كتاب اقتصادنا لـ محمد باقر الصدر
المؤلف: محمد باقر الصدر
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: دار التعارف للمطبوعات – بيروت
الطبعة: العشرون 1408 هـ / 1987 م
عدد الصفحات: 740
حول الكتاب:
“كتاب اقتصادنا وهو من أهم الكتب الحديثة التي كتبت فيما يخص نظرة الإسلام للاقتصاد.هذا الكتاب والذي ألفه المفكر العراقي السيد محمد باقر الصدر يختلف عن الكتب الإسلامية في الاقتصاد أنه يقدم قراءة فلسفية للمذهب الاقتصادي في الإسلام، بعيدا فقط عن نظرية التأصيل أي بعرض النصوص الدينية، بل يقدم فلسفتها والأهم ما يعرضه من مقارنة حقيقية بينها وبين الشيوعية والرأسمالية.الكتاب يخالف الأسلوب الذي انتهجه العديد من الإسلاميين بأن يعاصروا اقتصاديا الموجة التي تجتاح عالمهم، فمثلا كان واضحا في منتصف القرن الفائت تأثر الإسلاميين بالاشتراكية التي اجتاحت عالمهم، واليوم يتوجهون أكثر للرأسمالية التي تجتاح عالمهم أيضا.أبرز النقاط التي جاءت في الكتاب الذي يقع في قرابة 700 صفحة – والتي يمكن الرجوع للكتاب لتوضيح آلية استنتاجها وإخراجها- هي :–الاقتصاد الإسلامي لا يعني علم الاقتصاد السياسي، لأنه حديث الولادة ولأن الإسلام دين دعوة ومنهج حياة وليس من وظيفته ممارسة البحث العلمي، وإنما يعني الطريقة الإسلامية في تنظيم الحياة الاقتصادية بما يملك من رصيد فكري يعتمد عليه ويفسر وجهة نظر المذهب في المشاكل التي يعالجها.–المذهب الاقتصادي للمجتمع عبارة عن الطريقة التي يفضل المجتمع اتباعها في حياته الاقتصادية وحل مشاكلها العملية أما علم الاقتصاد فهو العلم الذي يتناول تفسير الحياة الاقتصادية وأحداثها وظواهرها وربط تلك الأحداث والظواهر بالأسباب والعوامل العامة التي تتحكم فيها، فالمذهب هو الطريقة والعلم هو التفسير، ولذلك نعرف الاقتصاد الإسلامي بأنه مذهب لا علم.–فكرة العدالة هي الحد الفاصل بين المذهب والعلم، والعلامة الفارقة التي تميز بها الأفكار المذهبية عن النظريات العلمية، لأن فكرة العدالة نفسها ليست علمية ولا حسية قابلة للقياس والملاحظة أو خاضعة للتجربة وإنما تقدير وتقويم خلقي.–وظيفة المذهب الاقتصادي هي وضع حلول لمشاكل الحياة الاقتصادية ترتبط بفكرته ومثله في العدالة، وإضافة تعبيري الحلال والحرام في الإسلام تجسيدان للقيم والمثل التي يؤمن بها الإسلام، فمن الطبيعي أن تنتي من ذلك إلى اليقين بوجود اقتصاد مذهبي إسلامي لأن قصة الحلال والحرام في الإسلام تمتد إلى جميع النشاطات الإنسانية وألوان السلوك من الحاكم إلى المحكوم ومن البائع إلى المشتري. وبالتالي هو إما عدل أو ظلم.–لذلك فإن العملية التي يمارسها المؤلف على حد وصفه في هذا الكتاب هي عملية اكتشاف على العكس من المفكرين المذهبيين الذين بشروا بمذاهبهم الرأسمالية والاشتراكية فممارستهم هي ممارسة تكوين المذهب وإبداعه.–يتألف الهيكل العام للاقتصاد الإسلامي من أركان رئيسية ثلاث هي مبدأ الملكية المزدوجة ومبدأ الحرية الاقتصادية في نطاق محدود ومبدأ العدالة الاجتماعية.–في مبدأ الملكية المزدوجة يقر المذهب الإسلامي أشكالا مختلفة للملكية في وقت واحد فيضع بذلك مبدأ الملكية المزدوجة بدلا من شكل واحد للملكية والذي أخذت به الاشتراكية أو الرأسمالية, فيوجد الملكية الخاصة والملكية العامة وملكية الدولة. ويخص لكل واحد من هذه الأشكال الثلاثة للملكية حقلا خاصا تعمل فيه ولا يعتبر شيئا منها شذوذا أو استثناء أو علاجا مؤقتا اقتضته الظروف.–في مبدأ الحرية الاقتصادية يسمح للأفراد على الصعيد الاقتصادي بحرية محدودة بحدود من القيم المعنوية والخلقية التي يؤمن بها الإسلام، فالإسلام يقف موقفه الذي يتفق مع طبيعته العامة فيسمح للأفراد بممارسة حرياتهم ضمن نطاق القيم والمثل التي تهذب الحرية وتصقلها وتجعل منها خير أداة للإنسانية كلها.–وفي مبدأ العدالة الاجتماعية يقوم على مبدئين عامين هما مبدأ التكافل العام ومبدأ التوازن الاجتماعي.–المذهب الإسلامي يقوم على صفتان أساسيتان هما الواقعية والأخلاقية، فواقعيته بأنه يستهدف في أنظمته وقوانين الغايات التي تنسجم مع واقع الإنسانية فلا يدعو لاقتصاد خيالي، وأخلاقي بأنه لا يستمد غاياته التي يسعى إلى تحقيقها من ظروف مادية وشروط طبيعية مستقلة عن الإنسان نفسه، وإنما ينظر إلى تلك الغايات بوصفها معبرة عن قيم ضرورية التحقيق من ناحية خلقية.–الدين هو صاحب الدور الأساسي في حل المشكلة الاجتماعية عن طريق تجنيد الدافع الذاتي لحساب المصلحة العامة.–الاقتصاد الإسلامي هو جزء من تنظيم اجتماعي شامل للحياة ويجب أن يندرج ضمن الإطار العالم لذلك التنظيم وهو الدين فالدين هو الإطار العام لاقتصادن المذهبي.–المذهب الاقتصادي الإسلامي لا يزعم لنفسه الطابع العلمي كالماركسية ولا يجرد نفسه من الأساس عقائدي معين ونظرة رئيسية إلى الحياة والكون كالرأسمالية.–الله تعالى حشد للإنسان في هذا الكون الفسيح كل مصالحه ومنافعه ووفر له الموارد الكافية لإمداده بحياته وحاجاته المادية، ولكن الإنسان ضيع على نفسه هذه الفرصة بظلمه المتجسد في سوء التوزيع وأيضا بكفرانه للنعمة المتجسد في إهماله لاستثمار الطبيعة وموقفه السلبي منها.–العمل سبب لتملك العامل للمادة وليس سببا لقيمتها.–الإسلام لا يحدد عملية التوزيع على أساس الصراع الطبقي في المجتمع وإنما في ضوء المثل الأعلى للمجتمع السعيد وعلى أساس من القيم الخلقية الثابتة التي تفرض توزيع الثروة بالشكل الذي يضمن تحقيق تلك القيم وإيجاد ذلك المثل.–الملكية الخاصة لا تظهر إلا في الأموال التي امتزجت في تكوينها وتكييفها بالعمل البشري دون الأموال والثروات الطبيعية التي لم تمتزج بالعمل، لأن سبب الملكية الخاصة هو العمل فما لم يكن المال مندرجا ضمن نطاق العمل البشري لا يدخل في مجال الملكية الخاصة.–العمل أداة رئيسية للتوزيع بوصفه أساسا للملكية، فمن يعمل في حقل الطبيعة يقطف ثمار عمله ويمتلكها.– الحاجة قبل الملكية: الحاجة أداة رئيسية للتوزيع بوصفها تعبيرا عن حق إنساني ثابت في الحياة الكريمة وبهذا تكفل الحاجات في المجتمع الإسلامي ويضمن إشباعها، والملكية أداة ثانوية للتوزيع عن طريق النشاطات التجارية التي سمح بها الإسلام ضمن شروط خاصة لا تتعارض مع المبادئ الإسلامية للعدالة الاجتماعية التي ضمن الإسلام تحقيقها.