كتاب موجز تاريخ الحروب الصليبية في المشرق الإسلامي وشرقي حوض المتوسط لـ رنيه غروسيه
كتاب موجز تاريخ الحروب الصليبية |
عنوان الكتاب: موجز تاريخ الحروب الصليبية في المشرق الإسلامي وشرقي حوض المتوسط
المؤلف: رنيه غروسيه
المترجم : د. أحمد إيبش
الناشر: هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة
الطبعة: الأولى 1435 هـ /2014 م
عدد الصفحات: 159
حول الكتاب
ترجع أهمية الحروب الصليبية بالنسبة لنا إلى أنها تشكل تجربة فريدة في تاريخ العروبة والإسلام على حد سواء، في مشرقها ومغربها. هذه التجربة ليست بحال من الأحوال من التجارب العابرة المحدودة الأثر والنتائج، وإنما هي تجربة كبرى خطيرة مليئة بالدروس والعظات، ينبغي لنا أن نتأملها ونبحثها في كل وقت.وسواء أكان التاريخ يعيد نفسه أو لا يعيد، فمن الواضح أن الأوضاع التي تحيط بالعالمين العربي والإسلامي اليوم تجعلنا نشعر بأننا في وضع أقرب ما يكون إلى الوضع الذي عاش فيه أسلافنا منذ تسعة قرون مضت، الأمر الذي يتطلب منا دراسة تاريخ هذه الحروب الصليبية دراسة علمية وافية.جرى المؤرخون المحدثون في كتابتهم عن الحروب الصليبية على اتخاذ اتجاهين، يتعلق الأول منهما بامتداد الحد الزمني، حتى شمل دراسة ما سبق القرن الحادي عشر الميلادي من أحداث، وما تلى سقوط عكا سنة 1291 م، مما تمت تسميته بالحروب الصليبية المتأخرة في القرنين الرابع عشر والخامس عشر. أما الاتجاه الثاني فينبع من ازياد الاهتمام في الآونة الأخيرة بالظاهرة الحضارية، لما لها من تأثير في توجيه الحملات الصليبية وما ترتب عليها من قيام الإمارات اللاتينية وتنظيماتها.والمعروف أن الشرق الأوسط تعرض أواخر القرن الحادي عشر لحركة استعمار من قبل الغرب لم يشهد لها مثيلا في العصور الوسطى، اتخذت الدين ستارا لإخفاء ما انطوت عليه من مطامع وأغراض. وعلى الرغم من أن الحروب الصليبية تعد أخطر المغامرات التي أقدم عليها المحاربون الأوروبيون وأكثرها إثارة، فلا زالت تؤلف حقيقة ثابتة في العصور الوسطى، إذ أن مراكز الحضارة استقرت قبل نشوب الحروب الصليبية في كل من العالم الإسلامي وبيزنطة، بينما غلب على أوروبا النظام الإقطاعي. فلما ركدت ريح الحرب الصليبية بالقرن الرابع عشر، اختفى في أوروبا ما سبق أن اشتهرت به في مستهل الحركة الصليبية من الروح الدينية والتفكير في الحياة الأخرى، وسيطرت عليها العلمانية والدنيوية، فانصرفت إلى دراسة القانون والفلسفة.وفي العالم الأوروبي اجتمع في الحرب الصليبية الأولى مظهران أساسيان: هما الحج والحرب المقدسة، وكان الحج أقدم هذين المظهرين لأنه يرجع إلى بداية ظهور المسيحية، فلم يلبث الحج أن لقي التوجيه والاهتمام من الكنيسة فأضحى من مظاهر التوبة والاستغفار، وتضاعفت قيمته بما أتيح للحاج بأن يسعى للأراضي المقدسة. وبتأثير الحركة الكلونية، التي بدأت نشاطها في القرن العاشر ازداد نشاط حركة الحج، ولم يلبث هذا النشاط أن تحول إلى الحرب المقدسة في القرن الحادي عشر الميلادي، بعد أن ارتفع شأن البابوية وصارت لها السيادة على سائر الكنائس الأوروبية بفضل سلسلة من البابوات الأقوياء، أمثال غريغوار السابع وأوربان الثاني. إذ حضت البابوية على نبذ الحروب الداخلية بين أمراء الإقطاع، وتوجيهها ضد غير المسيحيين. وأكثر ما امتاز به أوربان أنه دعا إلى تحول القتال إلى الشرق الإسلامي وانتزاع الأراضي المقدسة من أيدي المسلمين. فالموجة العارمة من الحماس والعاطفة التي اجتاحت غرب أوروبا وحشدت الألوف من الرجال والنساء تحت ألوية أمثال بطرس الناسك وغوتييه سانزافوار (المفلس)، تعتبر مرحلة هامة في التاريخ.