| | | |

كتاب انجلترا وطريق السويس في القرن الثامن عشر لـ د. محمد أنيس

19880227

كتاب انجلترا وطريق السويس في القرن الثامن عشر


المؤلف                    : محمد أنيس

اللغة                       : العربية

دار النشر                : دار الكتب والوثائق القومية

سنة النشر             : 2009

عدد الصفحات        : 134

نوع الملف              : مصور

وصف الكتاب
هذا الكتاب في أصله اجتزاء لفصول من اطروحة دكتوراه تقدم بها الاستاذ الدكتور محمد انيس الى مدرسة التاريخ في جامعة برمنغهام عام 1950 تحت عنوان “Some aspects of British interest in Egypt in the late 18th century (1775-1798)” جوانب من الاهتمام البريطاني بمصر في اواخر القرن الثامن عشر (1775-1798)،بإشراف البروفيسور JA Hawgood استاذ التاريخ الحديث 1946-1964 واستاذ التاريخ الامريكي 1964-1971 في جامعة برمنغهام، والتي امتلك شخصيا نسخة منها حصلت عليها من جامعة برمنغهام وهي بحوزتي الان وقد قارنت الاصل مع الترجمة، وكتبت الكثير من الملاحظات حول الترجمة نفسها، وحول المواضيع المختارة من الفصول والاختزالات التي اقترفها المترجم فأساءت الى النص العربي كما الانكليزي. وقد ترجم هذه الفصول الدكتور عبد الوهاب بكر استاذ التاريخ في جامعة الزقازيق وقدم وعلق عليها هو ايضا، وقام بتصدير الكتاب الدكتور علي بركات.
ولأن الكتاب يستند الى أطروحة دكتوراه في الاصل، كان من الواجب ان اقارن بين النصين العربي والانكليزي كما ذكرت آنفا، وذلك يدفعني بالضرورة الى مناقشة المنهج استنادا الى النص الانكليزي، وان اقسم عرض الكتاب هذا الى عدة اقسام كالاتي:
الترجمة
منهجية الدراسة
مقارنة بين الدراسات الاستشراقية حول “مصر” في الفكر الاوربي الاستشراقي وبشكل خاصة “فرنسا”. مقابل قلة الاهتمام البريطاني بمصر قبل واثناء وبعد الحملة الفرنسية على مصر.
بعض الملاحظات حول الاخطاء الواردة في الترجمة والأصل
ملاحظة حول محمد علي وورد اسمه في احدى الوثائق البريطانية عام 1777 الذي كان عمره في هذا العام ثمان سنوات حيث ولد عام 1769.

