| |

كتاب فنومينولوجيا الروح لـ هيغل

حول الكتاب
إن مقالة هيغل في فنومينولوجيا الروح نجحت عن عزم فلسفي بعينه، ألا وهو وجوب وضع نسق جمليّ (Ein Gesamtsystem) في الفلسفة، يرتفع بالعنصر الفلسفي إلى مصاف علمية. وهذا هو المطلوب العلي الذي ما انفك هيغل يتعقب تحقيقه منذ أن نزل بإيينا، فهو يذكر لصاحبه شلّنغ في رسالة كتبها في تشرين الثاني/نوفمبر 1800: “لقد كنت خلال تكويني العلمي الذي ابتدأ بحاجات الإنسان الأكثر أوّلانية، مدفوعاً بالضرورة نحو العلم، وكان لا بد أن يتصير مثل طور الشباب على صورة التفكر، فيستحيل نسقاً…” تحقيق الأمثل الفلسفي يعني إذاً عند هيغل الانتهاء بمباحث طور الشباب إلى نسق فلسفة يكون بالجوهر على صورة التفكر.
ذلك هو جنوح الفيلسوف إلى العلمية، وهو جنوح لم يطرأ في طور إيينا وحسب، بل كان كابده هيغل منذ محنة فرانكفورت، أيّان تعني “النكتة الليلية لضيق الكيان” حيث اصطدم المثل الأعلى للتفكير المجرد بماندة الحقيق الشواشي للظواهر. إن انتساخ مثالية التفكير المجرد ضمن وجوب الاضطلاع بجملة الكينونة الحاقة وإرساء ذلك الانتساخ على صورة التفكر الفلسفي يحددان العزم الفلسفي الذي يمثّل على التدقيق المنبَت النظري لفكرة “فنومينولوجيا الروح”. لكن ذلك يعني أيضاً أن هذه الفكرة تنتمي إلى سياق بعينه، أي صيرورة هيغل نفسه فيلسوفاً. إذاً فإن فنومينولوجيا الروح هو نص شرع غيورغ فلهلهم فردريش هيغل (1770–1831) في تأليفه أثناء سداسي الشتاء 1805–1806 وفرغ منه في كانون الثاني/يناير 1807.

إن الغرض من هذا التقديم في طوره الأول هو تقييد فكرة “فنومينولوجيا الروح” من حيث تعيّن مفهوم “الفنومينولوجيا” في الأدبيات الفلسفية التي تتقدم فلسفة هيغل، ثم من حيث تكوين عين الفكرة عند هيغل أثناء طور إيينا (1800-1807)، وسيتم الوقوف في هذا الكتاب بخاصة على وجه صياغة الهيغلية لحروف سؤال البدء في الفلسفة وما آلت إليه معضلة اتصال المنطق بالميتافيزيقا من جهة ما هي منبت فكرة فنومينولوجيا الروح نفسها.

وسيتم النظر في الطبيعة المتميزة لهذا النص التي تجعل منه نصاً متقلباً حتى من صلب عنوانه وفهرسته. ثم سيعرض الكتاب في الطور الثاني المبنى العام لفنومينولوجيا الروح من جهة استشكال العنصر الفنومينولوجي نفسه الذي سيبين على أنه يتركب من شرعين أو نفسين متباينين ألزما فنومينولوجيا الروح بالمرور من علم تجربة الوعي إلى علم إظهار الروح. أما في الطور الثالث فسيتم تقييد المنازل المختلفة لفنومينولوجيا الروح من النسق الهيغلي بالجملة، ثم تفسير اقتران ثلاث دلالات نسقية لهذا الأثر: فنومينولوجيا الروح من جهة ما هي فاغة النسق، والجزء الأول من نسق العلم، بل وبيان نسق الفلسفة في جملته.

والتشديد من ثم وبخاصة على ما يصل فنومينولوجيا الروح بعلم المنطق، أي كونها التبرير النسقي لمفهوم العلم نفسه، لكن رأس الأمر في ما سيذهب فيه هذا التقديم هو الوقوف على ما يختصّ به هذا المصنف النسقي الأول لهيغل من يفاع نظري ونضارة فلسفية يجعلان منه استثناء فلسفياً يخرج ما سيؤول إليه النسق الهيغلي في طوري هايدلبرغ وبرلين من انفلاق صوري حين ستمسي الفلسفة شأناً تعليمياً.

نبذة الناشر:
فنومينولوجيا الروح نص من بين أمهات نصوص الثقافة الغربية الحديثة، لكنه أيضاً متن فلسفي فارد بلغت فيه المثالية الألمانية قصارى ما استطاعت من تفكير فلسفي في جميع أشكال الوعي الإنساني من سياسة وأخلاق وعلم وتاريخ ودين وأدب وفن وفلسفة. رب نص هو حصيد تفكير في تاريخ الإنسانية نفسها!
لقد آثرنا في هذه الترجمة الكاملة لـ فنومينولوجيا الروح أن نقدم إلى القارئ العربي نص 1807 على تحيره وتقلبه وتصيره، وألا نقطع أوصال الجملة الهيغلية وإن تشعبت، وأن نبسط حركة تفكير هيغل وإن كان لانبساطها “ثقل يعيي”: ففي فنومينولوجيا الروح شرع هيغل لأول مرة –إذ بدأ يتملك ناصية نسقه في الفلسفة- في إتباع التمشي الديالكطيقي بما هو الآية على علمية الفلسفة والحياة الخاصة للروح نفسها. لذلك كله، كانت فنومينولوجيا الروح في ذات الآن رأس النسق الهيغلي وجزأه الأول، بل بيانه في جملته.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *