كتاب نوافذ على الأمس لـ محمد فقير
كتاب نوافذ على الأمس المؤلف : محمد فقير اللغة : العربية دار النشر : دار عزة للنشر والتوزيع سنة النشر : 2016 عدد الصفحات : 176 نوع الملف : مصور |
حول الكتاب
لقد اهتم المؤلف بتسجيل الوقائع التي عاشها بين أقرانه و وسط أهله ، و أجد ذلك ذهاب بعلم التاريخ الاكاديمي لمراقٍ مهمة ، ألا و هي سيرة صناع التاريخ من الناس العاديين في جزيرة بدين ومناطق النوبيين بشمال السودان ، و في تسجيله لتلك التفاصيل أورد المؤلف اوصافاً دقيقة للعادات المُتّبعة فيما يتعلق بالحمل و الانجاب و احتفالات تسمية المولود والزواج ، ثم وصفا دقيقا للمآتم و ما يسبقها من أعلان و ما يستتبع الموت من مراسم للدفن. لم يكن التسجيل تقريريا مبسطا او مسطحا بل كان عميقا يحاول ايجاد الصلات بالواقع المعاش في فترة ربما تمتد من الخمسينيات الي بداية الثمانيات من القرن العشرين بجزيرة بدين بالماضي النوبي العريق بطبقات تاريخه القديم و المسيحي و الإسلامي. الكتاب شهادة علي الواقع و الحياة و تشبه كتابة الرحالة نوعا ما ، ورغم جزالة اللغة و شاعريتها إلا أن الكتاب مليء بالمعلومات المهمة و الضرورية لدراسي الفلكور و ربما لكل من يهتمون بدراسة السودانيات عموما في التاريخ و الثقافة. عند قراءتك للكتاب ستجد متعة في المقاربات اللغوية التي بذلها الكاتب بين اللغة النوبية و العربية الدارجة وهنالك اثبات لكل مفردة نوبية اوتعبير نوبي احتاجه السرد الممتع لتفاصيل الموضوع المحدد بالنطق السليم. تابع المؤلف مجري نهر النيل بأفرعه من المنابع للمصب ليناقش اهمية الماء في اقتصاد المنطقة الزراعي و ارتباط الري بالساقية و الشادوف؛ آلالات الري الرزاعية النوبية العريقة مع اسماء اجزائها و المناطق التي انتقلت لها تلك التقنيات حتي خارج حدود الوطن بدول الجوار. بالكتاب ايضا تغطية لمشروعات التنمية الرزاعية و مجهودات الحكومات المتعاقبة في تغيير ملامح الحياة بادخال الانتاج الزراعي الكثيف. اورد المؤلف سردا لبعض الخرافات و الاساطير المرتبطة بالنهر مع محاولة لتحليلها .و صاغ الكاتب رأيا وجيهاً حول موضوع استعراب و أسلمة النوبيين بنقاش المعتقدات الشعبية حول الاصول العرقية و المعتقدات الرائجة. ثم ناقش باستفاضة اهمية الرقم سبعة في اللاهوت النوبي و المسيحي و اهميته في الاسلام و اهميته حاليا عند سكان جزيرة بدين. يستعرض الكاتب كل ما يتعلق بالنخلة و اهميتها في حياة الناس مع تفصيل للكلمات النوبية المتعلقة بزراعتها و استغلالها و رعايتها و ارتباط العرب من غير النوبا بحصاد التمور.و بالكتاب وصف دقيق لسوق بدين و سوق كرمة النزل و ما فيهما من طرافة في حقب زمنية مختلفة كانت هي فترات حياة المؤلف في تلك المنطقة. ثم سرد المؤلف وقائع لحياة الداخليات و مراحل الدراسة ،الإبتدائية في بدين بمدرسة “شَبَّة” و ذكريات المدرسة الثانوية العامة في البرقيق . لقددرس المؤلف المرحلة الثانوية في عبري وحينها كان قد اشتدعوده و انشحذت ذاكرته فلم تترك حتى الشوارد من التسجيل خاصة عندما كتب عن السفر باللواري عبر مناطق النوبة و شمل التوثيق تاريخ التعليم في بدين و سيرة حفظة القرآن و الخلاوي. و بالكتاب وصف دقيق للقباب في بدين مع تأريخ لسيرة ساكنيها من الأولياء الصالحين و تغطية مفصلة للعادات الاجتماعية المرتبطة بصيام رمضان و العيد.يتخلل السرد الممتع فاصل من الحنين ما ينفك يلاقيك و انت تنتقل في صفحات الكتاب . في سرده لتاريخ الممالك الكوشية ( اعتراض المؤلف علي اطلاق لفظة “حضارة نوبية” لانها تختزل تاريخ السودان جغرافيا و عرقيا، ببساطة لأن الامر عنده تاريخ وطنً كامل و مترامي الأطراف). و سجل الكتاب شهادات عن لغة او قل لغات سكان جزيرة بدين . ومن اطرف ما في الكتاب سيرة الحمار ذلك الحيوان الذي رافق الانسان خادما له باخلاص و اهميته في حياة سكان جزيرة بدين . بالكتاب أيضا توثيق لسِيَر بعض الشخصيات المؤثرة في حياة الجزيرة خاصة الذين امتد تأثير بعضهم ليشمل كل السودان. وينهي الكاتب سِفْرَه بكلام في الحنين و افتقاد الوطن في قالب سردي متماسك لا يترك فنانا او شاعر اصيلا صاغ جمالا في في دواخل السودانيين .