الترجمة :
بداية لا بد من تأشير ان المترجم قد قرر ان الدراسة هي خمسة فصول :
الاقتراب الليفانتي الانكليزي نحو مصر
العامل الهندي : اعادة توجيه المصالح البريطانية
اهمية مصر لطريق متصور جديد
التنافس الدولي للتجارة عبر السويس
انهيار الخطط البريطانية في مصر.
ولما رجعت للنص الانكليزي وجدت ان المترجم أهمل الترتيب الذي يستحق الترجمة الكاملة لفهم الكتاب بالشكل الامثل، اذ كان يتوجب على المترجم الا يهمل اول فصلين واكثرهما أهمية، اضافة الى الفصل الاخير الذي يعتبر خلاصة ما سبقه في توجه الانظار البريطانية نحو الدولة العثمانية بشكل خاص.
والفصول في الاطروحة هي كالاتي:
Interest engendered by the Levant Company
Cultural Interest Antiquarian research
British conceptions Of Arab life and Arabic literature
British travellers’ impressions of Egypt
Political and commercial interest the Indian factor : re-orientation of the British interest
The importance of Egypt On an envisaged new route to India
Decline of British interest in Egypt
Growth of the British policy towards the ottoman empire
الكتاب مليء بالأخطاء في الترجمة وطريقة ترتيب النصوص، لم يكلف المترجم نفسه بمحاولة تفسير الكثير من المصطلحات الواردة في الدراسة كما انك حين تقرأ الكتاب لا يمكن ان تمسك فقرة واحدة متكاملة المعنى، بل فيها قطع كثير يقضي على فكرة النص بالكامل مما شوه الكتاب كله.
لماذا ترجمة كل الاطروحة مهمة؟
ان الفصول الاربعة الاولى، هي الأكثر أهمية باعتبارها مرحلة التأسيس للتوجه البريطاني نحو الشرق ومصر تحديدا، ولا يمكن انكار دور الرحالة واهميتهم في انشاء التصورات البريطانية والاوربية عموما حول الشرق، فقد شكلت نصوصهم ورواياتهم الثقل الاكبر في الدراسات الاستشراقية. لكن المترجم أهمل للأسف كل ذلك.
منهج الكتاب :
وانا أقرأ النص العربي، اشعر مباشرة بان الكاتب عربي واشعر بالفرق الكبير بين الدراسات العربية والدراسات الاجنبية العميقة التي تعالج الجزئيات، بينما يرتضي العربي الحصول على نتائج جاهزة لا يتحمل عناء البحث عن أصولها.
ومن ثم قررت ان ابدأ بقراءة النص الاصلي المكتوب باللغة الانكليزية، فلم تختلف نظرتي عنه، فالدكتور محمد انيس قد حصل على وثائق مهمة وغاية في الخطورة، لكنه للأسف لم يتجه لتحليلها بدقة وعناية، واكتفى بقراءة وحيدة لتلك الوثائق مستندا الى العلاقة بين التجارة الانكليزية في الهند والطريق بين الهند وانكلترا عبر مصر. ولم يبحث في العلاقة بين الاستشراق البريطاني المبكر ودوره في التأصيل للتوجه البريطاني نحو مصر.
أهم ما جاء في الكتاب :
نص مثير للاهتمام :
“في سنة 1800 لم يكن حتى معروفا لبعض التجار الانجليز ما اذا كانت مصر تقع في نطاق امتياز شركة الليفانت” النص العربي ، ص 20
” In 1800 it was not even known by some English merchants whether or not Egypt lay within the Levant company’s priglivage” Original text, p.20
وقد بحثت عن مصدر النص فوجدته مقتبسا عن اطروحة لــ Ina Stafford Russell
The later history of the Levant Company, 1753-1825 عن جامعة مانشستر عام 1935 ص 15.
ونص آخر : “ان التجارة الانكليزية لم تستطع ان تصمد امام المنافسة الفرنسية التي امتلكت وضعا قوية للغاية في البلاد يصل الى مستوى الاحتكار، في القاهرة وحدها كان هناك سنة 1702 خمسون تاجرا فرنسيا، وكانت هناك مستوطنات فرنسية في كل من الاسكندرية ورشيد، وفي نفس الوقت كان الوجود الانكليزي لا يعدو انكليزيان يعيشان في القاهرة وواحد في الاسكندرية”. النص العربي، ص 27.
لقد ترك المؤلف والمترجم على حد سواء أهمية هذين النصين في تحليل الاصول الاستشراقية الفرنسية للاهتمام بمصر، وكان حريا بهما ان يشير على الاقل الى اهمية مصر بالنسبة لفرنسا ولماذا ليست مهمة لبريطانيا في تلك الفترة؟
ومن المفيد هنا ان اقتبس من بحث لي نشر في مجلة الحوار الكردية الناطقة بالعربية في اربيل في عددها الصادر بداية الشهر الحالي :
على مدار زمن طويل، لم يكن الاستشراق يستشعر حاجة الى التساؤل عن أصوله ولا عن أسسه، وقد ركن الى وجوده وكان ذلك كافيا له، لكن حركة نزع الاستعمار العامة قد أرغمته على أن يضع نفسه موضع التساؤل، وعلى ان يتساءل ما إذا كان لم يتورط في أغلب الاحيان مع الاستعمار، والحال ان محصلة هذه الأزمة قد تمثلت في تعريف مزودج للاستشراق، هو في آن واحد عقلاني، علمي وغربي.
ليس في وسع المرء – ان يقدم – في مجال حديثه عن مصر والحملة الفرنسية عليها سوى تبسيط بالغ لمجريات الاحداث اذا لم يرجع الى اصول تلك الحملة الضاربة جذورها في التاريخ المؤسسي للاستشراق الفرنسي، الذي بدأ فعليا حين تحول الشرق في مخيلة الفرنسيين الى (مصر و الاسلام) ، لا سيما الرحالة الذين تتوجت أكثر مراحلهم تحقيقا بخلفاء فولتير(سافاري وفولني) الذين أسسا بشكل مشذب صورة الشرق التخيلية في رأس نابليون.
يبدو من الصعب جدا توضيح الاتجاه العام لنشوء الاستشراق الفرنسي الذي مرّ بمراحل متقلبة، فيبدو النتاج الفرنسي عن الشرق و الإسلام اعتبارا من عام 1768 تحديدا بمستوى متوسط حيث تعتبر فترة جزر الاستشراق، اما المد فهو مفاجئ وحاسم اعتبارا من 1768-1772 في حين ان العقد الذي يلي تلك الفترة يتميز بانخفاض طفيف في النمو، أما في عام 1782 فتحدث طفرة تبلغ ذروتها في 1788-1792، وبعد ذلك يحدث انهيار.
ولا يبدو ان الحروب و الصدامات الأوربية في القرن الثامن عشر قد أثرت كثيرا على كمية النتاج الاستشراقي الفرنسي، الا في مرحلة الثورة الفرنسية وحروبها على جميع القطاعات، اذ يهبط النتاج الفرنسي بشكل واسع، ويبدو كأن هناك تغيرا مفاجئا في بؤرة اهتمام الرأي العام يجتمع مع تفكك مباشر لشبكة النشر، وقد وجهت الثورة الفرنسية ضربة قاسية الى استشراق كان في أوج تطوره فيوضح جوزيف لاكانال(1762-1845) السياسي الحاذق وعضو المجمع العلمي الفرنسي : “ان نمو هذه اللغات(الشرقية) المختلفة انما يعد ضروريا، للتعمق في فهم أزمنة آسيا القديمة وآثارها، لكن الأعمال التي من هذا النوع لا تتم بنجاح الا عبر التأمل العميق و الذي لا يتماشى مع الاضطرابات التي لا مفر من أن ترافق الثورات العظمى، فكل مواطن يكرس عندئذ كل وقته للوطن”.
وإذا ما أخذنا في اعتبارنا هذه التباينات والحالة الأقل وضوحا بالنسبة للرحلات، فأن بوسعنا ان نعتبر ان الاتجاه العام هو اتجاه أوربي وليس خاصا بفرنسا، فالأسباب الواحدة لها نتائج واحدة.
ويجب البحث عن سبب هذه التفاوتات في النتاج الاستشراق في تطور الشرق نفسه، فالذروة لأعوام 1728-1732 تتجاوب مع الموقف في فارس، والاضطرابات في القسطنطينية والحرب بين فارس وتركيا، مثلما أن فترة 1737-1742 هي فترة الحرب بين العثمانيين و روسيا والنمسا، أما الركود الذي عرفته السنوات الخمس و العشرون التالية(في النتاج الاستشراقي) فهو معاصر لعهد سلم طويل في الشرق الأدنى، وحرب 1768-1774 ضد روسيا و النمسا هي لحظة حاسما أيضا بالنسبة للاستشراق كما بالنسبة للعلاقات الدولية، ويشهد الاستشراق صعوده مع بدء إثارة المسألة الشرقية، وفي ذلك الوقت بالتحديد جرى طرح المشاريع الأولى لفتح مصر.
خلاصة القول :
ان الكتاب مهم من ناحية فهم العلاقة التنافسية التي لم تكن البتة علاقة منافسة بين انكلترا وفرنسا، وهو مهم اذا ما ازيد عليه توضيحات اخرى مهمة لفهم تطور التصورات الاستشراقية وأثرها في توجيه الوعي الاقتصادي الاوربي تجاه الشرق.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب  

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *