كتاب الفلاسفة والحرب لـ د. فتحي التريكي
عنوان الكتاب: الفلاسفة والحرب
المؤلف: د. فتحي التريكي
المترجم / المحقق : زهير المدنيني
الناشر: ابن النديم – دار الروافد
الطبعة: الأولى 2015 م
عدد الصفحات: 208
حول الكتاب
يعالج هذا الكتاب قضية الحرب من وجهة نظر مفهومية قد تساعد على تفكيك مقومات هذه الظاهرة التي أصبحت بتطور التكنولوجيا آلة فتاكة قد تصل إلى الطرف الأقصى حسب تعبير كلاوزفيتر ونعني الإبادة الجماعية. وقد كان هذا الكتاب في الأصل أطروحة دكتورا ناقشتها سنة 1974 بجامعة السوروبون بباريس وصدرت في طبعتين باللسان الفرنسي. وبما أن موضوعه ما زال شاغلا مهما من شواغل العصر رأى زميلي الأستاذ زهير المدنيني مشكورا أنه من الضروري نقله إلى اللسان العربي لما يتضمنه من معالجات مفهومية مفيدة لدراسة تطور هذه الظاهرة في عصرنا الحالي ولأن المكتبة العربية تفتقد لمثل هذه الكتب النظرية التي تلقي الأضواء على كيفية فهم الحرب من قبل المفكرين الفلاسفة ومن قبل الإستراتيجيين الكبار الذين قدموا نظريات في الحرب ما زالت حيوية في قيادتها.
…. نعرف أن التجربة الفعلية والعملية للإنسان المعاصر أفرزت علاقات بشرية من نوع خاص قد لا ننتبه إلى مرتكزاتها الأساسية. فقد بينت الأبحاث السياسية أنها – منذ بداياتها – تتسم بالعنف المتواصل الذي يحدث توازنا اجتماعيا نسبيا يقوم على مبدأ الغلبة حيث إن الغالب سيتفانى في إخضاع الطبيعة وما عليها لتكون في خدمته وفي خدمة مصالحه، وفي المقابل سيعمل المغلوب جاهدا على الحفاظ على حياته بكل الوسائل وسيفضل العبودية والقهر أحيانا باعتبار أن مصلحته الأولى تكون أساسا في البقاء، كما بينت الأبحاث أيضا أن وضعية الغلبة في العلاقات البشرية لا تؤدي حتما إلى توازن متواصل للمجتمع. بل قد تفرز حالة عنف متواصلة فتصبح سبب وجود النظام نفسه. فمفهوم الحرب يرتكز أساسا على هذه الجدلية بين القاهر والمقهور حسب تعبير الفارابي أو جدلية السيد والعبد حسب تعبير هيغل. ولعل ظاهرة العولمة تؤكد ذلك فقد دخل الآن العنف بجميع أوجهه ميدان التعامل اليومي والتواصل بين البشر حيث إن تدبير شؤون المجتمعات داخليا وخارجيا قد ارتكز أكثر على النواحي الأمنية العنيفة. وقد لا نخطئ كثيرا إذا قلنا بأن المؤسسات الاجتماعية والسياسية التي تقوم على العنف ” القانوني ” كالجيش والشرطة والمخابرات وغيرها أصبحت اليوم في كل بلدان العالم تقريبا تلعب دورا رئيسيا في صنع التوازن الاجتماعي طلبا لاستتباب الأمن وضمانا للإنماء المتواصل. زد على ذلك أن الدبلوماسية نفسها قد أقحمت الحرب في العلاقات الدبلوماسية وسيلة للتعامل مع البلدان بعدما كانت الملاذ الأخير، فترى البلدان القوية لم تعد تتحرج كثيرا من استعمال الحرب، بل لم تعد تتفادى التقتيل الذي يصيب عامة الناس أطفالا كانوا أو شيوخا ونساء باعتباره الآن نتيجة حتمية لتطور الأسلحة وتطور الاستراتيجية الحربية. كذلك تنامي ظاهرة الإرهاب لا سيما في البلدان المقهورة تجعل من الحرب ظاهرة مصاحبة للتعامل اليومي للبشر.