| | | |

كتاب تيارات الفكر الإسلامي لـ د. محمد عمارة

 

1ff24 3e2ef948 2d1f 460e adbf a3a6bafcc6f6عنوان الكتاب: تيارات الفكر الإسلامي 

 

المؤلف: د. محمد عمارة 


المترجم / المحقق: غير موجود


الناشر: دار الشروق


الطبعة: الثانية 1418 هـ / 1997 م


عدد الصفحات: 392



حول الكتاب:

لأمتنا العربية الإسلامية تراث حضاري غني وعريق.. وهذا التراث، ورغم ما اعترى مسيرته من جمود وتوقف وانحطاط، إلا أنه قد ظل تيارا ساريا في عقل الأمة وضميرها ووجدانها – فلم يصبح مجرد ((تاريخ)) -، فتواصلت مسيرتها الحضارية، كما تواصلت حلقات مسيرتها التاريخية، واستعصت، بذلك، على محاولات الاحتواء الحضاري والسحق القومي التي تحداها بها أعداء كثيرون، على امتداد تاريخها الطويل !..
  ولقد تأكدت هذه الحقيقة، أكثر وأكثر، عندما تلمست أمتنا الطريق إلى اليقظة والنهضة والتنوير والإحياء، في القرن التاسع عشر، بعد قرون من الجمود والانحطاط عاشتها تحت سلطان المماليك وتسلط العثمانيين.. فكانت أبرز مدارس اليقظة وأكثرها أصالة وتأثيرا هي تلك التي أخذت تبني الحاضر وتتصور المستقبل امتدادا متطورا لأكثر الصفحات إشراقا وتقدما وعقلانية في تراثنا الحضاري العريق … بينما ظلت مدارس ((التقليد)) و((النقل)) و((التغريب)) مجرد ((هوامش))، لعبت دور ((المثير)) و ((المنبه)) و ((الحافز))، لكنها لم تحصل على شرف ((الانتماء)) إلى ((الكيان العقلي)) الذي يمثل القسمات الأصلية والمميزة لأمتنا وحضارتنا عن غيرهما من الأمم والحضارات !..
  …..تتأكد هذه الحقيقة اليوم… فبعد انحسار المد الاستعماري التقليدي عن أغلب أوطان العرب والمسلمين، عادت الأمة، بالفطرة السليمة، وببداهة هذه الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وهي تبحث عن ذاتها وهويتها، عادت إلى تراثها الحضاري الغني والعميق والعريق، ورأت في إسلامها طوق نجاتها من تحديات السحق والاحتواء !..
  لكن هذه العودة إلى استلهام التراث الحضاري، والنزوع إلى الاحتماء ((بالإسلام الحضاري)) – وهو رسالة أمتنا الخالدة، على اختلاف شرائع أبنائها الدينية يتخذ اليوم صورا وأشكالا تتعدد بتعدد المدارس والتيارات التي تنطلق من التراث وتحتمي به، وترفع له الأعلام والرايات..
 فالبعض يدعو – مخلصا – إلى صب الحاضر والمستقبل في قوالب الماضي، التي صنعها ((السلف)) ظانا أن هذه ((القوالب)) هي ((الدين))، الثابت، الحاكم، المنزل من عند الله ! ..
والبعض يرى أن ((السلف الصالح)) لأمتنا هم ((سلف)) عصورها المظلمة، يوم تراجعت ملكتها عن الخلق والإضافة والإبداع، واكتفت بتقديس النصوص، فقنعت بأن نسجت حول ((متونها)) ((الشروح)) و ((الحواشي)) و ((الهوامش)) و ((التعليقات))!..وأغلقت باب الاجتهاد، لأن الأولين لم يدعوا للآخرين شيئا ذا بال !..
 على حين يرى البعض أن عزة هذه الأمة ومنعتها، وازدهارها الحضاري وقوتها القاهرة لم تتحقق إلا بعطاء ((عقلها)) وإبداع ((عقلانيتها))، عندما اتخذت لنفسها مكانا وسطا، ونهجا متوسطا، هو العدل الذي رفض التطرف ونأى عن المغالاة والانحراف.
فـ ((عقلانيتها)). لم ترفض ((الوحي)) ولم تتنكر ((للنص المأثور)) – كما كان الحال في عقلانية اليونان – وأيضا فهي لم تقف ((لتتعبد)) ((بالنص المأثور))، وإنما وازنت بين ((العقل)) و((النقل))، ووفقت بين ((الحكمة)) و((الشريعة))، وحكمت العقل ولجأت إلى التأويل عندما لاح التعارض بين ظواهر النصوص وبين براهين العقول … فتدينت عندها الفلسفة، كما تفلسف عندها الدين؟ !..
و((عروبتها)): قد رفضت ((الشعوبية))، التي أنكرت على العرب دورهم الرائد والقائد في ((الدولة)) بل وفي ((الدين))، ومن ثم في إيقاظ المحيط الإسلامي الكبير وقيادته إلى التجديد والنهضة … وهي قد رفضت، كذلك، ((عصبية العرب الجاهلية))، تلك التي أرادت تأسيس ((العروبة)) على ((العرق والجنس والاستعلاء))… وبذلك اتخذت للعروبة نهجا وسطا، أسسها على ((الحضارة والثقافة)) المشتركة، وجعل الولاء لها والانتماء إليها والاعتزاز بها معيارا جديدا لمن هو العربي؟ … بصرف النظر عن الأصول العرقية القديمة، وعن الانتماءات الحضارية السابقة على بزوغ نجم الكيان القومي العربي الإسلامي الجديد والوليد..
ومذهبها في ((طبيعة السلطة)): لم ينحرف بها نحو ((الكهانة))، التي تجعل ((الدين)) و ((الدولة)) أمرا واحدا… ولا نحو ((العلمانية))، التي ((تفصل)) وتقطع ما بين ((الدين)) و ((الدولة)) من علائق وصلات… ((فميزت)) بين ((الدين)) وبين ((الدولة))، بين ((الثوابت والكليات)) وبين ((المتغيرات والنظم والنظريات والقوانين))… وأبصرت المجال واسعا للعقل والتجربة، يبدعان نظم الدولة المدنية، في إطار كليات الدين وثوابت الشريعة والوصايا والمثل العليا المنزلة من السماء !..
    وهذا التعدد في المواقع، والتمايز في التصورات، اللذين نشهدهما في ميدان الداعين إلى أن تستلهم أمتنا تراثها الديني والحضاري، نراهما أيضا – وبجلاء ووضوح – في صفحات التراث ! ..
 فلكل مدرسة من مدارسنا الإسلامية المعاصرة ((سلف)) تراه، وحده،((السلف الصالح)) !..
  ولكل تيار من تياراتنا الفكرية الإسلامية المعاصرة منطلق قابع في صفحات التراث !.. وهذه الحقيقة، التي تستعصي على الإنكار، تجعل فهم التيارات الإسلامية الحاضرة مستحيلا إذا نحن افتقدنا الوعي بتيارات الفكر الإسلامي، التي تكون المعالم الرئيسية والبارزة لتراثنا الحضاري، والتي تمثل الخلفية الموجهة والحاكة لعقل الأمة ووجدانها..
  كما أن الوعي بتيارات فكرنا التراثي، في ضوء المسيرة التاريخية لأمتنا، يبرز لنا:
          أي هذه التيارات كان المعبر عن شخصية الأمة، المجسد لآمالها في القوة والتقدم؟..
          وأي هذه التيارات كان ((القيد)) الذي أبطأ بخطو الأمة، حتى أوقعها في مهاوي الجمود والانحطاط؟
          وأي هذه التيارات مثل ((الكهانة)) – الغريبة عن روح الإسلام ((العقلانية- الواقعية)) – في الفكر السياسي وطبيعة السلطة العليا في الدولة؟..
  فالحديث عن تيارات الفكر الإسلامي، في تراثنا، هو حديث عن واقعنا الفكري الراهن !؟… والوعي بحقيقة تيارات الأمس – وهي لا تزال فاعلة وحاكمة – هو إسهام جاد وضروري في تصحيح مسارنا وترشيد مسيرتنا نحو الغد، الذي نريده أكثر إشراقا من اليوم… ونحو المستقبل، الذي نريده أخف قيودا، وأكثر أمنا ورخاء… !
   وتلك هي المهمة التي تنهض بها صفحات هذا الكتاب ..
 
 
 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *