| |

كتاب الملك أوديب لـ توفيق الحكيم

حول الكتاب
أليس من الممكن أن نعرض علي المسرح المادي أمام النظارة، “تراجيديا إغريقية”، مدثرة في غلالة من “العقلية العربية”، يبدو فيها الصراع بين الإنسان والقوى العليا الخفية، دون أن يتجرد الفكر فيها إلي حد يلحقها بالنوع الذهني من المسرحيات؟…
للإجابة عن هذا السؤال عكفت وقتاً ليس بالقصير، علي دراسة “سوفوكل”، وانتهيت إلي انتخاب “أوديب” موضوعاً لاختباري!… لماذا اخترت “أوديب” بالذات؟… لأمر قد يبدو عجيباً… ذلك أني قد تأملتها طويلاً، فأبصرت فيها شيئاً، لم يخطر قط علي بال “سوفوكل”!…
أبصرت فيها صراعاً ليس بين الإنسان والقدر؛ كما أري الإغريق، ومن جاء بعدهم إلي يومنا هذا، بل أبصرت عين الصراع الخفي الذي قام في مسرحية “أهل الكهف”!…
هذا الصراع لم يكن فقط بين الإنسان والزمن، كما اعتاد قراؤها أن يروا، بل هي حرب أخري خفية قل من التفت إليها… حرب بين “الواقع” وبين “الحقيقة”، بين “واقع” رجل بمثل “مشلينيا” عاد من الكهف، فوجد “بريسكا” فأحبها وأحبته!…
وكان كل شئ مهيأ، يدعوهما إلي حياة من الرغد والهناء، فإذا حائل يقف بينهما وبين هذا “الواقع” الجميل!… تلك هي “الحقيقة”!… حقيقة هذا الرجل “مشلينيا”، الذي اتضح ل “بريسكا” أنه كان خطيباً لجدتها!.. لقد جاهد المحبان؛ كي ينسيا هذه “الحقيقة” التي قامت تفسد عليهما “الواقع”!.. ولكنهما عجزا بواقعهما الملموس عن دفع هذا الشئ الغامض غير الملموس، الذي يسمى “الحقيقة”!…
“أوديب” و “جوكاستا”، ليسا، هما أيضاً، سوى “مشلينيا”، و “بريسكا”… لقد تحابان أيضاً؛ فأفسد ما بينهما علمها بحقيقة أحدهما بالنسبة إلي الآخر!… إن أقوى خصم للإنسان دائماً هو: شبح!… شبح يطلق عليه إسم “الحقيقة”، هذا هو باعثي علي اختيار “أوديب” بالذات… لي فيها نظرتي وفكرتي، ولكن بقي التنفيذ… علي أي وجه من الوجوه أتناول هذه “التراجيديا”؟…

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *