كتاب نحن والتراث لـ محمد عابد الجابري
كتاب نحن والتراث – قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي اللغة : العربية دار النشر : المركز الثقافي العربي سنة النشر : 1993 عدد الصفحات : 329 نوع الملف : مصور |
وعلى الرغم من تعدد هذه القراءات، إلا أنها تصنف منهجياً قراءة واحدة إذ هي تصدر عن رؤية واحدة، وهي تتجاوز البحث الوثائقي والدراسة التحليلية، وتقترح صراحة، وبوعي، تأويلاً يعطي المقروء “معنى” يجعله في آن واحد، ذا معنى بالنسبة إلى محيطه الفكري، الاجتماعي، السياسي. على أن هذه القراءات حظيت وعند صدور الكتاب في عام 1980 ما شجّع الباحث على إعادة طبعه، فقد حظي الكتاب باهتمام النقاد المشتغلين بالتراث الفلسفي الإسلامي فناقشوا بعض القضايا والأطروحات التي يتضمنها بروح علمية لا غبار عليها.
من هنا رأى المؤلف إدراج بعض الإضافات من مثل إضافة دراسة جديدة عن ظهور الفلسفة في المغرب والأندلس مع مشروع قراءة لرسالة “تدبير المتوحد” لابن باجة وذلك تتميماً لبعض جوانب الصورة التي يطمح هذا الكتاب إلى رسمها عن وضعية الفلسفة الإسلامية وتاريخها، بالإضافة إلى ردود الباحث حول التساؤلات والاعتراضات التي أثارها بعض النقاد والتي رأى بأنها تغني الموضوع وتعدّ من جانبهم مساهمة في تعميق وتطوير نظرة الباحث إلى الأمور. حيث تركزت معظم تلك التساؤلات والاعتراضات وبصورة رئيسية حول بعض قضايا المنهج والرؤية التي يقترحها الكتاب معزولة عن مقدماتها ونتائجها وأيضاً عن تطبيقاتها. فالتساؤل مثلاً حول مدى إمكانية الفصل بين الإيبستمولوجي والأيديولوجي في الفكر الفلسفي سؤال يعتبره الباحث مشروع تماماً، إلا أنه يرى بأن جانب التشكيك فيه سيصبح غير ذي موضوع عندما يتعلق الأمر بالفلسفة الإسلامية التي كانت ذات “وضعية” خاصة تختلف عن وضعية الفلسفة اليونانية والفلسفة الأوروبية الحديثة.
ولقد حدّد الباحث إطار هذه الوضعية عندما قال، وأكد القول، بأن الفلسفة الإسلامية، في نظره، لم تكن قراءة متواصلة ومتجددة باستمرار لتاريخها الخاص، كما هو الشأن بالنسبة للفلسفة اليونانية والفلسفة الأوروبية الحديثة، بل كانت بنظر قراءات مستقلة لفلسفة أخرى هي الفلسفة اليونانية، قراءات وظفت المادة المعرفية نفسها لأهداف أيديولوجية مختلفة متباينة. وتبقى هناك مسائل أخرى يعرض لها الباحث في محاولة لإغناء قراءاته هذه في التراث الفلسفي الإسلامي من خلال أبرز وجوهه: الفارابي، ابن سينا، ابن باجة، ابن رشد، ابن خلدون.
نبذة الناشر:
هذه “القراءات المعاصرة” لجوانب أساسية من تراثنا الفلسفي أنجزها مفكر بارز من مفكري المغرب، مساهمة منه في المجهود المتواصل على صعيد الفكر العربي المعاصر من أجل إقرار طريقة ملائمة في التعامل مع التراث.
ورغم أن هذه القراءات قد تمت كل واحدة بمعزل عن الأخرى، بمعنى أنه لم يكن هناك ثمة تصور مسبق ينتظمها جميعاً إلا أنها تصدر عن منهج واحد وعن رؤية واحدة حدد المؤلف إطارهما في المدخل العام للكتاب، مما يجعلها، في الحقيقة، قراءة واحدة.. قراءة تتعدى مجرد البحث أو الدراسة لأنها تتجاوز البحث الوثائقي والدراسة التحليلية وتقترح تأويلاً يعطي للمقروء معنى يجعله ذا مغزى بالنسبة لبيئته الفكرية –الاجتماعية- السياسية، وأيضاً بالنسبة إلينا نحن القراء المعاصرين.. إذ تحاول هذه القراءة أن تجعل المقروء معاصراً لبا على صعيد الفهم والمعقولية.. فجعل المقروء معاصر لنفسه معناه فصله عنا، وجعله معاصراً لنا معناه وصله بنا.. هذه القراءات تعتمد إذا، الفصل والوصل كخطوتين منهجيتين رئيسيتين.. وهنا بالضبط تكمن ميزتها الجوهرية وجدتها.