزجّ بكلّ مفردات الواقع في الدهاليز، وتحرّكها، إنّما تجعل من نفسها رواية الخلاص الذي هو الشمعة الوحيدة التي تطرد الدهاليز وظلامها. 

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *