كتاب الزمن ونسيج النغم : من نشيد أبوللو إلى تورانجاليلا لـ ثروت عكاشة
عنوان الكتاب: الزمن ونسيج النغم : من نشيد أبوللو إلى تورانجاليلا
المؤلف: ثروت عكاشة
المترجم / المحقق : غير موجود
الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب
الطبعة: الثانية 1996 م
عدد الصفحات: 542
حول الكتاب
ما أجمل الطبيعة وما أروع أن ينطلق الإنسان في ربوعها يغترف بعينيه من سحرها ويملأ رئتيه من عبيرها، يناجيها ويسمع همس موسيقاها، يأنس إليها ويستلهمها فتلهم عينيه جمال الصورة وتزين لسمعه حلاوة النغم، وتهدهد خفقات قلبه بالحب والأمل وصفاء الوجدان. غير أن عصرنا الحديث، بما ابتكره العقل الإنساني من آلات معقدة وأجهزة ضخمة عالية الزئير، وأسلحة مرعبة وقودها الناس والطبيعة ذاتها، وما تبع هذا كله من خطو سريع مرهق وأنفاس لاهثة وعيون مشدودة إلى عقارب الزمن قد نحى حواس الإنسان بعيدا عن مواطن الجمال الحق، بل وعما أبدعته يداه من آثار فنية في نصوص أدبية وتماثيل رخامية ومعزوفات موسيقية ولوحات مصورة وصروح معمارية للسكنى والعبادة. فما من شك في أن المنجزات الفنية تلعب دورا أساسيا في تنمية إحساس الإنسان بالجمال وتربية ذوقه وتهذيب مشاعره والارتقاء به إلى المستوى الإنساني الأمثل، إذ لا نزاع في أن قارئ أشعار المتنبي وعمر الخيام وشيلي وكيتس وأراجون وشكسبير يرفض اقتناء الكتابات الهزيلة، كما أن عاشق برامس وبتهوفن يعرض عن الأغاني والموسيقى الرخيصة إعراض عاشق مايكل انجلو والواسطى ورامبرانت وبهزاد عن اللوحات والأشكال القميئة. والحياة تافهة يوم تنحصر متعتها في الأشياء المباشرة النفع، كئيبة حين تدور في فلك الماديات وحدها، في حين تكمن مصادر المتعة الحقيقية في الطبيعة وفي تفتح حسنا لها، حتى لتنبض الفرحة في القلب لرؤية الغسق والأغصان المحملة بالثمار والأزاهير المتراقصة وسط الأضواء الخافتة. إن الإعجاب بالجمال وعبادته مصدر متعة لا ينضب وسلوى لا غنى عنها وخاصة حين تقسو ظروف العيش فتجعل نفوسنا المرهقة أحوج ما تكون إلى عزاء.