كتاب مقدمة ابن خلدون
عنوان الكتاب : | مقدمة ابن خلدون |
المؤلف : | عبد الرحمن بن خلدون |
الناشر : | دار القلم |
الطبعة : | 1981 |
الصفحات : | 601 |
المجلدات : | 1 |
الصيغة : | مصور |
وصف الكتاب |
تعد مقدمة ابن خلدون إنجازاً هاماً في علم التاريخ الاجتماعي، فقد شرع ابن خلدون في كتابة موضوع التاريخ ثم استرسل في بيان إنجازات الفكر الإسلامي في جميع الميادين. ويدعو هذا العمل إلى التساؤلات الكثيرة وإلى افتراضات طالما ساقها الباحثون المحدثون ودندنوا حولها، مما ستشير إليه لاحقاً إن شاء الله.
ويلفت النظر هذا التبويب وهذه المادة في عرضها وشكلها وسمات المغروض فيها، فابن خلدون عرف بمناحي الثقافة الإسلامية باعتبارها معارف كانت العقيدة الإسلامية سبباً في بحثها، ثم بين العلوم التي نشأت في ظل هذه الثقافة، وكل ذلك في إطار بيان لكتابة التاريخ وعمل المؤرخ فيه.
للتاريخ عند ابن خلدون مفهوم نستطيع أن ندرك قواعده من خلال المقدمة لكتابة التاريخ، أهمها أن التاريخ بؤخذ عن طريق الرواية، فالرواية بقواعدها هي التي تحتسب في هذا الإطار، وإذا كان التاريخ يشتمل على الحوادث السياسية فهو سياسة بالنسبة إلى من عاصر أحداثه، ثم استحال الحدث إلى تاريخ بعد انقضائه، وبالتالي فإن كل حدث يدرس بظروفه وملابساته بمعزل عن ظروف الحدث الآخر وملابساته، فلا يصح القياس الشمولي في هذا الباب البتة.
وأيضاً يلفت ابن خلدون نظرنا إلى تميز النص التاريخي حين يقدم الوقائع التحليلية لكل حدث فيعطف فكرنا على أن النص التاريخي له تميز عن سائر النصوص الأخرى، إذ إنه يحتاج إلى إدراك واقع الحادثة أو الخبر، وهو له علاقة بما يدعوه المحدثون “صدر الخبر” ونطلق عليه في اصطلاح عصرنا “خلفية الخبر”، ولذا فقد بين ابن خلدون الجوانب الجغرافية والفلكية وعرف بضروب من العلوم ومعارف الثقافة الإسلامية، وحتى تعليم الأولاد وكيفية إيصال العلم للمتعلم، وأدلى بملاحظات قيمة هامة يحتاجها المؤرخ لفهم الوقائع والأحداث.
ولم يكتف ابن خلدون بهذا بل بين واقع الرواية، وطبق بعض القواعد النقدية على السند وعلى المتن، فقد نظر إلى الروايات المتعلقة بهارون الرشيد على أنها روايات يدحضها واقع حياة هذا الرجل إذ ثبت عنه أنه كان يحج عاماً ويغزو عاماً، كما قدم تحليلاً هاماً لقضية البطش بآل برمك الذين دلت الروايات على أنهم استولوا أو كادوا على مقاليد الحكم والدولة، فكادوا ينتزعونها من أيدي المسلمين، كما انتقد روايات المؤرخين للسبب الشائع من أن الرشيد بطش بهم بسبب ما فعله البرمكي بأخت هارون الرشيد العباسة، مظهراً أن العباسة لا تفعل مثل هذا، ولا يمكن أن يتصور حدوث هذا وبخاصة أنه مدعى حصوله في مجلس سكر وعربدة، يظهر فيه الرشيد الحصيف سكيراً يلتفت إلى ملذاته.
وكذلك فقد استخدم علم الرواية في انتقاد فكرة المهدي فأطال في هذا، وأنعم النظر حتى إنه رد الفكرة أصلاً، وقد ثبت أنها صحيحة، بيد أنه هنا لم يغص في الروايات الأخرى التي تكلم عليها علماء الحديث، أو أنه تجاهل كلامهم لأنه يظن أن فكرة المهدي فكرة من أصول الفكر الشيعي، ولم يدر في خلده أن بعض العلماء يأخذ بتفسير مفاده أن المهدي عيسى ابن مريم عليه السلام بناء على حديث ضعيف، وهذا الرأي له وجاهة لولا أن الأحاديث الأخرى صحيحة ويرد بعضها هذا التصور.
على أن ابن خلدون لم يتخذ موقفاً حاسماً من الكتب الأخرى التي لا تعتمد الرواية مثل كتب الرحلات، والكتب الخاصة التي لا تعتمد الرواية، وكتب التراجم الخاصة التي تكتب في سيرة شخص له مكانة علية في المجتمع في الميدان السياسي وغيره من مجالات الدولة، فهذه الكتب لا تستحق أن يعول عليها في كتابة التاريخ، وقد أشار إلى رحلة ابن بطوطة ولم ينتقدها، وكذلك أشار إلى كتاب أبي الفرج الأصفهاني “الأغاني” مادحاً إياه ومسبغاً عليه شتى صفات المقبولية، بالرغم من أنه كتاب يحذر منه عند علماء الحديث إذ إن أسانيده فيها مجاهيل، ثم هو يركز على جانب من المجتمع هو جانب اللهو والعبثية فيظهره وكأنه هو التاريخ.
وأخيراً قد يلجأ ابن خلدون إلى الوثائق المحفوظة والسجلات لتدعيم رواية ما كما سيلحظ القارئ في الكتاب، بيد أنه لمي فعل كما يفعل بعض علماء الآثار الذين لا نصيب لهم من الفهم في الاعتماد على الآثار المجردة لفهم المجتمع وتأريخ حياته، فالأثر ليست له قيمة في التاريخ ما لم يكن مدعوماً بالرواية أو الواقع القطعي الحقيقي الذي له قواعد يتفق العقلاء على صحتها. |
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
هل مسموح لنا تنزيل الكتب وقراءتها
جزاكم الله خيرا