كتاب العلم والدين في الفلسفة المعاصرة لـ إميل بوترو

 

4279c 1378672 169002663299000 624689396 nعنوان الكتاب:  العلم والدين في الفلسفة المعاصرة

 

المؤلف: إميل بوترو 


المترجم / المحقق: أحمد فؤاد الأهواني


الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب


الطبعة: 1973


عدد الصفحات: 312


حول الكتاب:

يناقش بوترو في كتابه قضايا كثيرة، مثل: النزعة الطبيعية، ويعالج هذه النزعة ‏عند أوجست كومت، كما يدرس هربرت سبنسر، وهيجل والواحدية، والمذهب النفساني ‏والمذهب الاجتماعي، والنزعة الروحية عند ريتشل. كما يدرس الدين وحدود العلم، ‏ويطرح موضوع الدفاع عن الدين، ويناقش قضية اتجاه العلم نحو الدين، كما يدرس ‏فلسفة العقل، وفلسفة وليم جيمس. 
‏ ولعل خلاصة النظرية التي يطرحها إميل بوترو تكمن في الباب الثاني الموسوم: ‏‏”الدين وحدود العلم: التصور الدوجماطيقي للعلم والتصور النقدي”. تضمن هذا الفصل ‏أربعة فصول اشتملت على قضايا مختلفة تدور حول العلاقة بين الدين والعلم.‏
‏ فقد ناقش في الفصل الأول قضايا، مثل: الدفاع عن الدين قائم على وضع ‏حدود للعلم، والتجربة كمبدأ وحيد للمعرفة العلمية، والقوانين العلمية، ومناهج بسيطة ‏للبحث، وحدود ودلالة التناظر بين المعارف العلمية والوقائع – المجال الذي يتركه العلم ‏بهذا المعنى للدين كي ينمو – المعنى واللفظ: الصفة الممكنة والنسبية للصيغ الدينية. ‏
‏ انتهى العلم، يشير بوترو، بعد محاولات طويلة إلى تحديد منهجه بنوع من ‏الانتخاب الطبيعي، فقد أقام نفسه على أساس التجربة وحدها. ومع ذلك فلا بد من ‏تحديد المديات والقيم الفلسفية للعلم. ويعود إلى مقالة ديبوا ريموند والتي اختتمها بقول: ‏‏”لا أعلم”. والتي لم تزل منذ سنة 1880 م تتعب عقول المفكرين. فقد نص على ألغاز ‏سبعة أربعة منها على الأقل لا تقبل الحل أبداً، وهي: ماهية المادة والقوة، أصل ‏الحركة، أصل الاحساس البسيط، وحرية الإرادة. وذلك بسبب أن هذه المشكلات ‏الأربعة تخرج عن نطاق التجربة. ولذلك إذا كان العلم محدوداً من جهة امتداده فهو ‏محدود من جهة عمقه، فالظاهرة لا يمكن أن تتطابق مع الموجود الذي لا يجرده العلم ‏من عناصر الذاتية والفردية إلا حين يحيله إلى علاقات وقياسات وقوانين. وإذا كانت ‏حدود العلم جلياً نظرياً فهي من الناحية العملية أكثر وضوحاً. فحياة الانسان العملية، ‏وهو الحيوان العاقل، من شروطها غايات يستهدفها الانسان لأنه يقدر أنها مرغوبة أو ‏حسنة أو واجبة. ومن المتعذر على العلم أن يقدم للإنسان فيما يختص بأي غاية مهما ‏تكن من الأسباب الكافية ما يجعله يطلب بحثها لأن العلم يعلمنا أن هذه الوسيلة ‏تفضي إلى تلك النتيجة، وهذا الأمر لا يهمني إلا إذا قررت طلب تلك النتيجة. العلم ‏يقرر وقائع، ويقدم كل ما يعلمنا إياه كواقع. فيجب أن أتمثل الشيء لا كواقع بل ‏كغاية، أي كشيء يمكن ألا يكون موجوداً، بل كشيء يستحق أن يكون موجوداً. ‏والحياة الاجتماعية لا يمكن أن تقنع بمعطيات العلم، لأنها في حاجة لأن تكون عالية ‏خصبة إلى اخلاص الفرد، وإيمانه بالقوانين الانسانية، وحماسته لخير الأجيال القادمة. ‏ولكن العلم لن يقدم للفرد أبداً أسباباً مقبولة لخضوعه وتضحيته . ‏
‏ الحق أن ما طلبه العلم ووجده هو تعريفات فرضية تسمح له بسؤال الطبيعة. ‏فخاصية ذوبان الفسفور في درجة 44 هي جزء من تعريفه، والمبدأ المزعوم بمساواة ‏الفعل لرد الفعل هو جزء من تعريف القوة، ولا شيء من هذه العناصر معطى حقاً، ‏وليس اجتماعها معطى كذلك. ومن كل هذه الاستدلالات يقرر بوترو أنه بموجب هذا ‏المذهب لا يختلف أساساً مجموع المعارف الفعلية الرمزية بواسطة جنس الاعتقادات ‏التي تقوم عليها حياتنا العملية. والعلم لا يمكنه أن يكون أولياً أن يحكم بوجوب استبعاد ‏الاعتقاد البسيط من العقل البشري، ما دام هو نفسه يفترض ذلك الاعتقاد ويستبقيه في ‏جملة المفاهيم الأساسية. فالاعتقاد الديني والايمان، تبعاً لذلك، لا يمكن استبعاده لهذا ‏السبب الوحيد وهو أنه اعتقاد. ولكن العلم يسمح في هذا الصدد للدين يمجال عظيم، ‏لأنه لا يزعم أن له حقاً على جميع صور الموجود، بل يبحث في جوانب الموجود التي ‏لا يمكن أن تنطبق عليها المقولات العلمية دون أن يفكر في انكار أن مقولات أخرى ‏مختلفة قد تلتقي مع الواقع أو في الممكن بمادة تناظرها. ويقرر بوترو بصراحة ‏ووضوح شديدين أن: “وجود الدين ونموه لا يضايقه العلم الحديث بأي حال في نظر ‏المدرسة التي يمكن تسميتها بالتقدمية”‏
‏ أما المنظومة التي تشكل حجر الزاوية التي ينطلق منها بوترو في تحليل طبيعة ‏العلاقة بين الدين والعلم فهي منظومة (اللاهوت المسيحي) إذ نجد تحليل هذه العلاقة ‏مكشوفاً بالإشارة إلى أن العقائد والشعائر الروحية بشكل ما التي تعيش في التجربة أكثر ‏مما تعيش في النصوص، فإما أن يحتفظ الدين بصيغته التي هي بقية علم وحضارة ‏سابقين مع استخلاص المعنى الروحي من المعنى الحرفي والمادي، أو أن يتأثر خطى ‏أمثال القديسين بولس وأثناسيوس وأوغسطين الأكويني فلا يخشى التلائم مع أفكار ‏العصر الحاضر العلمية والفلسفية ليجعل منها الرمز الممكن الدائم بلا شك ولكنه ‏مفهوم مباشرة عند الأجيال المعاصرة للحياة الدينية والأبدية والتي لا يمكن التعبير عنها ‏‏.
‏ أخيراً، يقرر بوترو أن العلم يتجه إلى الدين، وهذا ما يؤكده كثير من الفلاسفة ‏والعلماء المختصين، إذ يؤكدون أن مناهج العلم ومضامينه لا تتعارض مع الدين. وإننا ‏اليوم نبحث في العلم لننفذ منه إلى الدين
 
 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *