كتاب الزمانية والمعقولية أو المناظرة الهيدغرية مع هيغل لـ فتحي المسكيني
عنوان الكتاب: الزمانية والمعقولية أو المناظرة الهيدغرية مع هيغل – رسالة دكتوراه
المؤلف: فتحي المسكيني
المترجم / المحقق : غير موجود
الجامعة : جامعة تونس
السنة الجامعية : 2002 / 2003
عدد الصفحات: 1416
حول الكتاب
أطروحة دكتوراه دولة في الفلسفة لفتحي المسكيني ، تحت إشراف علي الشنوفي
—-
فتحي المسكيني اقتحم الهوية من الناحية الهرمينوطيقية وقد سخر لها الألسنية كفضاء خصب يرصد فيه الفضاء الإشكالي المعاصر للهوية .وهذا التوجه الخطير في اقتحام إحداثية “فينومينولوجيا النحن” تفعيلا تاويليا للمشروع الفكري العربي بصفة خاصة أو لنقل أنها كأفق لغوي جديد تستكشف المعنى .
وهذا الاهتمام الفلسفي للتوجه الجديد أعلن عنه الدكتور فتحي المسكيني في أطروحة الدكتوراه الدولة التي تعد من أهم الأطروحات في تاريخ الجامعة التونسية ،من جهة المادة التي سخرها لها فتحي المسكيني من المنابع الأصلية وأعني بالتحديد المصادر الألمانية والانقليزية وأصول منابت الفلسفة العربية الوسيطة .والطاقة التي استنزفها في الترجمة كمحاولات جدية. الهدف منها إخراج مسألة طريفة تدخل بلغة السابقين في إطارا المساجلة بين رائدين من الفكر الغربي وأعني هيغل- هيدجر وقد حدد لرسالته عنوان” المناظرة الهيدغرية مع هيغل”.
فكيف ساهمت هذه المقاربة المعاصرة في استشكال المعقولية الفلسفية؟وماهي رهاناتها الفلسفية في تأسيس خطاب تأويلي يعنى بفينومينولوجيا”النحن”لإعادة بناء مكتسباتنا الايتيقية؟
إنّ المناظرة تكشف عن مشكل يعنى بالمعقولية في تاريخ الأفكار منظورا إليها من جهة تصور هيرمينوطيقي يتضمن في جوهره لحظات الالتقاء والتباعد وفق منظورات متعددة تختزل الكثرة في الوحدة ،لترتفع بمشكلة الإنسان العالمي الذي يظل مرافقا في تجاربه لمنابت متأصلة في التفكير المتعالي وهو يحتفل بتمام كماله مبتهجا بالروح المطلق التي رفعت طور الفكر الإنساني لنهاية نسقيّة يتماثل فيها العقلي بالواقعي وهي رؤية هيغلية نابعة من شغفه بالنسقية والصيرورة التاريخية).
أما الطور الثاني فيجسده هيدجر الذي قد انتهج تمش مغاير لتجاوز التصّور الابسيمولوجي قصد تأسيس التأويلية ضمن مدار إشكالي يعنى بالانطولوجيا. فهو طرح مشروعه التأويلي في التحرير الكامل للتأويلية من هيمنة نظرية المعرفة والنموذج الابستيمولوجي. وذلك قصد الطرح لمشكلتها كمنظوريه جديدة تحترف مسألة . فالسؤال الحقيقي الذي يجب بلورته في مسلكية التفكير الهيدجري الذي يرصد مسألة معنى الكينونة، ليس كيف نعرف؟ في رؤية تحتفل بالممكن الفلسفي من جهة الوجوب والإمكان ،والتي يمكن ترجمتها، ما هي شروط إمكانية الفهم؟ بل ما هو نمط وجود الدازاين الذي يمتاز حضوره ووجوده بالفهم؟ كما إن منهجه ليس متعاليا على شاكلة النقد الكانطي (ترنسندنتالي).
وهو يتخذ منعرجا مختلفا للمنهج الفينومينولوجي لهوسرل الذي يقر بحدس الماهيات وما يطلق عليه”الحدس الايدوسي”الذي يقتضي العودة إلى الأشياء عينها” .ولكن مسلكية الانطولوجيا تهدف لمسارات التعلم والتطور.لتملكها الألسنية كشكل راق في فن الكتابة المعاصرة ،معنى هذا أن التأويلية ترتبط أساسا بمسألة الكينونة التي تقتضي ضرورة نمط وجود الدازاين في العالم قبل ارتباطها بنظرية المعرفة المنبثقة من لدن الذات الإنسانية. فالتأويلية وفق المشروع العربي الذي يطرحه الدكتور المسكيني لايمكن تأويلها في ظل راهنية العصر ومقتضيات العولمة إلا من خلال مراجعته وإعادة بنائه بالعودة وجوبا للمصادر التي نهل منها في ظل حضور التأويلية .
وقد انبجست إرهاصاتها في فلسفة شلايرماخر ودلتاي* الذي يشرح علاقة التجربة الحية ،التعبير والفهم تحديدا على مستوى منهجي صارم .فهو يطور تضمينات هرمنوطيقا علوم الفكر انطلاقا من البيوغرافيا .وليس لهذا الاختيار معنى نسقي ،ولاينبغي له أن يستبق الحكم على موقف تاريخي بيوغرافي .والبيوغرافيا الذاتية تقدم نفسها من أجل استقصاء أساليب عمل الهرمنوطيقية التي هي ملزمة من أجل تفسير تاريخي عالمي فقط لأنها تعطي نموذجا عيانيا من أجل معرفة “كيف يمكن لوعينا أن يعمل لكي يتدبر أمره مع الحياة”(180-181.
التي كان قد استلهم منها هيدجر في بداية مسيرته مفهوم ومشروع التأويلية والذي أعلن عنها بصقة صريحة في ص95 cheminement vers la parole فهي باستذكار السؤال المنسي من لدن تاريخ الفلسفة أي سؤال معنى الكينونة قد توضحت معالمها في كينونة وزمان وتدقيقا عام 1927.
ولكن علينا أن نرصد المشكل الذي يفتتح به المسكيني مشروعه الفلسفي الذي يقترحه في إطار مشكلا معقدا يرتبط بالراهن الذي فرض علينا نمطا جديدا في “فهمنا لأنفسنا أولا” ومقاربتنا فكريا لتاريخ الأفكار بما أن الأرضية التي تحرك أفق التأويل والمعنى تظل رهينة المعقولية .وهي إمكانية لرصد الأفق الابستيمي الذي لا يمكن مجاوزته وتناسيه وهذا ما يجعلنا نستحضر السؤال الذي يفتتح به رسالته منذ الديباجة “ما معنى أن نؤرخ لمسألة “المناظرة الهيدغرية مع هيغل”؟