كتاب السلطة العامة ومقاومة طغيانها في النظام الوضعي والشريعة الإسلامية ( دراسة مقارنة)المؤلف : راشد عبد الله آل طه اللغة : العربية دار النشر : دار الجبرتي سنة النشر : 2012 عدد الصفحات : 751 نوع الملف : PDF |
وصف الكتاب
في عالمنا الحديث ما من بقعة على وجه اليابسة الا وتدخل في سلطان دولة ما، وأيضاً ما من إنسان على وجه البسيطة الا وينتمى لدولة ما. فلا مندوحة اذا للإنسان وقد كتبت له الحياة على هذه الأرض من العيش مع الاخرين من بنى جنسه في كنف سلطة ما شاء ام ابى فقد أصبح امرا مقضيا على الإنسان ان يتعامل مع السلطة بخيرها وشرها يجنى من خير اعمالها ويكابد شرها وشرارها، تلك السلطة التي تنسب لشخص معنوى هو الدولة. والدولة ظاهرة سياسية وقانونية تعنى جماعة من الناس يقطنون رقعة جغرافية معينة بصفة دائمة ومستقرة، ويخضعون لسلطة عامة. ومن ثم يمكن القول بانه يلزم لوجود الدولة ضرورة توافر الاركان الثلاثة التي استقر الفقهاء والكتاب على ضرورة توافرها لقيام الدولة ونشاتها في نظر القانون العام الداخلى. فإن ما تجدر الاشارة اليه من ناحية اخرى ان الركن الثالث والاخير من بينهما وهو ركن السلطة العامة يمثل بالنسبة للدولة أو ما يوجد فيها من مؤسسات وانظمة سياسية حجر الأساس، اذ بغيرة لاتوجد الدولة ولا تكون هناك انظمة سياسية ولهذا قيل بحق ان الحياة السياسية كلها تتمركز حول ذلك المركب من العناصر المادية والمعنوية الذي يسمى (السلطة). ان السلطة العامة على هذا النحو ظاهرة عامة في كل مجتمع إنسانى وليست ظاهرة قاصرة على مجتمع إنسانى دون غيرة أو على دولة دون اخرى فهى موجودة في كل مجتمع يتمايز فيه الناس بين حاكم ومحكوم، ومتى وجد الحاكم وجدت معه السلطة السياسية ولما كانت الحياة في مجتمع إنسانى لا يمكن تصورها بمعزل عن عن وجود سلطة امرة فيه فإن ذلك يؤذن بالقول بتزامن وجود السلطة السياسية مع أول حياة اجتماعية منظمة عرفتها البشرية مما يعنى أنها موجودة فيما قبل التاريخ المكتوب. فهى قديمة قدم الحياة الاجتماعية ذاتها، واذا علمنا وفقا للراى الراجح في الفقه الوضعى والذى هو عين اليقين في الشرع الإسلامي ان الإنسان لم يعرف حياة العزلة مطلقا فإن هذا يعنى ان السلطة تضرب بجذورها التاريخية إلى بدء الخليقة.