الأدب العالمي | جوته | روايات
فاوست _ جيته
عنوان الكتاب: فاوست
المؤلف:جيته
ترجمة: عبد الرحمن بدوي
الناشر: دار المدى للثقافة والنشر
الطبعة الثانية 2007.
الرابط:حمل من هنا
المؤلف:جيته
ترجمة: عبد الرحمن بدوي
الناشر: دار المدى للثقافة والنشر
الطبعة الثانية 2007.
الرابط:حمل من هنا
بدأت الأسطورة مع” كتاب فاوست” الذي نشره جيسون كولافيتو في فرانكفورت سنة1587م. وجاء في هذا الكتاب ان فاوست، كان ذكيا ووالده فقيرا معدما، فتبناه عمه في وتنبرغ، وأدخله الجامعة ليدرس اللاهوت. وبعد حصوله على درجة الدكتوراه، ضاق ذرعا بكتب اللاهوت وانكب على دراسة العلوم والرياضيات والكيمياء. ثم اتجه الى كتب السحر والتنجيم واستحضار الأرواح. وحينما برع في كل ذلك.
واستخرج عدة أدوية شافية من الجذور والأعشاب، أقدم على استحضار روح ميفستوفيليس(أحد الشياطين السبعة في القرون الوسطى)، ووقع معه عقدا بدمه. يقوم ميفستوفيليس بموجبه بتلبية كافة طلباته وتحقيق طموحه العلمي مقابل أن يهبه فاوست روحه بعد أربعة وعشرين عاما.
قام فاوست بمآثر وانجازات باهرة، وروى ظمأه الى العلم والمعرفة. وعندما حانت الساعة وأتى ميفستوفيليس ليأخذ روحه، حاول عبثا أن يتفادى تلك النهاية. ولم يشفع له الندم والبكاء، فقتله ميفستوفيليس وشوه جسده بطريقة تقشعر لها الأبدان.
أثار هذا الكتاب جدلا حول حقيقة فاوست التاريخية. وتوصل الباحثون الى أن فاوست عاش فعلا في رودوس ووتنبرغ. وشاع ذكره كعالم وساحر. لكن شخصيته من بنات خيال الشعب الألماني، حين عانى الكثير من استبداد رجال الكنيسة ومحاربتهم العلم والتطور. لذا نرى فاوست يجنح الى ما اعتبرته الكنيسة خطيئة فظيعة- العلم والسحر والتنجيم واستحضار الأرواح-.
ويجاهر بذلك غير آبه بعقوبة الإعدام حرقا. ومثل غيرها من الشخصيات الشعبية، تعرض فاوست الى الحشو والمبالغة وبات مثل عربة الشحن في القطار يحمل في كل محطة شتى البضائع. واذا به ينزل من مكانة العالم الى مرتبة المهرج ويقوم بالحيل والمقالب المضحكة مع رجال الكنيسة والفرسان، ولا يستثني حتى البابا في الفاتيكان. ثم تحول الى أمثولة وحمل المواعظ الدينية التي تبيّن النهاية المحتومة للشر. أما فاوست الإنسان ورجل العلم الطموح فقد ظل قابعا في الظلام.
بداية الأدب الفاوستي
جذبت شخصية فاوست اهتمام عدد كبير من الأدباء. وكان لها فعل المد والجزر. لكن الذي أخرجها الى النور وأعطاها الحياة لتصبح عملا أدبيا مميزا وبداية تاريخ حافل بالشخصيات الفاوستية، هو الشاعر الانجليزي كريستوفر مارلو(1564-1593).
والذي جعل منها إحدى روائع الأدب العالمي، الأديب الألماني جان فلفانغ غوته (1749-1832). ولا يعني هذا الغض من قيمة انجازات الكتاب الآخرين الفاوستية. لكن فاوست مارلو وغوته، أصبحا النموذجين المثاليين والمرجعين الرئيسين لكل كاتب وفنان بعدهما.
فاوست كما رأه مارلو وغوته
على العكس من الأسطورة، فإن فاوست في مسرحيتي مارلو وغوته، شخصية ديناميكية ومتطورة، وليست جامدة ومستسلمة لقوى الشر، من دون مقاومة. إنه الإنسان المنقسم على ذاته والذي يعاني صراعا داخليا بين ذاته الخيّرة وذاته الشريرة. ويظهر هذا في مسرحية مارلو، في محاولات ملاك الخير منعه من توقيع العقد.. وملاك الشر الذي يحثه ويشجعه.
ويظهر أيضا، في مسرحية غوته، في تراتيل جوقات النساء والأطفال التي تناديه وتدعوه الى الحياة البسيطة، التي تصدح فيها أغاني البراءة وأفراح الربيع، والتي لا يكاد يهيم فيها الانسان وعلى وجنتيه الدموع، حتى تشرق شمس الحصاد وتجف الدموع.
وبعد الاتفاق، يمر بمراحل متقلبة: اللهفة الى اختبار القوة المطلقة، مثل لهفة طفل ليجرب لعبة جديدة. والإحساس بالتفوق كأنه سيد الكون، ثم الحاجة الى المرأة التي يطلبها(فاوست مارلو) :زوجة، فينهره ميفستوفيليس، ويمنعه من ذكر الزوجة، فكل جميلات الأرض له. فيأتيه الرد عنيفا من فاوست غوته بأنه يريد فقط مارغريت المرأة التي يحب.
وإلا ليعد الى الجحيم- لا يعرف عالم الشر الحب والزوجة. وهنا يبدأ الصراع. يشعر فاوست بالنفور من ميفستوليس ويدرك أن قدرته محدودة عند عجزه عن النطق باسم الله، فيرتد عفويا الى الايمان ويهدده ميفستوليس بتمزيقه الى قطع.
«تدنيس الحب»
ثم يغريه بمتع الخطايا السبع في مسرحية مارلو واكسير الشباب في مسرحية غوته. ويدفعه الى تدمير مارغريت وتدنيس الحب الذي”أزاح الستار له عن الطبيعة”. عندئذ يستميت فاوست لينقذ مارغريت من السجن ويهرب بها، لكنها ترفض وتفضّل الاعدام على أن تحيا مثله. يزعزع رفضها كيانه ويصاب بالغيبوبة، فيقدم له ميفستوليس النسيان ويرميه في أحضان هيلين فاتنة طروادة.
لكن ذلك لا يعوضه عن مارغريت والحب النقي الذي لوثه. وفي النهاية، يكتشف ان ما كسبه مجرد أوهام، وان الخدمات التي قدمها له ميفستوفيليس تمت على حساب إنسانيته وسببت الخراب للآخرين. فيتخلى عن السحر وينبذ ميفستوفيليس ويعترف لأصدقائه بسره وخطيئته ويستسلم للتأنيب القاتل.
إن معاناته، في مسرحية مارلو، يرافقه فيها الوعي الكامل لذنبه. وخوفه من مواجهة غضب الله. ويأسه المطلق من نيل رحمته وأمنيته الأخيرة، أن تنهار عليه الجبال والهضاب أو تتحول روحه الى قطرة ماء تحملها السحب لتسقط وتذوب في المحيط. ثم صراخه الأخير” يا الهي.. ياالهي، لاتشح بوجهك عني”. وتلك قضايا تجعل انهياره انهيارا للعلم الذي يؤدي الى الهلاك والطموح الذي لا يقوده الضمير، وانتصارا للذات الفاوستيه الخيّرة.
هكذا فهم مارلو وغوته الشخصية الفاوستية، وأبدعا في رسمها بألوان سطعت فيها خصائص عصر كل منهما. ومع أن مارلو أضفى على الأسطورة كثيرا من ذاته وشذبها، حذف منها وأضاف اليها، الا انه لم يخرج عن الهيكل الأسطوري لفاوست. لكن غوته تجاوز الأسطورة ليترجم خلاصة فلسفته وتجاربه في الحياة. واننا نستغرب، بادىء الأمر، أن نسمع من فاوست ما يتنافر مع طبيعته.
لكن سرعان ما نهدأ حين ندرك أن غوته يتكلم بلسانه ويعلق بحكمة على الحياة: لا قيمة للذكاء من دون الأخلاق- الاستقامة أساس النجاح- الإنجاز الحقيقي هو الإنجاز المثمر- المعرفة هي الانفتاح على الطبيعة والبشر- العمل مقدس- عظمة الوجود الانساني تتحقق في التوفيق بين الفكرة والعمل واتحاد العاطفة والكفاح.
وفي قصة حب فاوست ومارغريت، موضوع الجزء الأول، بلور غوته، برؤيا ابن الخمسين، تجاربه العاطفية وآلام واندفاع فرتر(رواية آلام فرتر)، الذي تتشابه محاولته للفوز بقلب شارلوت، مع محاولة فاوست لانقاذ مارغريت.
أعمال أخرى
لا يُصدق النفوذ والتأثير اللذان تركهما فاوست وقصة حبه مع مارغريت ومغامرته مع هيلين، على الأدب والفن العالميين. هناك ما يمكن تسميته بالأدب الفاوستي والفن الفاوستي والموسيقى الفاوستية، فضلا عن العلامة التجارية المسجلة للشركات والحانات والأطعمة والمشروبات التي تحمل اسم فاوست. ونسجل هنا، بعد مراجعة الموسوعة البريطانية، بايجاز قصير جدا لتلك الأعمال ونكتفي بذكر عملين من كل صنف.
في الموسيقى
1809 ابدع بيتهوفن مقطوعة موسيقية مستوحاة
من “فاوست”.
في الأوبرا
2010 عرض أوبرالي إيطالي بعنوان “فاوست”.
لشارل غاووند.
في الرسم
1650 لوحة للرسام العالمي رامبرانت، تجسد دلالات العمل.
في السينما
1967 فيلم “دكتور فاوست”، من تأليف نيفيل كوغيل. وإخراج ريشتارد بورتون ونيفيل كوغيل.
1997 فيلم سينمائي أميركي، للمخرج تايلور هاكفورد، بعنوان: “ذي ديفيل ادفوكيتيد”.
2011 فيلم سينمائي أميركي: “فاوست”. من تأليف وإخراج: إلكسندر سوكوروف.