|

كتاب التخلف والتنمية في فكر مالك بن نبي لـ الطاهر سعود

حول الكتاب
شكلت قضية التنمية محوراً مركزياً شغل الفكر الإنساني منذ مطلع النصف الثاني للقرن العشرين، وانتشر هذا المفهوم بشكل واسع بعد الحربين الكونيتين، مؤرخاً لعصر جديد هو عصر التنمية. وازداد الاهتمام به أكثر مع تسارع حركة التحرر السياسي والاستقلال القومي الذي مس شعوب نصف الكرة الجنوبي، ومع مباشرتها لعمليات إعادة بناء الذات من جديد قصد مبارحة وضعية التخلف، والتأسيس لنشقها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي المعبر عن تطلعاتها وأهدافها الاستراتيجية. لتصبح قضية التنمية-بحق-مشكلة العصر، تستلزمها ضرورات المرحلة ويفرضها منطق التحدّي الحضاري الذي يرغب بسببه كل مجتمع أن يتبوأ الموضع المحقق لوجوده ضمن حركة التقدم والتدافع الحضاري العالميين، ويضمن لنفسه مكاناً في ساحة الحدث الإنساني. وقد كان للمفكرين في المنطقة العربية منذ عهد إسهاماتهم في هذا المجال، حيث تؤكد القراءة المتأنية للتراث الفكري المهتم بقضايا التنمية، والذي تراكم منذ عقود عبر تخصصات معرفية عديدة (علم الاجتماع، الانثروبولوجيا، الاقتصاد…) على حقيقة مهمة تتمثل أساساً في ذلك التعقيد الذي تنطوي عليه ظاهرة التخلف كظاهرة بشرية، وعلى الأبعاد المختلفة التي تشكلها… مما نتج عنه تنوع واختلاف في الأطروحات النظرية والمنظورات الفكرية التي حاولت الاقتراب منها قصد فهمها وتحليلها وتفسيرها.
هذا وقد تراكمت طوال العقود السابقة إنتاجات معرفية متنوعة، تناولت بالدراسة والتحليل جوانب كثيرة تتعلق بقضايا التنمية والتخلف، وقدمت دراسات وانتقادات على بعض المسالك التنموية التي اتبعت هنا أو هناك، ونبهت إلى إمكانات الإخفاق والفشل، وطرحت بدائل وتصورات ذات قيمة علمية وعملية تحتاج اليوم إلى نفض الغبار عنها، ومحاولة مقاربتها ودراستها وتقييمها قصد الاستفادة منها.

ومن بين هذه الإنتاجات المعرفة الإسهامات المتميزة التي قدمها المفكر الجزائري مالك بن نبي، والتي اختارها الباحث لتكون محوراً لدراسته التي هي بمثابة رسالته الجامعية لنيل درجة الماجيستير في علم اجتماع التنمية، والتي جاءت تحت عنوان: “التخلف والتنمية في فكر مالك بن نبي”. وقد حاول الباحث معالجة موضوع هذه الدراسة من خلال خطة مركزة، ابتدأها بفصل تمهيدي بيّن فيه أسباب اختياره هذا الموضوع ثم أهميته. ليتناول من ثم في الفصل الأول جهود مدرستي التحديث والتبعية في التنظير السوسيولوجي في حقل التنمية والتخلف مقتصراً على هاتين المدرستين باعتبارهما المهيمنتان في هذا الميدان، وأيضاً من أجل التحكم في جوانب الموضوع، لأن هدف الباحث الذي حدده كان يرمي بشكل تركز إلى إبراز جهود السوسيولوجيا التنموية، والتوسع في تتبع إسهامات مالك بن نبي، والتي تمت معالجتها في الفصلين اللاحقين، حيث تمّ تخصيص الفصل الثاني لإبراز تصور مالك بن نبي لمشكلة التخلف، حيث اختار الباحث أن يبدأه ببحث تحليلي في جوانب حياة هذا المفكر. أولاً: باعتباره مفكراً مغموراً لا يزال مجهولاً لدى الكثيرين. ثانياً: لمحاولة فهم أفكاره التي تنبت في ثنايا الموضوع. ليبرز من ثم طبيعة التخلف وأشكاله وجغرافيته وأسبابه، وبعض التعاريف التي قدمها لها، كل ذلك من منظور مالك بن نبي الخاص.

وفي الأخير حاول الباحث إجراء مقارنة بين بعض أفكار هذا المفكر في هذا الميدان، وبين بعض الأفكار المركزية في كل من نظريتي التحديث والتبعية، وكذا نقد لبعض أفكاره الخاصة: أما الفصل الأخير فقد خصصه الباحث لتتبع جهود مالك بن نبي التنظيرية في كيفية الخروج من التخلف، وقد عنونه بالتنمية من منظور مالك بن نبي، معالجاً فيه إشكالية التنمية من خلال جملة من العناصر الفرعية ابتدأها ببيان إمكانية التغير الاجتماعي كنتيجة للتحليل البناني لعملية التغير الاجتماعي، ليبرز من ثم أسس التنمية وأولوياتها على الصعيدي الداخلي والخارجي، منهياً الفصل بنقد ومحاولة مقارنة لأفكار مالك بن نبي في معالجاته لقضية التنمية، وبين أفكار التحديث والتبعية، لينهي الباحث دراسته بخاتمة ملخصاً لما توصل إليه من نتائج.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *