|

كتاب دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها لـ جورج كانغيلام

حول الكتاب
“دراسات في تاريخ العلوم وفلسفتها” هو كتاب عزيز على صاحبه، إذ ما انفك يثريه وينقحه إلى آخر سنة في حياته. وهو يمثّل في النهاية، صورة حقيقية عن تصورات جورج كانغيلام لما سمّاه بالأسلوب الفرنسي في الإبستيمولوجيا، ذلك الذي يربط بباشلار، كما ارتبط بكونت وبرنار، وتتجدّد نضارته في أعمال كانغيلام، وفوكو، ولويس ألتوسير، وفرانسوا داغونيه، ولم لا ميشال سار، ودومينيك لوكو. هذا وأن الترتيب المنطقي والمضموني الذي جاء في الكتاب، ليس هو ترتيبها الكرونولوجي، لأنها تتداخل في ظهورها، والبعض منها يتزامن. وترتيبها بهذه الطريقة يفترض ترتيباً آخرا يجعل القسمين الأولين مقدمات منهجية تبرز فيها الخصائص المميزة لطريقة الكاتب في ممارسة الكتابة في تاريخ العلوم والإيبستمولوجيا.
إذن تتألف هذه الدراسات من ثلاثة أقسام، الأولين من أقسام هذه الدراسات هما الجانب المنهجي أو قل إنها دروس في تاريخ المنهج، كتبها كانغيلام بأسلوبه وطريقته، دروس مطابقة للفترة التاريخية التي يعيشها التقدم العلمي، وهي دروس ما انفك يطورها ويراجعها، ويدعّمها، وهذا ما تؤكده المقتالتان المضافتان من ناحية أولى. وما يؤكده كذلك تصوير كتاب الأيديولوجيا والمعقولية. ولا يمثّل هذا التطور إلا نوعاً من “النداوة الجديدة” التي تبعث في أفكار أو دروس معلم الإبستيمولوجيا الفرنسية غاستون باشلار.

إن القسم المنهجي الذي لا يكاد يمثّل في الواقع نصف الكتاب يمثّل ها هنا جانب التاريخ لهذا الميدان، فمفهوم تاريخ العلوم الذي هو الموضوع الأساسي للدراسات له شهادة ميلاد في أعمال كتّاب القرن الثامن عشر الفرنسيين، وبخاصة فونتونال وكوندورسيه. هذا وإذا كان الطابع الغالب على القسمين الأولين هو هاجس المنهج، فإن الطابع الغالب على القسم الثالث والأخير، والذي يأتي تحت عنوان “بحوث” Investigation هو الممارسة الفعلية لتاريخ العلوم على المواضيع التي اختار كانغيلام أن يعمل عليها طيلة حياته. وهي مواضيع علوم الحياة وما يحف بها من قضايا تتعلق بالنفس، وبالطب من جهة المعقولية، ومن جهة المنزلة الإيبستمولوجية. ويمثّل هذا القسم أكثر من نصف الكتاب، ويمكن إجمال خصائص هذا القسم في المعاني التالية:

أ-إنه يطبق القيم المنهجية المستخلصة في القسمين السابقين، واستبعاد طريقة البحث عن السلف المبشر، والبحث عن تكون المفاهيم وتحولاتها من سياق إلى آخر. ب-الاعتماد على النصوص الأصلية للمبدعين بصورة مباشرة ولا تكاد هذه النصوص تتجاوز نهاية القرن التاسع عشر. ج-إبراز كيفية وشروط نشأة العديد من المفاهيم، كمفهوم الغدة الدرقية، والإفراز الداخلي، والوسط الداخلي، والهرمونية، والبيولوجيا، والمنعكس…، وترابط نشأة هذه المفاهيم، وتداخلها في العديد من الأعمال بحيث إن نشأة مفهوم يفترض الكثير من الأعمال التي تبدو في ظاهرها متباعدة، وحتى متنافرة، ولكنها في الحقيقة تهيئ لبعضها البعض، وهذا ما أكده كانغيلام في فقرة قدّم بها قضايا الفيزيولوجيا. د-إبراز إسهام الأشخاص والتيارات والمدارس، في مسيرة تكون المفاهيم ولو كانت ضئيلة أو غير ظاهرة، أو منسية.

ويحبذ كانغيلام لذلك معرفته بما سمِّي بـ “المكتبة المثالية المختصة” التي باستيعابها يستطيع مؤرخ العلوم أن ينقل بكل حريه نقطة القطيعة لانطلاق معرفة جديدة، أو لتجدّدها على “المجال الخيالي” الكامل لماضي المسائل والقضايا. وهذا ما حاول كانغيلام أن يبرزه في المشكلات الثلاث التي ميّزت تقدم الفيزيولوجيا في القرن التاسع عشر، وهي طاقة الحياة، والانتظامات الفردية أو علم الغدد الصمّاء، والتنسيقات الحسية الحركية أو الفيزيولوجيا العصبية.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *