كتاب الأعمال القصصية ( المجلد الثاني) لـ جمال الغيطاني
كتاب الأعمال القصصية ( المجلد الثاني) المؤلف : جمال الغيطاني اللغة : العربية دار النشر : الهيئة المصرية العامة للكتاب سنة النشر : 1991 عدد الصفحات : 609 نوع الملف : مصور |
حول الكتاب
وقف الزمن فى قصة جمال الغيطانى الأخاذة: “أرض -أرض” وقف عند التاسعة والنصف. نزل صاروخ صهيونى فأصاب آلة الزمن وأوقف العقارب عند التاسعة والنصف، ومع أن أحشاء الآلة قد خرجت فقد ظل شئ ما بداخلها يتحرك، ويتحرك، ثم يعود إلى الوقوف عند التاسعة والنصف! وأصاب الصاروخ آلة البشر أيضاً. أصاب أسرة مصطفى أبو القاسم، مدرس التعليم الابتدائى بقرية كفر عامر -محافظة السويس، فأبادها. ومات آخرون. وفقد الفلاح عبد المنعم أبو العطا السمع والنطق. وجاوز الصاروخ الحد. فأصاب المجتمع القديم فى الصميم مجتمع ما قبل 5 يونيو. وإذا كان بعض هذا المجتمع لا يزال باقياً حتى الآن فهذا هو ظاهر الأمور فقط. أما باطنها فهو رغبة تتجمع. تحتشد. تحتج. تغلى. وتستعد لإزالة آثار العفن والتواطؤ، والتراخى وكل ما أدى إلى النكبة، مما يقبع فى الناس، وأعمال الناس، ومنشآت الناس.، والصاروخ نفسه ينظر إليه جمال الغيطانى متأملا. كأنما هو مخلوق جميل! ينظر إليه كما نظر الشاعر وليم بليك فى قصيدة له إلى النمر، تبرق عيناه فى الظلام. به الجمال الوحشى كله والشر الرابض كله. والأذى الذى لا دافع له.
والقصة توضح فى قصد فنى رائع، وفى صور مركبة -تنبع من لا وعى المدرس ومن وعيه على السواء، وتعبر عن إحساسه بمصر وإحساسه بالعالم معاً- توضح أن المجتمع القديم أعجز من أن يواجه تحدى الصاروخ. أيواجه بالطبيب الذى يكشف على حالة عبد المنعم بالروتين؟ أم بالبك المأمور، الذى يسمع شكوى المدرس مصطفى أبو القاسم فى خليط من الإشفاق والزراية؟ أم بالمسؤول الكبير الذى يأمر بأن يحضر الفلاح عبد المنعم “إليهم” فى غد، ليحول إلى المستشفى، فيهرع إليه تابعه ومعه قلم حبر جاف، ويسجل أمراً لا رصيد له. إذا أردنا أن يعود للفلاح عبد المنعم أبو العطا سمعه ونطقه، فعلينا أن نغير الرجال، والأعمال، والمنشآت. وأن تكون لنا الإرادة وأن نتسلح بالصدق.
قصة جمال الغيطانى أدخلت البهجة إلى فؤادى. هذا هو الأدب الثورى الحق، الذى نبع من النكبة مباشرة. أدب واع، متزن. ما بالقصة من حزن يكفى كى يخلق محيطاً. ولكن القصة -كالجوهرة النادرة- تختزنه كله فى محيطها الصغير، وتتألق به، وتضئ كالماسة السوداء.. حزن دفين، متكبر، لا يبكى لأنه لا فائدة من البكاء، ولأنه يعرف طريقاً آخر أجدى من البكاء، وإلى جوار هذا الحزن، حب دافق لأرض هذا البلد، وناس هذا البلد. يتمثل فى الإشارات الكثيرة، الدقيقة -التى تبدو عابرة- لأحوال البسطاء، وعاداتهم، ورغباتهم. وأفكارهم وكلها تبدى النقد وهى لاتدرى.
والقصة توضح فى قصد فنى رائع، وفى صور مركبة -تنبع من لا وعى المدرس ومن وعيه على السواء، وتعبر عن إحساسه بمصر وإحساسه بالعالم معاً- توضح أن المجتمع القديم أعجز من أن يواجه تحدى الصاروخ. أيواجه بالطبيب الذى يكشف على حالة عبد المنعم بالروتين؟ أم بالبك المأمور، الذى يسمع شكوى المدرس مصطفى أبو القاسم فى خليط من الإشفاق والزراية؟ أم بالمسؤول الكبير الذى يأمر بأن يحضر الفلاح عبد المنعم “إليهم” فى غد، ليحول إلى المستشفى، فيهرع إليه تابعه ومعه قلم حبر جاف، ويسجل أمراً لا رصيد له. إذا أردنا أن يعود للفلاح عبد المنعم أبو العطا سمعه ونطقه، فعلينا أن نغير الرجال، والأعمال، والمنشآت. وأن تكون لنا الإرادة وأن نتسلح بالصدق.
قصة جمال الغيطانى أدخلت البهجة إلى فؤادى. هذا هو الأدب الثورى الحق، الذى نبع من النكبة مباشرة. أدب واع، متزن. ما بالقصة من حزن يكفى كى يخلق محيطاً. ولكن القصة -كالجوهرة النادرة- تختزنه كله فى محيطها الصغير، وتتألق به، وتضئ كالماسة السوداء.. حزن دفين، متكبر، لا يبكى لأنه لا فائدة من البكاء، ولأنه يعرف طريقاً آخر أجدى من البكاء، وإلى جوار هذا الحزن، حب دافق لأرض هذا البلد، وناس هذا البلد. يتمثل فى الإشارات الكثيرة، الدقيقة -التى تبدو عابرة- لأحوال البسطاء، وعاداتهم، ورغباتهم. وأفكارهم وكلها تبدى النقد وهى لاتدرى.