كتاب السودان ونظام الفريق عبود ( 17 نوفمبر 58 – 21 أكتوبر 64) لـ دكتور محمود قلندر
عنوان الكتاب: السودان ونظام الفريق عبود ( 17 نوفمبر 58 – 21 أكتوبر 64)
المؤلف: دكتور محمود قلندر
المترجم / المحقق : غير موجود
الناشر: دار عزة للنشر والتوزيع
الطبعة: الأولى 2012 م
عدد الصفحات: 224
حول الكتاب
يقول الفيلسوف الإغريقي أرسطو طليس في سفر السياسة : ” العالم بستان سياجه الدولة، الدولة سلطان تحيا به السنة، السنة سياسة يسوسها الملك، الملك نظام يعضده الجند، الجند أعوان يكفلهم المال، المال رزق تجمعه الرعية، الرعية عبيد يكنفهم العدل، العدل مألوف وبه قوام العالم”. ويبدو جليا من هذا المنظور الأرسطي أن اختلا العدل هو واحد من العناصر الأساسية التي تؤثر سلبا على مسارات العلاقة التبادلية بين صاحب السلطة، وجنوده، وتوزيع الثروة مساواة بين الرعية ومؤسسات الدولة. وتتبلور نتيجة هذا الاختلال في انقلابات عسكرية، تطيح بنظم الحكم المدنية القائمة، وتأتي بنظم حكم عسكرية، تستمد شرعيتها من شوكة الجند وسلطانهم، وتستأنس في الوقت نفسه ببعض شرائح المجتمع المدني المؤهلة لتسيير مؤسسات الحكم المهنية والفنية. وفي ظل الوضع الانقلابي العارض تضحي السلطة والثروة موطن صراع وجدل بين قطاعات المجتمع المختلفة إلى أن يحسم الأمر لصالح الانتفاضات الشعبية التي تأتي بنظم حكم ديمقراطية، بيد أن فساد النظم الديمقراطية في كثير من الأحيان يفضي إلى عودة المؤسسة العسكرية لسدة الحكم. ويظل الحال في معظم البلاد النامية بهذه الكيفية التي تقضي بتداول السلطة بين النظم الديمقراطية والعسكرية الشمولية، وذلك وفق جدلية تقوم على رفض القطاعات المدنية لاستيلاء المؤسسة العسكرية على السلطة، ورفض المؤسسة العسكرية لفساد النظم الديمقراطية الذي يفضي حسب زعمها إلى تقويض سيادة الدولة.ينطبق هذا المشهد بكلياته وحيثياته الجزئية المصاحبة على سودان ما بعد الاستقلال (1956 – 2009 م)، الذي فقد الحكم الديمقراطي الوليد فيه مساره الصحيح، نتيجة لصراع الأحزاب السياسية والقوى الطائفية غير الرشيد. ومن ثم بزغ فجر النظم العسكرية في السودان في السابع عشر من نوفمبر 1985 م، وأضحى ذلك النظام العسكري يعرف بنظام الفريق إبراهيم باشا عبود (1958 – 1964 م). ولم تحظ حقبة الفريق عبود بدراسة أكاديمية حاذقة تفيدنا عن خلفية ذلك النظام العسكري، وطبيعة الواقع السياسي الذي تخلق فيه، وشرعية المسوغات السياسية التي استندت إليها قادته ومناصروه، والإصلاحات التي قدمها حسب أجندته السياسية المعلنة، والإخفاقات التي صحبة مساره السياسي والإصلاحي، والتحديات التي واجهت النظام وسدنته، ثم أخيرا أفضت إلى عودة الجند إلى ثكناتهم وقيام حكومة ديمقراطية (1964-1969 م) ذات أجل محدود وإشكالات مشتبهة لإشكالات سابقتها. وهنا مربط الفرس.