| |

كتاب القصيدة والنص المضاد لـ د. عبد الله الغذامي

حول الكتاب
غوص فلسفي في أعماق قصائد شعرية في محاولة لاسكناه ولدى ارتباط الشاعر بكلمات قصائده وما بينها فماذا عنا نحن والقصيدة؟ هذه القصيدة التي مارسنا الكتابة عنها وضدها منذ مجالس النابغة في عكاظ وإلى ما لانهاية. مارسنا ذلك بثقة واطمئنان، ولم تتساءل قط عن قدرتنا أو عجزنا عن الكتابة عن نصوص هي بمثابة القبيلة التي ينتمي إليها والخيمة التي تأوي تحت أطنابها. لم نتساءل عن نصوص كنا نحن بعض ثمارها ولم نستفسر عن قدرة الثمرة على الحديث عن النواة وعن الشجرة. وكنا نزعم دوماً أننا نكتب من خارج النص، من فوق التجربة وبالتالي توهم أنفسنا بأن أحكامنا ونظراتنا موضوعية ونقدية، ونرى أن هناك حاجزاً معرفياً يقوم بيننا وبين النصوص، وهذا الحاجز المتوهم أعطانا حساً بالطمأنينة جعلنا نقفز بأحكامنا ونثق بها، ونفترض أننا منفصلون عن النصوص المدروسة انفصالاً يكفي لحماية تصوراتنا في التلبس بالمدروس أو الانصياع له. ولربما حرصنا على التمرد على النصوص والعدوان عليها إمعاناً في إثبات انفصالنا عنها وكسر الانتماء المتبادل فيما بيننا. تلك صفة يراها الباحث تنطبق على كل الدراسات التي تدعي لنفسها دعوى النظر الموضوعي في تراثها، وهي موضوعية تنسب إلى نفسها دعاوى معرفية وابستمولوجية بأنها مستقلة ومحايدة وبريئة هذه صفات الموضوعية المتوهمة.
ولكن هذا قاد إلى إساءة الحكم نتيجة لإساءة التصور. ذاك لأن العلاقة ما بين العربي والشعر هي علاقة الفرد بالقبيلة، وكما ورد في الأثر الشريف: (لا تدع العرب الشعر حتى تدع الابل الحنين) فالشعر هو صوتنا وهو كلمتنا وهو نحن. فهل يمكننا، إذن، أن ننفصل عن النص وأن نستقل عنه؟ هل تنفصل عن ذواتنا ونتحرر منها لكي نحكم عليها…؟ والباحث يتجه شيئاً فشيئاً إلى استنكار هذا التوهم بالانفصال، ويرى استحالته، ويؤكد على ضرورة الانتقال من وهم الانفصال إلى حقيقة الاتصال، بل ألا يقال في الاتصال من أجل تحقيق الكشف والاستبصار من الداخل، لا من الخارج، وبما أننا جزء من هذه الخيمة فلا أفضل ولا أجمل من الايغال في الدخول فيها والغوص أعمق وأعمق في أغوارها وأعماقها ومن ثم البحث فيها، في داخلها عنها وعنّا. عن الذات وذات الذات.

عن النص ونص النص. وهذا ما يحاوله ويسعى إليه الباحث في هذا الكتاب أن يغوص في الخيمة، ويدخل في الداخل، يكشف في القصيدة عن القصيدة وفي اللغة عن اللغة وفي النص عن النص. وهناك بحث عن ذاكرة النص مقابل ذاكرة الراوي، وعن القصيدة والنص المضاد، وعن اللغة حينما تكون ذاتاً إنسانية ويكون الكذب لعبة من أجل البقاء والحياة، وأخيراً بحث عن الصوت كمضاد لغوي في مقابلة الموت. هذه خطوات الباحث في الدخول والغوص وفي الاستكشاف من الداخل، وكما ينقل الجاحظ فإن سياسة البلاغة أشد من البلاغة وهنا يكون الدخول سياسة في الكشف وتعمقاً في التبصر والنظر.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *