| | | |

كتاب التجربة الدينية بين الوحدة والتنوع لـ توفيق بن عامر

 
a6228 553
كتاب التجربة الدينية بين الوحدة والتنوع

عنوان الكتاب: التجربة الدينية بين الوحدة والتنوع

 

المؤلف: توفيق بن عامر


المترجم / المحقق: غير موجود


الناشر: المركز الثقافي العربي – مؤمنون بلا حدود


الطبعة: الأولى 2013 م


عدد الصفحات: 240

حول الكتاب

إن مفهوم التجربة الدينية المراد تناوله في فصول هذا الكتاب يتمثل في تفاعل الفرد والمجموعة عبر التاريخ مع الظاهرة الدينية ذات المرجعية الواحدة سواء على صعيد الرؤية والتمثل أو التعاطي والممارسة أو الاستلهام والإبداع أو الفكر والنظر. كما تروم هذه المقاربة التركيز على ظاهرة التنوع في تلك التجربة بالرغم من انتسابها إلى مرجعية واحدة هي بمثابة المستند العقائدي المشترك أو النواة الجامعة الموحدة.
 ولا يتعلق غرضنا من هذه الفصول بالحديث عن ظاهرة التنوع في التجارب الدينية ذات المرجعيات المختلفة وذلك لأن تلك الظاهرة تعتبر حقيقة بديهية فضلا عن كونها أمرا باديا للعيان لا يرتاب فيه اثنان ولا يحتاج الباحث في رصده إلى كبير عناء أو عمق نظر. فاختلاف المرجعيات من شأنه وطبيعته أن يفرز التعدد والتنوع في التجارب الدينية لما تنبني عليه تلك التجارب من اختلاف في النظر إلى المقدس وفي أساليب التفاعل معه وغب المنظومات العقائدية التي تستند إليها والتي تشكل رؤيتها للإنسان وللكون ولما وراء الوجود. علاوة على ما يكتنف تلك التجارب من ملابسات تاريخية وحضارية وما يعتورها من طوارئ الزمان والمكان.
لكن الطري وغير السائد في الثقافة الدينية هو التنوع في التجارب الدينية ذات المرجعية الواحدة. وهو تنوع غالبا ما يراد طمسه أو تجاهله وحتى إدانته في سبيل إثبات الوحدة وحرصا على التوقي من شبح الفرقة والاختلاف. وذلك لأن الثقافة الدينية السائدة لا ترى في الاختلاف ثراء فكريا وثقافيا وحضاريا بقدر ما ترى فيه افتراقا وزيغا وانحرافا عن سواء السبيل وعن الصراط المستقيم تخشى مغبته ولا تحمد عقباه.
 وغني عن البيان ما تنبني عليه تلك الثقافة من مصادرة مفادها التسليم بالحقيقة الواحدة المطلقة وعمادها الاعتقاد بأن الحقيقة الدينية لا تقبل التعدد والتنوع وهي مصادرة من شأنها أن تفضي إلى الحجر على العقول وإلى ادعاء امتلاك الحقيقة من طرف واحد وذلك هو الانغلاق والتعصب بعينه. فقد غاب عن أصحاب هذا التصور للحقيقة الدينية أن الوحدة في المرجعية لا تعني بالضرورة الوحدة في التمثل وأن التعدد والتنوع في هذه لا يعني التعدد والتنوع في تلك. كما غاب عن تصورهم أن التنوع يمكن تحقيقه في إطار الوحدة دون إجحاف بها بل دعما وإغناء لأبعادها. بينما لا يمكن لقسر العقول على التوحد إلا أن يفضي إلى تنميط المعرفة مما لا تزداد به تلك الوحدة إلا ضمورا وفقرا وهشاشة في مواجهة عوادي الزمان.
ومع ذلك فالتنوع في التجربة الدينية الإسلامية حقيقة موضوعية لا يمكن جحدها أو إنكارها . وهو تنوع اقتضته المقاربات الدينية المختلفة بين عقلانية ووجدانية وتشريعية وتعبدية وأخلاقية وسلوكية ومثالية وواقعية ونظرية وعملية وفكرية وإبداعية وسياسية واجتماعية وغير ذلك من المقاربات كما اقتضته الأوضاع الإقليمية والتاريخية المختلفة مما ينهض دليلا على أن التمثل للظاهرة الدينية في الإسلام لم يكن تمثلا مستقرا وجامدا ولا تمثلا نمطيا كما يراد تقديمه أحيانا على أنه الحقيقة الواحدة وإنما هو تمثل متنوع التجليات متغير في الزمان والمكان ورهين التعدد في الرؤى والمقاربات الثقافية المتراكمة عبر التاريخ.
وقد حاولنا في هذه الورقات عن نعرض على نظر القارئ النبيه بعض النماذج الممثلة لهذا التنوع في الوحدة انتخبناها من التراث الديني لحضارة الإسلام وأولينا فيها اهتماما خاصا بإسلام الوعاظ وإسلام الفقهاء وإسلام الصوفية والإسلام الطرقي وانتقينا من خلالها ألوانا من الخطاب منها ما اعتمد العقل ومنها ما استلهم الوجدان مع التركيز على كل ما تميزت به تلك الخطابات من أبعاد فكرية وإبداعية.
ولم نكتف في التمثيل لهذا الانتقال من الوحدة إلى التنوع بمجرد العرض والتشخيص للنماذج المشار إليها وإنما اجتهدنا بما في الوسع في تعليل ذلك بأهم العوامل والدواعي الثقافية والاجتماعية والتاريخية وإن كنا قد ركزنا اهتمامنا بشكل خاص على عامل مركزي هو عامل القراءة والتأويل. فألمعنا منذ الباب الأول إلى أصول التأويلية الإسلامية الكلاسيكية وإلى أبرز تياراتها ومناهجها باعتبارها الآلية الأساسية لذلك الانتقال والرحم الأول لإنجاب التنوع في التجربة الدينية الإسلامية بل في الثقافة الإسلامية بوجه عام باعتبارها ثقافة تأويلية بالأساس.

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *