| |

كتاب اكتشاف الهند

وصف الكتاب

كتاب اكتشاف الهند تأليف جواهر لال نهرو ترجمة فاضل جتكر.

أمضى جواهر لال نهرو ( 1889-1964 ) المناضل العنيد ضد الاستعمار، و أحد أبرز  مؤسسي دولة الهند الحديثة،   ثلاث عشرة سنة في السجن بسبب إنخراطه في كفاح شعبه لنيل إستقلال الهند عن حُكم بريطانيا. وساهم هذا القائد الهندي في تحرير أمة بلغ تعداد سكانها (آنذاك) أربعماية مليون إنسان  (1300 مليون نسمة حاليا)  وتكللت مسيرته النضالية برفع علم استقلال بلاده في  15 آب 1945. 

ألف نهرو،  عدة كتب عن الهند  أثناء فترة إعتقاله. كان يكتب بغزارة وباللغة الإنجليزية. ومن أبرز الكتب كتاب بعنوان، “اكتشاف الهند” الذي بلغت صفحاته الألف صفحة. قرأ الكتاب وقدمه للقارئ  العربي المفكر والكاتب سلامة موسى (1887-1958). ووصف نهرو من كتابته، “يبدو أديبا فنانا وإقتصاديا عصريا يعرف قيمة الصناعة، و مؤرخا يشرح الحضارة الهندية قبل ثلاثة ألاف سنة، ولكنه في كل ذلك غربي المزاج، وليس شرقيا، إذ يطلب الحضارة العصرية ويؤمن بالعلم.”

ومن السطور التي تُنير وتدُل:

القمر 

من زنزانته وأثناء خروجه “للفورة ” (النزهة في ساحة السجن) ،  يتأمل نهرو في القمر الذي يصفه ب “رفيقي في السجن” وقد توثقت صداقته لي ما زاد إستئناسي به. وهو يذكرني بجمال هذه الدنيا وبنمو الحياة وفنائها، وبالنور يخفف الظلام ، وبالموت والبعث يتعاقبان في سلسلة لا تنقطع . وهو على كثرة تغيره باق على ما هو عليه، ولقد راقبته في أطواره المختلفة وحالاته العديدة حين تطول الظلال في المساء، وفي الساعات الساكنة في الليل وحين يتنفس الفجر ويهمس بإستقبال النهار القادم. أجل ما أنفعه هذا القمر حين أعد به الأيام والشهور. ذلك لأن شكل القمر وحجمه ، حين يُطل  ،يعينان الأيام في الشهر بما يقارب الدقة.”

هذه تأملات وأحاسيس سجين قد  أَلف السجن، فَعَقَدَ  بينه وبين القمر أُلفة لا يمكن للمستعمر أو السجان  أن يحرمه إياها.

العلم 

يتوجه نهرو لشعبه  بأن يعتمد على العلم، ويكتب، “إن العلم لا يفصح لنا كثيرا أو قليلا عن الغاية من الحياة. ولكن آفاقه تتسع برحابة هذه الأيام. ولعله يغزو قريبا ما نسميه “العالم غير المنظور” وعنئذ قد نستعين به على فهم الغاية من الحياة في معانيها. أو هو يتيح لنا ، على الأقل، أن نلمح بعض ما يلقي الضوء على مشكلة الوجود البشري.”

العالم

إني أَجِدُني، في صميم قلبي، مهتما بهذا العالم، وبهذه الحياة. ولست أعرف إذا كانت هناك روح، أو أننا سنحيا بعد الموت. ومع أن هذه المسائل خطيرة فإنها لا تقلقني أقل القلق.”

الأرواح

إن تحضير الأرواح كان يبدو لي على الدوام شيئا سخيفا ووقحا باعتباره طريقة أو وسيلة لبحث الظواهر النفسية أو الروحية وخفايا الحياة الأخرى . بل هو في العادة أكثر من هذا. إذ أن تحضير الأرواح هذا هو إستغلال لعواطف الناس الذين يجدون أن من السهل أن يصدقوا، إذ هم في حاجة إلى من يخفف عنهم متاعبهم العقلية.  ولست أنكر انه من الممكن أن يكون للظواهر الروحية أساس من الحقيقة ولكن طرق معالجتها تبدو لي جميعا مخطئة..:” 

عاش نهرو في إنجلترا مثلما عاش في بلده الهند. درس القانون في جامعة هارو Harrow  ثم واصل دراساته العليا في جامعة كامبريدج . ويكتب، من سجنه، تأملاته عن الرقي والإنحطاط.

بين الرقي والإنحطاط

إن أسباب الانحطاط في الهند واضحة، يكتب نهرو ” ذلك إنها تأخرت في الصناعات الفنية في حين أن أوروبا التي كانت متخلفة أخذت بالإرتقاء الفني. وكان خلف هذه الصناعات هذه الروح العلمية  وهذه الحياة المتدفقة التي انتفضت في نشاط واقتحام لتكتشف الدنيا.”

“ونحن نجد في التاريخ الماضي للهند تقهقرا  يتوالى قرنا بعد قرن، فإذا بروح الخلق والابتكار تتضائل إزاء التقليد والنقل. وبدلا من الأفكار الثائرة المنتصرة التي كانت تحاول أن تخترق خفايا الطبيعة والكون لم نعد نجد غير المعلقين والشراح بتوضيحاتهم وتخريجاتهم المستفيضة. حتى أن فخامة الفن والعمارة تنهزم وتترك مكانها للنحت الدقيق في التفاصيل المعقدة ولكن مع السهولة ، بدلا من المبالغة في التصوير أو التخطيط. كما أن قوة اللغة وخصوبتها تزولان وتأخذ مكانهما زخارف وأساليب أدبية معقدة.”

الصناعة

كان المستعمرون يكررون دائما أن الهند بلاد زراعية ، لكن نهرو حرص على حث شعبه أن يركز إهتمامه بالصناعة فهي الرافعة الثورية لأي نهضة. وعندما تولى رئاسة أول حكومة هندية بعد الإستقلال أسهم بإدخال الكهرباء إلى العديد من القرى الهندية كما أدخل الطاقة النووية وشجع الصناعة الثقيلة . وكذلك الصناعات المنزلية  وضمن الحريات والحقوق الإجتماعية الأساسية للمرأة الهندية.

نبذ الملابس الأوروبية وإرتدى الملابس الهندية

لقد عارض نهرو الرجعيين في بلاده. ولم يتردد بأن يقول للشعب الهندي: أنا كافر بأدبائكم. فهو لا يغش الجماهير التي يقودها بل ألح على التأكيد أن العلم هو البوصلة العصرية للإرتقاء الثقافي والحضاري.

 

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *