كتاب الفلسفة الألمانية الحديثة لـ روديجر بوبنر

 
11fa2 570
 كتاب الفلسفة الألمانية الحديثة

عنوان الكتاب: الفلسفة الألمانية الحديثة 

 

المؤلف: روديجر بوبنر 


المترجم : فؤاد كامل


الناشر: دار الثقافة للنشر والتوزيع


الطبعة: غير واردة 


عدد الصفحات: 307

حول الكتاب

أدلى ((جون ستيوارت ميل)) بالملاحظة التالية في ((ترجمته الذاتية)) في معرض حديثه عن ((نسق المنطق)) قال:
 (( من المرجح أن تسود لفترة أطول (وإن كنا نأمل أن يكون ذلك بدرجة أقل) النظرة الألمانية أو القبلية opriori للمعرفة الإنسانية بين أولئك الذين يشغلون أنفسهم بمثل هذه الأبحاث سواء هنا (أي في إنجلترا) أو في القارة، (أي اوربا) . كان ذلك منذ أكثر من مائة عام مضت. ومنذ ذلك الحين، تجاوزت سيطرة الفلسفة الألمانية على العالم الانجلوسكسوني ذروتها، وتحققت آمال ستيوارت ميل بدرجة فاقت كل توقعاته. وتناقصت الالفة كثيرا بالتطورات الفلسفية التي تجري في القارة، عما كانت عليه من قبل، حتى لم تعد لها ولو صورة سطحية معقولة. وأصبح من الشائع أن تصادف الجهل ممتزجا بذلك التحيز القديم القائل بأن المفكرين الألمان يتوهون في التأمل النظري القبلي، ويؤثرون التهويمات الغامضة على التعبير الواضح.
 هذا التغير الذي أجملناه بدأ عند منعطف القرن العشرين، وصادف التجديد الذي تناول الفلسفة الإنجليزية في هذا القرن. وكان برتراند راسل وج.إ.مور قدر رفضا مرة واحدة وإلى الأبد الهيجلية الجديدة الميتافيزيقية التي اعتنقها استاذهما برادلي وماكتاجارت، وذلك حتى يعيد تراث الأجداد التجريبي إلى مكانه الصحيح. وفي هذا الوقت نفسه، رفع كل من جلوتوب فريجه ولودفيج فتجنشتين إلى مرتبة الثقات في بريطانيا وأمريكا، وكان كل منهما قد عانى في بلده من مصير الأنبياء الذين لا كرامة لهم في أوطانهم. بيد أن هطا الموقف الذي يتسم بالمفارقة قد تغير بالتأكيد منذ ذلك الحين، إذ انتهى المطاف بفريجه وفتجنشتين بطريق دائري، ومن خلال المدرسة التحليلية – إلى العالم الناطق بالألمانية شأنهما في ذلك شأن الأعضاء المهاجرين من حلقة فيينا بما فيهم بوبر وأصبحا يؤخذان على نحو جدي بوصفهما منشطين للمناقشة الدائرة في الوقت الحاضر.
 وفي العقود الأخيرة، طرأ على الفلسفة في ألمانيا تغير واضح وسريع. وكان على المدرسة الظاهرية السائدة منذ النصف الأول من هذا القرن، وما برحت نشطة حتى الآن، بفروعها في فلسفات الوجود وعلوم التأويل – كان عليها أن تتصالح مع التقبل المتزايد للفلسفة الوافدة من البلدان الانجلوسكسونية، تلك البلدان التي عمدت إلى احياء الاهتمام بالفلسفة العلم على نحو فعال، بعد أن كانت هذه الفلسفة قد توقفت منذ العشرينيات. وفضلا عن ذلك، كان هناك إحياء لبعض النظريات الكلاسيكية التي شاعت في القرن التاسع عشر، وبخاصة فلسفة هيجل الجدلية، وفلسفة اتباعه من الهيجليين الشبان، وفلسفة ماركس. ومما يدعو إلى الدهشة، ويبعث على الإيحاء من الوجهة الفلسفية أن التيارات المتباينة لا يندفع أحدها إلى جانب الآخر، ومن ثم تحتفظ الاستمرارية، والاستعداد للتلقي. والرغبة في الاحياء، كل باستقلاله عن الآخر. وأحرى بنا أن نقول انه قد نما من تلك العناصر التي وصفناها ذلك الوصف الإجمالي مناخ من النقاش المحتدم، حافل بتبادل الأفكار، زاخر بالمنازعات. وعلى هذا فإن الفلسفة الألمانية المعاصرة أقل تجانسا بكثير من المشهد الإنجليزي – الأمريكي؛ ومع ذلك، وعلى الرغم من تنوع المواقف والبرامج، نستطيع أن نميز في وضوح خيطا واحدا يربط بينها جميعا. ولا تخلو مهمة وصف هذا المشهد من الجاذبية، وإن لم تكن شيئا يسيرا. والمطلوب هو أن نميز الطريقة التي يرتبط بها كل شيء دون أن نتجاهل ذلك التباين. ولا أن نعطي للاتجاهات المختلفة حقها، بينما ينبغي ألا نغفل عن القاء نظرة عامة على التيارات المتباينة. فإذا وضعنا هذا نصب أعيننا، كان لا بد لنا من أن نفهم عنوان ((الفلسفة الحديثة)) بمعناه الواسع. فهو يشير أساسا إلى مرحلة الفلسفة التي تمتد من الحرب العالمية الثانية إلى الوقت الحاضر، وإن كنا نرى من حين إلى آخر أيضا رجوعا إلى العشرينيات والثلاثينيات. ولما كانت الأشياء في حالة تدفق مستمر بطبيعة الأمر، فلا سبيل إلى ادعاء الموضوعية التاريخية، أو الحكم النهائي وفضلا عن هذا، لا يمكن أن يكون هذا المطلب، بأي معنى دقيق للكلمة – سوى مجرد مثل أعلى نطمح إليه، ولكننا لا نبلغه أبدا.
 
 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *