|

كتاب الأرجوحة – مسرحية لـ محمد الماغوط

حول الكتاب
وأصر الضيوف على الجلوس قليلاً فوق المصطبة، كانوا ثلاثة من الكهول المتعبين من ذوي الثياب الخلقة والأصابع التي تهتز عند لف اللفائف. وقال أحدهم بعد أن نهى سعلة موفقة: “والآن… هل ما زال الفهد في قفصه أم عاد يهزج ويمرح مع بنات السوء؟”.
“بل لا نعرف في أي قفص حتى. اللعنة عليهم! من أين أبدأ وكيف أنتهي. ذهبت أولاً إلى مكان ما، فقالوا لي: اصعدي إلى الطابق الثاني، وعندما صعدت، قالوا: عودي إلى الطابق الأول… وعندها هبطت، قالوا: إلى الطابق الثالث، حتى تورمت قدماي دون جدوى. كلهم أنكروا معرفته”.

“طبعاً لا بد أن يعرف أحد مكانه”. وصرخ، أبو الفهد: “كان يجب أن لا أدعها تذهب. لقد أخطأت، وجل من لا يخطئ. كان يجب أن أذهب بنفسي”. وما الفائدة الآن؟ دعنا نسمع بقية القصة. ثم قالوا لي: إلى الطابق الرابع. وهكذا حتى آذن الظهر إلى أن قال لي، الشخص المسؤول إنني مخطئة وعلي أن أذهب إلى مكان آخر. وفي اليوم التالي، ذهبت إلى، مكان آخر، وظللت أصعد، وأهبط إلى أن قال لي المسؤول أنه لا يعرف شيئاً وعلي أن أذهب إلى جهنم.

على المرأة ألا تخرج من بيتها، وصاح أبو الفهد” “لقد ضحكوا عليها، لا لم يضحكوا علي بل كانوا لا يصغون إلي، فهل عدم الإصغاء يعتبر ضحكاً؟، بل ملل، كانوا يعطونني في كل غرفة ورقة صغيرة، حتى أصبح معني منها ما يملأ جيبي، وصرخ زوجها: وأين، هي تلك الأوراق؟، مزقتها، إذن هذا هو السبب، وقال أبو محمود: لا يا أم الفهد، أنت ذكية وكان يجب أن تحتفظي بتلك الأوراق، وكل منا يعرف ما هي أوراق الحكومة, فصاحب أم الفهد: “كانت أوراقاً لا نفع فيها، كنت استعملها في مقابلة الأشخاص فقط. وليكن كان يجب أن تحتفظي بها، وصاح أبو الفهد: لا تناقشوها، لقد وصح السبب. لقد مزقت الأوراق، لا حول ولا قوة إلا بالله!، وقالت أم الفهد بنزق: “قلت لكم إنها لا نفع فيها”. وقد قال لي أحدهم عندما سألته ماذا أفعل بها: انقعيها جميعاً في قدح من الماء ثم اشربيه في الصباح الباكر”، وهل كنت تقرعين الباب قبل الدخول؟، بعض الأبواب كنت أقرعها، والبعض الآخر لا أقرعه. في اليوم الأخير لم أقرع أي باب. كنت أقتحم الأبواب اقتحاماً لأنني كنت يائسة، فقال أبو علي: ربما كان هذا سبباً، من الأسباب. فصاح أبو الفهد مغتاظاً: وما علاقة هذه الأمور بولدي؟، فقال أبو سليم: ماذا تقول؟ أنا أراهن على، زوجتي بأن هذا سبب من الأسباب الهامة التي عرقلت مهمتها. كانت تدخل على الموظفين دون أن تقرع الباب… فقاطعه أبو محمود قائلاً: اسكت اسكت، ليتك بقيت صامتاً! بل يجب أن تفهموا ما أعنيه وتقدروا أثره في أخطر، الأمور. لقد ذهبت مرة إلى المصرف الزراعي من أجل نعجتي، فدخلت دون أن أقرع الباب، وما أن هممت بشرح قصتي حتى قال لي الموظف بلباقة: لا تتكلم ولا حرف، هيا أخرج واقرع الباب. وعندما خرجت وقرعت الباب ودخلت مرة ثانية قال لي الموظف: والآن اغرب، عن وجهي ولا تعد قبل ثلاثة أيام يا وقح. فقال أبو الفهد بصوت غاضب: لا أظن ما علاقة ولدي بقرع الباب؟ ثم أشار إلى ضيوفه كي يقتربوا منه، وقال هامساً: هل تعرفون من هو الشعب؟ فصمتوا قليلاً، ثم تنحنحوا ولفوا لفائف جديدة بينما قال أبو سليم: الشعب هو الذي يلبس البنطلونات، ولكن لمذا تسأل؟ قالوا لأم الفهد أن ابني كان يهاجم الشعب”.

نبذة الناشر:
في الشعر والمسرح نلتقي مع محمد الماغوط غاضباً ساخراً في الحوار، والصورة والحركة، في التعليق، والمشهد يظل محمد الماغوط يبتكر، ويتجاوز المألوف ليقدم لنا صوراً من عالمه الخاص جداً.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *