كتاب عرس بغل – رواية لـ الطاهر وطار
كتاب الزلزال – رواية المؤلف : الطاهر وطار اللغة : العربية دار النشر :المؤلف سنة النشر : 0000 عدد الصفحات : 139 نوع الملف : مصور |
حول الكتاب
كثرة الزيارات والجلسات، جعلتني أتعرض للإرهاق بسرعة، عندما أكون في الداخل، أنسى التعب. لعلني أكون هذا المساء هارون الرشيد، قد أكون بن السعود أو بولفانين، لماذا هربت من الأعراس، من الغناء والطرب والقهقهات الرنانة، ومن الفرحة على وجوه الفقراء وجئت إلى المقبرة. لا شيء من الأعماق، كل ما هنالك عرس بغل، أعراس بغل في حجم الكرة الأرضية، كلهم، كلنا، نهرب إلى مقبرة، كل من فيها ميتون إلا نحن، الحياة. حياة الآخرين المرتبطة بحياتنا، لا تهمنا إلا بقدر ما تكون المقبرة. لا. لا. هذا كلام لا معنى له. كلام غير مستقيم، يمليه التعب. ها أنك قد وصلت. أهلاً وسهلاً بك في مدينتك، يجدر بك أن تكون “أفلاطون” هذا المساء، قد أكون من يدري؟”. في روايته “عرس بغل” يرسم الطاهر وطّار صورة الإنسان الذي يرى في الهروب من أعباء الحياة وصراعاتها وسيلة لمتابعتها. يحاول الظاهر وطّار عكس رؤيته في الفلسفية تلك من خلال استنطاق شخصيته المحورية التي وعلى الرغم من هامشيتها ودونيتها، وفي لحظة اللاوعي، يجري على لسانها عبارات فيلسوف.
الناشر:
راحت المسافة بين قعر الخق وبين حوافات فمه الكبير، تتغير شيئاً فشيئاً… بدت ببعدها الطبيعي: حوالي المترين أو يزيد، ثم تأخر الفم، بعد النفس الأول عدة أمتار. بعد النفس الثالث تأخر القعر. بعد النفس الخامس تأخرت التينة والصخرتان، والحاج كيان وسلته. بعد ذلك راحت كل المسافات تتباعد، وانفتحت في رأسه وفي قلبه، هوتان، لا أول ولا آخر لهما. وفي الجين الذي شغر فيه بالتلاشي والذوبان، شعر بأنه يحتل كل ما هنالك من مكان أو زمان.
ترى من أكون اليوم؟ المتنبي؟ حمدان قرمط؟ زكرويه الدنداني؟ المعتصم؟ المنتصر؟ المعتز بالله؟ موسى بن بغا؟
وما يهم؟ ليس في الجبة سواي. سوى رحى في حجم الأرض تطحن، والألم يقطر.
بدأت المرحلة الأولى من الرحلة.
هؤلاء الموتى المساكين، لم يعد أحد يذكرهم، يا لهم من غرباء، كانوا هنا، يسعون ويلهون ويأملون. تساقطوا كالذباب واحداً إثر آخر، أتوا بهم قطع لحم باردة، دفنوها في الأرض، وولوا هاربين، تاركين إياها للدود.
المساكين. المساكين. سقطت دمعتان من عينيه، تناول ذرات من حلوى الترك وضعها على لسانه، واستغرق في الامتصاص.
الناشر:
راحت المسافة بين قعر الخق وبين حوافات فمه الكبير، تتغير شيئاً فشيئاً… بدت ببعدها الطبيعي: حوالي المترين أو يزيد، ثم تأخر الفم، بعد النفس الأول عدة أمتار. بعد النفس الثالث تأخر القعر. بعد النفس الخامس تأخرت التينة والصخرتان، والحاج كيان وسلته. بعد ذلك راحت كل المسافات تتباعد، وانفتحت في رأسه وفي قلبه، هوتان، لا أول ولا آخر لهما. وفي الجين الذي شغر فيه بالتلاشي والذوبان، شعر بأنه يحتل كل ما هنالك من مكان أو زمان.
ترى من أكون اليوم؟ المتنبي؟ حمدان قرمط؟ زكرويه الدنداني؟ المعتصم؟ المنتصر؟ المعتز بالله؟ موسى بن بغا؟
وما يهم؟ ليس في الجبة سواي. سوى رحى في حجم الأرض تطحن، والألم يقطر.
بدأت المرحلة الأولى من الرحلة.
هؤلاء الموتى المساكين، لم يعد أحد يذكرهم، يا لهم من غرباء، كانوا هنا، يسعون ويلهون ويأملون. تساقطوا كالذباب واحداً إثر آخر، أتوا بهم قطع لحم باردة، دفنوها في الأرض، وولوا هاربين، تاركين إياها للدود.
المساكين. المساكين. سقطت دمعتان من عينيه، تناول ذرات من حلوى الترك وضعها على لسانه، واستغرق في الامتصاص.
لكم جزيل الشكر