كتاب أسلوب المقابلة في القرآن الكريم لـ د. كمال عبد العزيز إبراهيم

وصف الكتاب

موضوع هذه الدراسة هو أسلوب المقابلة في القرآن الكريم: دراسة فنية بلاغية مقارنة، والقرآن الكريم هو كلام الله المنزل على سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم، ليخرج به الناس من ظلمات الشرك والجهل إلى نور التوحيد ورحاب الهدى والرشاد.
ولطول صحبتي للقرآن ومعايشتي له، استرعت- ظاهرة التقابل في أسلوبه- إنتباهي، ولفتت نظري، إذ وجدتها تنتظم القرآن كله، فلا تكاد تخلو منها سورة من سوره، أو موقف من مواقفه.
وكانت فكرة دراسة هذه الظاهرة في القرآن الكريم تلح على حين أتأمل الكون من حولي، فأجدها تنتظم الوجود بأسره أيضاً.
فالأرض تقابلها السماء، والليل يقابله النهار، وكذلك يتقابل الأبيض والأسود والخير والشر، والذكر والأنثى، والصدق والكذب، ويمتد هذا التقابل مع امتداد البصر، وجولان الفكر في كل شيء.
وكنت أربط بين ظاهرة التقابل في الكون، وظاهرة التقابل في الأسلوب القرآني، فيروعني صدق العلي القدير وهو يقول: (ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون)، وأتصور هذه الثنائية الضدية التي تنتظم العالم كله إنما هي دليل على تفرد الله ووحدانيته وتترهه عن الشريك والضد والنظير ولا عجب. فالقرآن الكريم كتاب الكون المفتوح لكل ذي عينين.
وترجع أهمية هذا البحث إلى كون (المقابلة) وهي التي تمثل ظاهرة واضحة في التعبير القرآني، لم تدرس من قبل في بحث مستقل، إذ لم تحظ من الدارسين قديماً إلا ببعض التعريفات المتواترة مع بعض الشواهد من النثر والشعر.
ومن هنا، فإنني اعتقد أن دراسة هذه الظاهرة في القرآن الكريم على نحو متكامل تعتبر أمرا ضروريا، نؤكد به إعجاز القرآن عن طريق التعبير بأسلوب المقابلة في الكلمات والآيات والمواقف، بل وبين السور بعضها والبعض.هذا التعبير الذي كان له الكثير من الأغراض الفنية والدينية، كما سيتضح من هذا البحث.
وهو لهذا يعتبر بحثا جديدا في ميدانه، آمل أن أضيف به إلى بحوث البلاغة القرآنية لبنة تساهم في إعلاء قدرها، كما أرجو أن يكون هذا البحث حافزا لمثلي من الدارسين إلى المزيد من هذه الدراسات وفاء للقرآن الكريم، وإثراء للغته. والمنهج الذي سلكته في هذا البحث هو المنهج التكاملي الذي يمزج بين المنهج التاريخي والتحليلي اللغوي، وكذلك المنهج الفني والمقارن.