تحميل كتاب زمن الحب الآخر pdf لـ غادة السمان
تحميل كتاب زمن الحب الآخر pdf اللغة : العربية دار النشر : منشورات غادة السمان سنة النشر : 1988 عدد الصفحات : 156 نوع الملف : PDF |
حول الكتاب
“لولا تلك الذئبة المقيدة في القفص الذهبي… أتجاوز متسللة إلى الحديقة الخلفية حيث الذئبة المقيدة… لا أدري ما الذي يشدني إلى هناك… سمعت عواء طويلاً مريراً خافتاً يعلو ويعلو حتى يستحيل صراخ إنسان يعذبونه بعد أن قطعوا لسانه! وكدت أشهق بدهشة وأنا أرى في الضوء الشاحي أن شارل هو الذي يعوي هكذا. يبكي أو يحتج أو لا أدري بالضبط لماذا… وأنه ملتصق بباب الحديقة الخلفية الصغيرة الذي لا يملك مفتاحها سواه… أسمع صرير الباب، وهو يحني رأسه ليخرج عائداً إلى الدار ويسقط النور على وجهه ويصعقني أن أميز وجهه المغطى بالدموع… وهو يقفل الباب خلفه، يخيل إلي أنه خلف كريستين هنا سجينة في مكان ما… وأسمع صوتها في الريح تكرر العبارة نفسها بحدة لا مثيل لها من قبل. (شارل… أطلق سراح الذئبة… امنحها الحرية… أطلق سراحها… لقد أفسدتها وامتلكتها ودمرتها. ماذا تريد منها بالضبط) حين اختفى شارل دعيت ذاتي بطريقة لم أحسها منذ شهر… وشعرت للمرة الأولى باستعادة أحاسيس الخوف… خفت لماذا أنا هنا، كيف استيقظت هكذا وسط العراء وكأن ما كان مجرداً عمال امرأة منومة مغناطيسياً تسير في نومها وترتكب ما لا تدريه؟… أجل استيقظت فجأة وسط العراء مثل امرأة نامت شهوراً طويلة، كأنني كنت مخدرة في مدينة آكلي اللوتس، حيث لا شيء سوى النسيان والاسترخاء المريح… هذه الذئبة، ماذا قالت؟… وبأية لغة نطقت فحركت الخيط الوحيد الباقي الذي يشدني إلى عالمي العتيق المطغاة؟ وحركت الجنون في أكثر من روح كانت تتوهم أنها ميتة… أنسل إلى الباب دون أن يلحظني أحد وأخرج الدار… وحين تبدو الشمس بالشروق أشعر بالعار والخجل، ويغمرني الماء تدريجياً وبالرمل أدعك وجهي وشعري وثيابي وأفرك بهما يدي جيداً حتى يكاد يسيل الدم منهما وأحس بذهول مخلص لأنني لست خلف طاولتي في مقعد عملي حين شاهدت هناك شروق الشمس أكثر من مرة وحيث مربع خشبي صغير كتب عليه “عيوش”. في “زمن الحب الآخر” تنطلق غادة السمان متجاوزة حدود المألوف في الفكرة الأنثوية، ومجتازة حقول المعروف عن العطاء الأدبي الأنثوي، لتؤكد وبإصرار على كينونة الأنثى كإنسان متجانس المشاعر وكمخلوق غير مستعبد الجسد والروح. ولكتاباتها غادة السمان معنى آخر… فكرتها مختبئ خلف الرمز حيناً، لا خوفاً ولا رهبة ولا مهابة نقد أو قمع أو إمعان في حجر على الكلمة الأنثوية، بل إصراراً وتأكيداً على مقدرة أدبية في توظيف الرمز وإيصال المعنى في زمن المنع.