–فيما يخص نظرية التداول، فقد منع الإسلام من اكتناز النقد وذلك عن طريق فرض ضريبة الزكاة على النقد المجمد بصورة تتكرر كل عام ولهذا اعتبر القرآن اكتناز الذهب والفضة جريمة، لأن الاكتناز يعني بطبيعة الحال التخلف عن أداء الضريبة الواجبة شرعا لأن هذه الضريبة لدى أدائها لا تفسح مجالا أمام النقد للتجمع والاكتناز، وهكذا يدفع الإسلام المال للبقاء في مجال الانتاج والتبادل والاستهلاك دون تسلله إلى صناديق الاكتناز والادخار.–في المذهب الاقتصادي الإسلامي منطقتان، الأولى قد ملئت من الإسلام بصورة منجزة لا تقبل التبديل ولا التغيير والأخرى تشكل منطقة الفراغ في المذهب وقد ترك الإسلام مهمة ملئها إلى الدولة أو ولي الأمر يملؤها وفقا لمتطلبات الأهداف العامة للاقتصاد الإسلامي ومقتضياته في كل زمان ومكان.–الاختصاص بالأرض حقا أو ملكا محدود بإنجاز الفرد لوظيفته الاجتماعية في الأرض، فإذا أهملها وامتنع عن إعمارها حتى خرب انقطعت صلته بها وتحررت الأرض من قيوده.–لا يوجد للفرد بصورة ابتدائية حق خاص في الثروة الطبيعية يمتاز به عن الآخرين على الصعيد التشريعي مالم يكن ذلك انعكاسا لعمل خاص فيها يميزه عن غيره في واقع الحياة، فلا يختص الفرد بأرض إذا لم يحيها ولا بمعدن إذا لم يكتشف عنه ولا بعين ماء إذا لم يستنبطها ولا بثروة على وجه الأرض أو في السماء إلا إذا حازها وأنفق جهده في ذلك.–العمل مصدر للحقوق والملكيات الخاصة في الثروات الطبيعية التي تكتنف الانسان من كل جانب وبالرغم من أن هذه الظاهرة التشريعية نجدها في كل تلك الأحكام فإننا بالتدقيق فيها وفي نصوصها التشريعها وأدلتها يمكننا أن نكتشف عنصرا ثابتا في هذه الظاهرة وعنصرين متغيرين يختلفان باختلاف أنواع الثروة وأقسامها. فالعنصر الثابت هو : ربط الحقوق الخاصة للفرد في الثروات الطبيعية الخام بالعمل، فما لم يقدم عملا لا يحصل على شيء، وإذا اندمج مع ثروة طبيعية في عملية من العمليات استطاع أن يظفر بحق خاص فيها، فالعلاقة بين العمل والحقوق الخاصة بشكل هي المضمون المشترك لكل تلك الأحكام والعنصر الثابت فيها.–إن المادة التي يمارسها الإنسان المنتج إذا لم تكن مملوكة سابقا فالثروة المنتجة كلها للإنسان وجميع القوى الأخرى المساهمة في الانتاج تعتبر خادمة للإنسان وتتلقى المكافأة منه، لا شريكة في الناتج على أساس مساهمتها في صف واحد مع الإنسان. وأما إذا كانت المادة مملوكة سابقا لفرد خاص فهي ملكه مهما طرأ عليها من تطوير طبقا لظاهرة الثبات.–المذهب الإسلامي في الاقتصاد يفضل الإنفاق الانتاجي على الانفاق الاستهلاكي حرصا منه على تنمية الانتاج وزيادة الثروة، فمنهي بيع العقار والدار لتبديد ثمنه في الاستهلاك.–لو استلم المذهب الاقتصادي الإسلامي زمام القيادة بدلا عن الرأسمالية في عصر ولادة الآلة البخارية لما سمح باستعمال الآلة الجديدة التي ضاعفت الانتاج بقدر ما أطاحت بالآلاف من الصناع اليدويين إلا من بعد أن يتغلب على المشاكل والأضرار التي تجلبها الآلة لهؤلاء لأن التنمية التي تحققها الآلة قبل التغلب على تلك المشاكل والأضرار سوف لن تكون هدف طريق بل هدف غاية.–تطور الانتاج ونموه هو الذي يفرض على الدولة التدخل في توجيه الانتاج والتحديد من مجالات تطبيق القواعد العامة للتوزيع دون أن يمس جوهر القواعد نفسها.“