كتاب العرب ومسألة الاختلاف – مآزق الهوية والأصل والنسيان لـ د.إسماعيل مهنانة
عنوان الكتاب: العرب ومسألة الاختلاف – مآزق الهوية والأصل والنسيان
المؤلف: د.إسماعيل مهنانة
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: منشورات ضفاف – دار الأمان – منشورات الاختلاف
الطبعة: الأولى 1435هـ / 2014م
عدد الصفحات: 159
حول الكتاب:
“لا تزال مشكلة الهوية من أعصى مشاكل الثقافة العربية على الإطلاق، ويعيش الفرد العربي تمزقات نفسية وإجتماعية وسياسية كارثية؛ فقط بسبب الميراث الهووي، ولم يقدم له المثقف العربي أي مخرج لأنه هو الآخر واقع في شراكه، أكثر من الآخرين، والمشكلة بالطبع ليست في الميراث في حدّ ذاته، ولكن في الوعي الذي يجدر تنميته إزاء أي ميراث، فالإنسان كائن متناهي كما يقول ديدرا: “وذلك لأن الكائن النهائي هو وحده من يرث، ونهائيته “تجبره” على هذا؛ إنما تجبره على تلقي ما هو أعظم وأقدم وأقوى وأدوم فيه“.والحق أن كل البرامج التربوية في كل الدول العربية راحت تمعن في التركيز الأعمى على تبني الخطاب اليهودي، وتنشئة الفرد عليه تنشئة حماسية، لقد تحول الفعل التربوي العربي إلى فعل تعبوي، والنتيجة هي ثقافة وطنية تعبوية، وذاتٌ مضخمةٌ ايديولوجياً… وبائسة معرفياً، ينبهنا فتحي المسكيني في هذا الصدد إلى أن الحداثة وليست الأديان هي التي اخترعت فكرة الهوية، مثلما خلقت مقولات “السيادة” و”الإقليم” و”العلم” و”الوطن”، وكلها مركزيات تنحدر رأساً من أساطير الدولة اليعقوبية التي ورثت نظام الحكم بعد الإستقلال.وهنا، يمكن ملاحظة وبسهولة، وفي أي إستقراء تاريخي، أن كل الأنظمة السياسية الشمولية، والفاقدة لأي شرعية ديموقراطية، نتمرس خلف خطابات الهوية، وهي من يحرك الثقافة نحو التعبئة الجماهيرية الشوفينية والقومية، وتضخيم الذات ايديولوجياً، وحتى في الأنظمة الديموقراطية تفعل الحكومات ذلك حين تفشل في حلّ المشاكل الحقيقية والواقعية للمجتمع.يرصد “ستيورات هول” علاقة طردية بين غياب الإرادة العامة التي هي مبرر وشرعية وجود الدولة، وبين تزايد سياسات إستشعار الهوية، وإستشارة رمزياتها قصد الهيمنة، يعبر “هومي بابا” عن ذلك في قوله: “إن ما يبقى دون جواب هو ما إذا كانت العقلانية والقصدية التي تدفع الإرادة الجمعية تتسق مع لغة الصورة الرمزية والتعيين المتشظي للهوية، مما يمثل بالنسبة لــ(هال) وبالنسبة (“الهيمنة” والهيمنة المضادة؛ القضية السياسية الأساسية.ولهذا، نجد أن الفكر السياسي العربي، لم يطرح “مشكلة الهوية” قيد التساؤل الفلسفي، بوصفها مركزية، وإستلاب ايديولوجي، بقدر أخذها كمعطى تاريخي، وإنتماء لغوي/ ديني/ اثني، يجب الدفاع عنه، وإبراز عناصر منه على حساب تغييب عناصر أخرى حسب ما تقتضيه المرحلة وإستراتيجيات السياسة والهيمنة…تأتي هذه المثاربة لمركزيات الهوية في سياق حديث الباحث عن الفكر العربي وتفكيك المركزيات التي عدّها، وإلى جانب مركزيات الهويات على الشكل التالي: مركزية المقدس، مركزية النص والسرديات الثابتة، المركزية الذكورية ومشكلة المرأة، مركزية الزعامة الفردية ومشكلة الديموقراطية.وعلى ذلك، فإن الباحث وفي دعوته إلى ضرورة تفكيك الرمزيات العربية إنما إنطلاقاً من رؤيته بأنها مسألة حقوقية ونضالية تهدف إلى بناء مجتمع صحي خالٍ من التهميش وكل أشكال اللاعدالة، وليست مجرد تأملات فلسفية… ويبقى لدى الباحث تساؤلات مطروحة بإلحاح هل فكرنا يوماً واقعـ”نا” وكينونتـ”نا” بوصفهما تعدداً وإختلافاً؟… أو فكرنا في (أنفسنا) بوصفنا كينونة متعددة وإختلافية؟ لماذا ومن أين ورثنا هذا الإعتقاد الراسخ بكوننا “جواهر”؟ بكوننا وحدات هووية و”مونادات” ميتافيزيقية منغلقة ومكتملة؟…تساؤلات أثارتها مآزق الهوية والأصل لأنه يرى في إعادة قراءة النصوص، وتبديد الإشكاليات القديمة ووضعها في سياقها التاريخي واللغوي هي المهمة العاجلة للفكر حالياً وصولاً للتجاوز المعرفي للإشكاليات اللاهوتية والسياسية التي يتأسس عليها التراث الذي لا يمكن له أن يتنزل أية حلول سريعة للمشكلات الحياتية والوجدية التي تنحدر من هذا التراث اللاهوتي.وبعبارة أخرى، فإن ما يطمح إليه الباحث من طروحاته التي ساقها في كتابه هذا هو إمتلاك الفكر العربي القدرة على تقريب أسئلة التراث إلى الوعي المعاصر، وتفكيك عرى السلط التي أوجدتها، وإزاحة التراكمات التاريخية التي لحقت بها وصولاً إلى خروج العرب من مآزق الهوية والأصل والنسيان.“