كتاب تاريخ الفكر الأندلسي لـ آنخل جنثالث بالنثيا
عنوان الكتاب: تاريخ الفكر الأندلسي
المؤلف: آنخل جنثالث بالنثيا
المترجم / المحقق: حسين مؤنس
الناشر: مكتبة الثقافة الدينية
الطبعة: غير موجودة
عدد الصفحات: 725
حول الكتاب:
“صنف آنخل جنثالث بالنثيا هذا الكتاب ليضيفه إلى ما حمله بيمينه من آثار كفاحه العلمي، يوم تقدم لامتحانات أستاذية كرسي اللغة العربية بجامعة مدريد، عقب تنازل شيخ المستشرقين الإسبان خليان ريبيرا عن ذلك الكرسي مختارا لينقطع إلى أبحاثه ودراساته عام 1927. وقد حشد بالنثيا بين دفتيه مادة لو فصلت بعض الشيء لملأت مجلدات، ولكنه ألزم نفسه من الإيجاز ما جاوز المألوف، وجمع في نيف وثلاثمائة صفحة أهم ما كان الناس يعرفونه في أيامه عن الفكر الأندلسي، وأهم ما ألفه – بالعربية أو بغيرها – غير المسلمين من أهل الأندلس ما بين نصارى ويهود، وأضاف إلى ذلك خلاصة طيبة جدا لكل الدراسات التي تعرضت لآثار الفكر الأندلسي في الفكر الأوروبي. وإن من يعرف الأمانة البالغة التي اتصف بها جنثالث بالنثيا ليتصور الجهد الذي احتمله حتى يضم ذلك كله في غير حيز !وأين تبلغ ثلاثمائة صفحة ( من قطع صغير ) من ميدان رحب خصب كميدان الفكر الأندلسي ؟ أين هي من الشعر الأندلسي وحده ؟ أين هي من الفلسفة أو من التصوف ؟ أين هي من الطب والفلك والرياضة والنبات وما إلى هذه من فروع الفكر ؟ وأين تبلغ وهي لا تكفي لدراسة علم واحد من أعلام الفكر الأندلسي كابن حزم أو ابن قزمان أو المعتمد أو ابن عربي أو ابن حيان ؟ كم للشعر وكم للنثر ؟ كم للفقه وكم للتفسير ؟ كم للتاريخ وكم للجغرافية ؟ كم للفلسفة وكم للتصوف ؟ كم للطب وكم للنبات ؟ إلى آخر هذه الأسئلة التي تبدو وكأنها معضلات أمام من يتعرض لمثل هذا التأليف.ولكن الله أعانه، واستطاع أن يجمع بين الإيجاز والشمول على نحو قلما يجد له الإنسان مثيلا ، وجاء الكتاب فريدا في بابه، فما نظن أن لدينا كتابا يقاربه في تاريخ الفكر الإسلامي المشرقي مثلا، بل ما نظن أن أحدا أقدم على مثل هذه المحاولة.بيد أن الإيجاز الشديد لم يلبث أن أضر بالكتاب ، فإن الإشارات القصيرة لا تقنع، والاكتفاء بالضروري عن الأهم، وبالأهم عن المهم، كل ذلك انتهى بأن جعل الكتاب خلاصة جافة عسيرة على القارئ، عسيرة على الباحث. ثم إن عدم ذكر المراجع، وإيراد النصوص دون إشارة – ولو تقريبية – إلى أصلها، والاكتفاء باللمحات عن العبارات، وافتراض المعرفة السابقة عند القارئ، كل ذلك وقف بالكثيرين عن الاستعانة بالكتاب – على عظيم قدره – وصرفهم عن ذكره بين مراجعهم، رغم اعتمادهم عليه.لهذا كله رأيت ألا أقتصر في نقل الكتاب على الترجمة سطرا بسطر – فالكتاب كالمروحة الطاوية، كلما فتحتها تبدت رسومها وزادت تفصيلا وحسنا – ولا بد إذن من تفصيل وبيان. ولكن كيف ؟ إن المؤلف نفسه لم يذكر مرجعا ولم يشر إلى أصل إلا إشارة العابر المعجل، فهو يقول : قال ابن حزم كذا ؛ أو قال ابن عربي كيت ، دون أن يذكر أين، والفتوحات المكية وحدها في نيف وألفي صفحة .. أو يقول إن (( الخزرجي )) ألف كتابا في الحديث : أي خزرجي ، وهم في الأندلس ألوف وألوف ؟ وما إلى ذلك مما ألزمه به ظرف خاص، هو نشر الكتاب في سلسلة من كتب المعارف العامة ذات الحجم الواحد الصغير، الذي يحتمله ويقنع به القارئ المطالع أو ملتمس الفائدة اليسيرة.كان لابد من منهج خاص للقيام بهذه الترجمة، منهج يتلخص في ألا أنقل فقرة إلا والأصول التي أخذ المؤلف عنها بين يدي، فإذا كان هذا الأصل إسبانيا أو فرنسيا أو إنجليزيا لم أطمئن حتى أجد بين يدي أصوله العربية بدورها، ثم أطالع هذا كله حتى اعرف على وجه التحديد ما أراد المؤلف قوله في عبارته الموجزة، فإذا كان قد استغنى عن أشياء على اعتبار أن القارئ الإسباني يعرفها، أو ضرب صفحا عن أخرى لأن هذا القارئ الإسباني لا يحتاج إليها، أو استطرد عن أشياء ثالثة لأن الحيز لا يسمح، فإنني لم أر بأسا في إيراد أطراف من هذا كله بين أقواس مربعة، وفاء لمقتضى الكلام أو زيادة في الإيضاح والبيان.ومن هنا لم يكن الأمر ترجمة فقط، بل هو ترجمة وتفسير. وقد رأيت ذلك حقا للقارئ العربي عندي ، إذ أن ميدان الأندلسيات ميدان بكر، وخاصة في فروع الفلسفة والتصوف والطب والفلك والرياضيات، والقارئ لن يفيد كثيرا من كتاب بالغ الإيجاز، وهولن يقنع بإشارات عابرات، إذا نفعت طالب الاطلاع المجرد، لم تنفع من طلب شيئا وراء ذلك.وقد وجدت بعض المشقة في ترجمة عنوان الكتاب وهو Historia de la Literatura Arabigo Espanola، لأن لفظ Literaturaيعني عندنا الأدب بمعناه المحدد الآن، ولكن الكتاب لا يقتصر على الأدب بل يتناول التاريخ والرحلات والفلسفة والتصوف والطب والنبات والفلك والرياضيات، أي نواحي الفكر كلها. وقد اقترح بعضهم أن أقول : الآداب العربية، ولكني رأيت الآداب لا تشمل العلوم، واستقر رأيي آخر الأمر على أن أجعله (( تاريخ الفكر الأندلسي )) ، وبدا لي أن تلك هي أقرب لفظة عربية تعبر عن فحوى الكتاب.وقد تكلفت هذا العناء المحبب ، رغبة مني في أن أسد فراغا ظاهرا في المكتبة العربية، وعناية بكتاب أعتقد أنه من أحسن وأنفع ما صنف المستشرقون؛ فهو يمتاز – علاوة على الشمول – باعتدال في الرأي وإنصاف في الحكم وبعد عن الهوى والعصبية يجعلك تتصور في بعض الفرات أنك تقرأ لكاتب عربي منصف، وإنصافه لا يقوم على الألفاظ بل على عرض الحقائق، لا يقوم على الحماس، بل على الجهد والعمل والصدق والتحقق، وهي صفات امتاز بها هذا العلامة الإسباني الذي عاش عمره كله قارئا كاتبا باحثا محققا، وانتهت حياته بعيد الستين وهو على قمة مجد علمي لا تحققه جماعة كاملة من الباحثين …“