| | |

كتاب ذكريات أيام السياسة لـ عبد السلام العجيلي

حول الكتاب
بقدر ما كانت ذكريات العجيلي السياسية ذات أهمية لتوصيفها وتأريخها لفترة تاريخية هامة في عمر السياسة السورية، كانت بالقدر نفسه هامة على مستوى العمل الأدبي. فالقارئ لهذه المذكرات سيتفاعل مع شخصية العجيلي السياسية والأدبية في آن معاً. اتسمت هذه المذكرات، أو كما أحب صاحبها تسميتها بالذكريات، بالمصداقية من حيث التأريخ للأحداث الهامة التي احتلت الشارع العربي عموماً والشارع السوري خصوصاً والتي كان أهمها، إلى جانب الأحداث المتزامنة مع الاحتلال الفرنسي، قضية فلسطين، حيث تطوع العجيلي حينها ليكون واحداً من المجاهدين في الجيش العربي. وهنا لا بد من القول بأن للعجيلي في هذه المذكرات أوراقاً هي من الأهمية بمكان وهي تمثل وثائق حول ما رافق نكبة فلسطين في بداياتها.
بالإضافة إلى ذلك، نشر العجيلي في كتابه هذا ما تعلق بالحكومة السورية بالقضية الفلسطينية من موقعه كنائب في البرلمان السوري. فذكريات العجيلي حملت بصمات السنين السياسية وهي ترجع إلى الفترة التي مارس فيها السياسة عندما كان عضواً في مجلس النواب في الأعوام الأخيرة من أربعينات القرن الفائت. ويقول صاحب الذكريات بأنه لم يقصد من تسجيل ذكرياته هذه التأريخ للأحداث السياسية؛ بل إنه رغب في رواية أحداث حياته أيام عمله في الميدان السياسي.

وفي روايته لذكريات الفترة الأولى فارقٌ له أهميته عن روايته للفترة التالية، والتي كان أن أصدرها في كتاب له موسوم بـ”ذكريات أيام السياسة” الجزء الثاني. وكان قد صدر قبل هذا الجزء. والفارق الذي يتحدث عنه العجيلي بين هذين الفترتين: في الفترة الثانية كان يشغل منصباً وزارياً مما يعني أنه كان بمقام الفاعل القادر، أو الذي يحسب نفسه قادراً، على الأمر والنهي، وعلى الإبرام والنقض، أما في الفترة الأولى، التي هي محور هذا الجزء من الذكريات، فقد كان العجيلي في مقام الشاهد أو المراقب أكثر منه فاعلاً حاسماً. مشيراً إلى أن هناك فرقاً آخر يتأثر به القارئ أكثر من كاتبها شخصياً، وذاك يتمثل في الأجواء والأحداث والأشخاص التي والذين تتحدث عنهم هذه الذكريات.

أجواء وأحداث وأشخاص يعودون وتعود إلى زمن مبعد، يقل تعرّف القارئ المعاصر على عناصره وعوامله. هذان الفارقان قد يكونان نقطة ضعف لهذا الجزء من الذكريات أمام الجزء الثاني الذي صدر قبله، وقد يكونان بالعكس نقطة تفضيل لذاك على هذا. والأمر يتعلق بهوى القارئ وبثقافته، وربما بتطلعاته الفكرية وحتى بحلاته النفسية.

هذا من ناحية ومن ناحية ثانية فإنه وحين نفيه عن كتابه هذا صفة التاريخ السياسية، فهو بهذا لا يريد التبرؤ من أثر السياسة، أو من دوافعها، في إنشائه إياه تبرؤاً كاملاً، فهو لم يخف نشاطه فيها ولا هو تنصل من هذا النشاط، كما أنه لم يقصر في بسط آرائه في قضاياه بسطاً واضحاً، إذن فهو لن يخيب ظن أولئك الذين تهمهم السياسة من قرائه في الاطلاع على ما قدمه في هذا المجال في هذا الكتاب، ويحدو أمل في أن يجد هؤلاء القراء في هذا الاطلاع، مع المعرفة المفيدة التي كثيراً ما تكون مؤلمة، أن يجدوا القراءة المشوّقة والممتعة.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *