كتاب الغباء السياسي كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم ؟ لـ محمد توفيق

94a4c 1 2012113 29264

كتاب الغباء السياسي كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم ؟


تأليف: محمد توفيق


الطبعة الأولى 2012م


الناشر:دار المصري للنشر والتوزيع – القاهرة مصر


الصفحات: 141




حول الكتاب

” صدر حديثًا كتاب تحت عنوان: “الغباء السياسي.. كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم؟ للكاتب محمد توفيق، يتناول فيه الجوانب المختلفة لظاهرة الغباء السياسي؛ فهو يؤصِّل لهذه الظاهرة في التاريخ المصري، فيذكر الكاتب أنَّه مثلما شهد هذا التاريخ الفراعنة العظام، الذين صنعوا الحضارة وغيَّروا مجرى التاريخ- شهد أيضًا الفراعنة الحمقى الذين كانوا سببًا في انهيار دولهم، وأنَّ الأنظمة الفرعونية لم تسقط بسبب الطغيان وحده، وإنَّما بالطغيان المقترن بالغباء؛ فالدول سقطت عندما صار الطاغية غبيًّا، وأصبح لا يدري شيئًا عما يجري حوله، فاختل تقديره للأمور، ولم يعد قادرًا على إحكام سيطرته.

الغباء في التاريخ المصري

ويذكر أمثلة كثيرة للفراعنة الأغبياء، منها:

– “بيبي الثاني” الذي يوصف بأنَّه أول حاكم “غبي” عرفه التاريخ، وبقي في السلطة 94 عامًا، فيما تعاقب على كرسي الحكم ثلاثة ملوك أغبياء، وهم الملك “ساكرع”، و”توت عنخ آمون”، وقد توليا الحكم فترة قصيرة كانا فيها مجرد أداة في يد كهنة “أمون”، إضافة للملك “آي” الذي حكم أربعة أعوام، وكان طاعنًا في السِّنِّ ففشل في إدارة شئون البلاد، وساد الاضطراب والفساد.

ومن الولاة الذين تعاقبوا على حكم مصر واتسموا بالضعف والغباء “الحاكم بأمر الله”، الذي قيل إنَّه أُصيب بالجنون، وحَرَّم أكل “الملوخية”، ومَنَع ارتداء الكعب العالي، وأَمَر الناس بالعمل ليلًا والنوم نهارًا!.

ثم ينتقل الكاتب للحديث عن أسرة “محمد علي”، ذاكرًا أنَّ “الخديوي إسماعيل” فعل كل شيء رغبةً منه في صنع مجد لنفسه يخلده في كتب التاريخ؛ فشيَّد: “كوبري قصر النيل” بأسديه الشهيرين، و”الجمعية الجغرافية”، و”دار الكتب والوثائق”، و”المتحف المصري”، وبنى “ثلاثين قصرًا”، وأنشأ أول “أوبرا” عرفتها مصر، وأسرف في الحفلات الباذخة، ونتيجة لذلك بلغت ديون مصر في عهده نحو 91 مليون جنيه؛ أي ضعف ميزانية مصر حينئذ ما بين 15 و23 مرة!.

وكان “سعيد”- ومن بعده “توفيق”- سببًا في وقوع مصر تحت سيطرة الدولة الأجنبية، خاصة حينما استعان “توفيق” بقوى خارجية لمواجهة ثورة عرابي، بالإضافة إلى مرسومه الغبي بـ”إلغاء الجيش المصري” في 19 سبتمبر 1882م!، الذي اعتبره الكاتب “أغبى قرار اتخذه“.

ويؤكِّد الكاتب أنَّ “الغباء السياسي” يبلغ ذروته حين يصير العسكري حاكمًا؛ إذ يختزل الحاكم العسكري الدولةَ في شخصه، فيجعل من نفسه وصيًّا على الشعب، ومسئولًا لا تُمْكِن مساءلته؛ فيرى نفسه فوق الدستور والقانون.

ويعدد الكاتب الأعمدة التي يقوم عليها حكم العسكر، والمتمثلة في: “بث الذعر والرعب في المجتمع”؛ بحيث تختصر كل احتياجات المواطن المرعوب في “إعادة إحساسه بالأمن”. ويتهم العسكريون المختلفين والمعارضين لهم دائمًا بـ:”الخيانة والعمالة”، كما أنَّهم “يحتكرون الوطنية”، ويعرفونها بأنَّها “الولاء للحكم العسكري وطاعته”، مستخدمًا التعبئة والحشد وسيلة أساسية لاستنفار المواطنين، معتمدًا على إعلامٍ أَجير وغوغائي.

كيف يصل الغبي إلى كرسي الحكم؟!

ويرى الكاتب أنَّ هناك أربع طرق شهيرة وتاريخية يمكن أنْ يصل بها غبي أو متغابٍ إلى كرسي الحكم في مصر:

أولها: التوريث، الذي يكون إمَّا مباشرًا حينما يكون الغبي الوريث الشرعي في النظام الملكي، وإمَّا من خلال التوريث غير المباشر، ويحدث في النظام الجمهوري حينما يرى رجال الرئيس أنَّ مصلحتهم تقتضي أنْ يصبح نجل الرئيس المتوفَّى رئيسًا بتزييف وَعْي الشعب، وتزوير الانتخابات.

والطريقة الثانية لوصول الغبي للحكم: تحصل عندما يكون نائبًا للرئيس، وبمجرد رحيل الحاكم الاستثنائي يصير الكرسي واسعًا على من يأتي خَلَفًا له، وهنا تظهر قدرات النائب الحقيقية، وأنَّ مكانته لم يصل إليها إلَّا باعتباره خادمًا مطيعًا لسيده.

والطريقة الثالثة: بعد ثورة لم تكتمل، نتيجة لظهور الشعور باليأس بين الجمهور، وتفشي روح الإحباط بين الناس، وانتشار الفوضى؛ مما يدفع الناس للقبول بأي شخص يوفر لهم الأمن.

الطريقة الرابعة: في حالة الرحيل والموت المفاجئ للرئيس، دون أنْ يكون هناك اتفاق مسبق على خليفته، وهنا يخرج من الكواليس فجأة شخص لا يستشعر أحد فيه الغدر، بل يظن الجميع أنَّه “غبي” وتسهل السيطرة عليه، لكنه في حقيقة الأمر متغابٍ، وينتظر اللحظة المناسبة ليقفز فوق كرسي السلطة.

ويرى الكاتب أنَّ “أنور السادات” وكذلك “حسني مبارك” جاءا من ذات الباب، حينما أظهرا لمن حولهما أنهما لا يفهمان شيئًا، وأنَّهما مجرد موظفين ينفِّذان الأوامر دون نقاش.

كما يستعرض الكاتب بعض أمراض السلطة التي يعتبر “الغباء السياسي” سببًا في حدوثها أو نتيجة لها، ومنها:

تفشي الهاجس الأمني، واتخاذ احتياطات أمنية كثيرة ومبالَغ فيها، إضافة لعزلة السلطة وافتقادها الحياة الطبيعية؛ فلا يرى صاحب السلطة الحياة إلَّا من خلال تقارير تعكس وجهة نظر من كتبوها.

ويشعر الحاكم “الغبي” بتضخم الذات، وبتوحد الوطن مع ذاته، إضافة لإدمانه للسلطة، والشعور بالتألُّه الذي يؤدي للتجبُّر والاستعلاء والطغيان بلا حدود، وكذلك إصابة الحاكم بنوع من الجمود، والإفلاس، والشيخوخة؛ مما يجعله غير قادر على استيعاب منظومات الحياة الحديثة ومواكبة الأحداث كما ينبغي، ناهيك عن تشبث الحاكم “الغبي” بتوريث السلطة لأحد أبنائه، باعتبار ذلك حبل نجاة من الفناء.

ويوضح الكاتب: كيف استطاع العديد من الشخصيات استثمار “تابو” الغباء، سواء في توصيف الحالة المجتمعية ونقدها، أو في تحقيق أهداف وطنية وأخرى شخصية.

فقد نجح “جحا”- الذي وصفه الكاتب باعتباره “إمام الأغبياء”، و”سيِّد المتغابين”- بنوادره الكثيرة مع الحكام في تأريخ الفترة التي عاشها وللحكام الذين عرفهم.

ولم يكن نقده موجهًا فقط إلى حكام عصره، بل إلى كل المسئولين من أصحاب المناصب الرفيعة.

وصَنَع “إسماعيل ياسين” أسطورته بصورة “الغبي” الحاضرة دائمًا في أفلامه.

وهو ما أحسن النظام السياسي استغلاله ووجد فيه ضالته، من خلال صُنْع صورة ذهنية مختلفة للجيش والشرطة بعد ثورة يوليو؛ فتعلق الناس بأفلام “إسماعيل ياسين”، بل إنَّها عاشت أكثر مما قُدِّر لها.

ويتطرق الكاتب للممثل الكوميدي محمد سعد “اللمبي”، الذي كان خير ممثل للنظام، وأفضل تجسيد للتوقيت الذي ظهر فيه، رغم عدم علاقته المباشرة به؛ فحقَّق الشهرة والمال في ظل حالة من الإحباط كانت سائدة ومسيطرة، وكانت الأفلام الكوميدية هي المتنفَّس الوحيد للناس.

ويرى الكاتب أنَّ وراء كل حاكم “غبي“:

رجلًا أفَّاقًا يرتدي عباءة الدين، وإعلامًا مضللًا، وتعليمًا فاسدًا، وأعوانًا فجرة، وشعبًا مغيَّبًا… فتحوَّل التعليم من قضية قومية إلى قضية أمن قومي، وأصبح فرد الأمن يختار المعلم المثالي، ويقوم بترشيح مديري المديريات التعليمية، وبالتوقيع على أسماء المدرسين الجدد، ويسهم في اختيار أسماء المدارس.

وأصبحت مهمة التعليم خدمة “النظام”، وحَرَصَت الأنظمة المتعاقبة على أنْ تكون مناهج التعليم خالية من الإبداع وتخدم توجهاتها، وصارت تسهم في انخفاض معدلات الذكاء ونشر الخرافات.

ومن ناحية أخرى، يؤكِّد الكاتب أنَّ إعلام “الغبي” يقوم بتزييف الوعي، وتشكيل وعي الجمهور لكي يقبل منظومة السلطة وتوجهاتها، وكذلك إصرار أعوان الحاكم على إحاطته بـ”المنافقين” لإقناع الحاكم بما يريدونه، سواء كان هؤلاء “المنافقون” من العامة أم من كتبة الملوك ووعاظ السلاطين والشعراء والمثقفين والفنانين؟.

هذا إضافة لدور رجال الدين الأفَّاقين الذين تجدهم وراء كل حاكم “غبي” من أجل الترويج لخرافاته، ولخلع صفة القداسة على الحاكم، حتى تصبح “كوارثه” زلَّات و”جرائمه” أخطاء!.

ويرى الكاتب أنَّ 80 مليونًا مصريًّا دفعوا ثمن هذا الكتاب لكنهم لم يقرءوه!، الشعب المصري بكل تياراته وفئاته وطوائفه دفع الثمن؛ البعض دفع حياته، والبعض دفع حريته، والبعض دفع عقله، والبعض دفع عمله، والبعض دفع عزلته، والبعض دفع غربته، والبعض دفع آماله، والبعض دفع ماله… الكل دفع الثمن لكنَّ شيئًا لم يتغير؛ لأنَّ القانون يحمي “المغفلين” إذا صاروا “حُكامًا“!.

يجمع كتاب “الغباء السياسي” بين طرافة الموضوع وبراعة الأسلوب المكتوب به؛ فهو يجمع بين العلمية والسخرية في نفس الوقت. كما تهيمن عليه نزعه سردية طاغية، تكاد تحوِّل بعض فصوله إلى سلسله متصلة من الحكايات. هذا الطابع السردي التاريخي جاء على حساب التحليل المعمَّق، وربَّما يرجع ذلك إلى حرص المؤلف على أنْ يكون كتابُه في متناول القراء العاديين الذين وضع الكتاب من أجلهم.

وقد أفلح الكِتَاب في انتزاع العديد من البسمات بفضل المفارقات المدهشة التي تولدها مواقف “الغباء السياسي“.

وفي الحقيقة فإنَّ هذه البسمات سرعان ما تتحول إلى شعور مضن بالألم؛ لأنَّ “غباء الحاكم” عادة ما يكون ذا أثار مأساويه على الشعوب.” 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *