كتاب الفيزياء ووجود الخالق لـ الدكتور جعفر شيخ إدريس
كتاب الفيزياء ووجود الخالق |
عنوان الكتاب: الفيزياء ووجود الخالق: مناقشة عقلانية إسلامية لبعض الفيزيائيين والفلاسفة الغربيين
المؤلف: الدكتور جعفر شيخ إدريس
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: مجلة البيان
الطبعة: الأولى 1422 هـ / 2001 م
عدد الصفحات: 191
حجم الكتاب : 0.8 ميغا
حول الكتاب
ولما كانت الفيزياء تبحث في طبيعة الكون بالمعنى الذي ذكرته، وكان الدين قائما على أن الكون مخلوق لله؛ فقد كانت الفيزياء دائما ذات صلة بقضية وجود الخالق وصفاته. لست أعني بالطبع أن هنالك جانبا من فيزياء يبحث في هذا الموضوع، وإنما أعني أن حقائق الفيزياء يبحث في هذا الموضوع، وإنما أعني أن حقائق الفيزياء ونظرياتها تفسر أحيانا تفسيرا يجعلها متنافية مع وجود الخالق، وتفسر أحيانا تفسيرا يجعلها مقتضية له. لكن مناقشة هذه القضية تتعدى مجال الحقائق والنظريات الفيزيائية، ويتأثر المناقش لها – حتى عندما يكون عالما فيزيائيا مرموقا – بما في مجتمعه وتاريخ قومه من أفكار ومسلمات شائعة. ولذلك يحرص كثير من الفيزيائيين الذي يناقشون هذا الأمر على أنهم لا يتكلمون بوصفهم فيزيائيين خلص، لأن ما يقولونه هو مزيج من حقائق الفيزياء ونظرياتها، وما لهم من تأملات فيها واستنتاجات منها.لذلك فأنا لا أناقش في هذا البحث الحقائق أو النظريات الفيزيائية، وإنما أناقش الطريقة التي استخدم بها هؤلاء الفيزيائيون هذه الحقائق والنظريات في إثباتهم لما أثبتوه أو إنكارهم لما أنكروه مما له تعلق بقضية وجود الخالق. المناقشة مناقشة عقلية تبدأ بالتسليم للفيزيائيين بما يقررون من حقائق، وما يرجحون من نظريات؛ لترى مدى عقلانية الحجج التي استخدموها في استنتاج ما استنتجوه أو ترجيح ما رجحوه مما هو ذو صلة بموضوعنا هذا.لقد كان بإمكان الملحد – قبل مقدم الفيزياء الحديثة – ان يتعلل في إنكاره لوجود خالق للكون بحجتين كانت تبدوان آنذاك علميتين، لقد كان بإمكانه أن يزعم أولا: أن المادة في ذاتها أزلية، وأن العارض الحادث إنما هو الأشكال التي تأخذها تكويناتها المختلفة. وأن يزعم ثانيا: أنه إذا كانت تلك المادة الأزلية هي الذرات مثلا، فقد وجدت الوقت الكافي لتتجمع –بمحض المصادفة- لتأخذ تلك الأشكال العارضة التي يتكون منها عالمنا هذا بما فيه من حياة وعقل.لقد كان المعتقد أن في تينك الحجتين إبطالا لدليلين يعتمد عليهما القائلون بوجود الخالق، أعني (دليل التكوين، ودليل العناية). لم يكن هذا الموقف الإلحادي أمرا تقتضيه فيزياء نيوتن، لكنه كان أمرا لا تمنع القول به فيما يبدو. لكن الفيزياء الحديثة أبطلت تينك الحجتين باكتشافها أن الذرة نفسها تنقسم، وأنه لا شيء يمنع من تحويل المادة إلى طاقة أو تحويل الطاقة إلى مادة، ثم بتبنيها لنظرية (الانفجار العظيم) التي يلزم عنها حدوث هذا الكون المشهود كله بما فيه من زمان ومكان.