| | |

كتاب الولد الشقي في السجن لـ محمود السعدني

حول الكتاب
ولقد سجنت عدة مرات. ولكن لم تتح لى الظروف أن أرى السجن الحقيقى.. الا فى المرة الأخيرة ففى المرات السابقة, كنت واحدا من الوف رجال الصحافة والاعلام, والمشتغلين بالرأى وأمور السياسة. ولم أتعرف رغم محاولاتى الكثيرة على مسجون واحد من هذا الصنف الذى اعتاد الاجرام وأصبح التردد على السجون بعض مشاكله, وبعض هواياته!
ولكن فى سجنى الاخير, قدر لى أن أتعرف على عالم, كنت أذهب الى قبرى حزينا لو مت دون أن أراه. عالم النشالين والقوادين واللصوص, حثالة القاهرة يضمها سجن واحد!.
ففى يوم 16 ديسمبر 1971, حملتنى سيارة مع بعض المحكوم عليهم الى سجن القناطر, وهو سجن أكثر قسوة من سجن الباستيل, لانه خداع. مظهره من الخارج يوحى بأنه مكان شاعرى, يصلح لتجول العشاق والمحبين, فأشجار السرو العالية تخفيه عن العيون, وأشجار الجميز العتيقة تحف به من كل جانب, والرياح المنوفى يتهادى تحت أقدامه معشوشبا مخضوضرا منحدرا نحو الشمال.
ولكن الذى يلج البوابة الخارجية, سيجد نفسه فجأة فى مكان أشبه بمعسكرات الاعتقال. اسوار غليظة تعزل السجن عن العالم, وأبراج حراسة مزودة بالكشافات, والحراس مزودين بالمدافع الرشاشة. وفى فناء السجن يتجول الحراس وقد نزع النظام الصارم المفروض على السجن قلوبهم من صدورهم وتسلحوا بالعصى الغليظة, والسياط. ومع الحراس تتجول عشرات من الفئران الضخمة التى تفر القطط من أمامها وتفسح لها الطريق, وتضرب لها تعظيم سلام. وهى تقرض كل شئ. خشب الماكتب والمقاعد وأبواب الزنازين, وتتحول فى النهاية الى طعام يشارك فى حل أزمة اللحوم فى داخل السجن. فالمسجونون القدماء ينصبون الفخاخ.. لصيدها وشها على النار.. وأكلها.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *