كتاب أزمة الوعي العربي بين الحملة الفرنسية والحملة الأمريكية

لعل هذه الدراسة توضح إلى حد كبير مدى الأزمة التي يعاني منها المثقف العربي في رؤيته لحوادث التاريخ الكبرى، تلك التي ينتج عنها تحولات اجتماعية وسياسية هائلة تنقل المجتمع من حالة إلى أخرى، أو تضعه في مواجهات وأمام تحديات لا قبل له بها. واختلاف الرؤى بين الناس أمر مفهوم حسب التكوين الثقافي لكل منهم ومن هنا تتعدد وجهات النظر حول أمر واحد. لكن غير المفهوم وغير المقبول أن تختلف نظرة المثقف الواحد حول حدثين من نوع واحد، ففي هذه الحالة تتأثر مسألة المعيارية وما يتصل بها من الانتقائية والاختيار في مسائل واضحة لا تحتمل اللبس. كما تثار مسألة الوعي بالتاريخ وحقيقة دروس التاريخ التي ينبغي أن يفيد منها الجميع : الحكام والسياسيون قبل عامة الدارسين وجمهرة المثقفين.

    وقد اختار كاتبنا حدثين رئيسيين ليدير حولهما معنى أزمة الوعي بالزمن لدى المثقف العربي بشكل عام والمثقف المصري بشكل خاص. أولهما الحملة الفرنسية على مصر وبلاد الشام ( يوليه 1798)، وثانيهما الحملة الأمريكية على العراق (مارس 2003) كيف رأى المعاصرون للحملة الفرنسية هذه الحملة بين الصدمة والانبهار، وبين الرفض والاستهجان على أساس اختلاف التقاليد والثقافة. ثم كيف رأى المعاصرون للحملة الأمريكية الأخيرة هذه الحرب بين التأييد الصريح وبين الرفض الخفي والملتوي وفق حسابات معينة.