كتاب الأحمر والأسود – رواية
كتاب الأحمر والأسود – رواية المؤلف : ستندال اللغة : العربية ترجمة : غير موجود سنة النشر : 2013 عدد الصفحات : ج.1 : 383 ج.2 : 446 نوع الملف : مصور |
كتاب الأحمر والأسود – رواية تأليف ستندال ترجمة عبد الحميد الدواخلي.
“سارع جوليان إلى الرحيل متفاجئاً أنه لم يضرب، لكن ما إن اختفى عن نظر والده حتى أبطأ خطواته، فقد قدّر أنه من المجدي بالنسبة لنفاقه أن يمرّ ويتوقف في الكنيسة، هل فاجأتكم هذه الكلمة؟ قبل أن تصل روح القروي الشاب إلى هذه الكلمة الرهيبة قطعت مسافة طويلة.
منذ أن رأى جوليان، وهو بعد صغير السنّ، بعض فرسان الجيش السادس العائدين من إيطاليا بمعاطفهم البيضاء الطويلة، ورؤوسهم المغطاة بخوذات ذوات ريش أسود، والذين كانوا يربطون أحصنتهم عند سياج نافذة بيت والده، وهو مفتون بالحياة العسكرية، وفيما بعد أنصت متأثراً إلى حكايات معارك جسر لودي وأركول وريفولي التي رواها له الضابط الجراح السابق.
وكان يلاحظ النظرات المحترمة التي كان يلقيها الرجل المسنّ على وسامه، ولكن بعد أن بلغ جوليان الرابعة عشر من العمر شُرع في تشييد كنيسة في فيربير يمكن إعتبارها رائعة بالنسبة لمدينة صغيرة مثلها، وكان فيها على الخصوص أربعة أعمدة رخامية شدة إنتباه جوليان، وأصبحت مشهورة في البلد بسبب الكراهية القاتلة التي أثارتها بين القاضي والقس الشاب المرسل في بيزونسون، والذي نظر إليه على أنه حاسوس للأبرشية.
وكان القاضي أن يفقد منصبه أو على الأقل تلك هي الفكرة التي كانت سائدة آنذاك، ألم يجرؤ على الإختلاف مع القس الذي كان يقصد بيزونسون كل خمسة عشر يوماً حيث كان يقابل كما يقال؛ نيافة المونسينيور؟… وكفّ جوليان فجأة عن الحديث عن نابليون، وأعلن عن مشروعه ليكون قسماً؛ وكان يُرى دوماً منشغلاً في منشرة والده يحفظ عن ظهر قلب إنجيلاً لاتينياً أعاره إياه الكاهن.
وكان ذلك العجوز الطيب يمضي الأماسي وهو يعلّمه الكهنوت مفتوناً بمشاريعه، ولم يكن جوليان يُظهر أمامه إلا عواطفه الدينية، ومن كان يستطيع أن يخمّن أن وجه الفتى ذاك، الشاحب جداً والناعم جداً، كان يخفي الإرادة الصلبة بأن يتعرض لآلاف الأخطار في سبيل تحصيل الثروة؟…
ومنذ حداثة سنه كان يمر بلحظات إثارة، وهكذا فكر مستمتعاً بأنه سيُقَدَّمْ في يوم من الأيام إلى نساء باريس الحسناوات، وسيعرف كيف يثير إنتباههن ببعض أفكاره اللامعة، لِمَ لن تحبه أحداهن مثل بونابارت الذي حظي وهو بعد فقير بالسيدة دوبوراني الرائعة؟ ومنذ سنوات عديدة لا يترك جوليان ساعة من ساعات حياته تمرّ دون أن يحدث نفسه قائلاً بأن بونابارت الملازم أول المجهول والفقير جعل نفسه سيداً على العالم بفضل سيفه.
وكانت هذه الفكرة تعزيه عن تعاسته التي كان يعتقدها كبيرة، وتضاعف مزحه عندما يكون فرحاً… وأخيراً شعر جوليان… عندها قام ومضى مسرعاً إلى منزل السيد دورينال، ولكن على الرغم من إشتداد عزيمته أحسن خملاً لا يقام ما أن رأى المنزل على بعد عشرين خطوة منه… لم يكن جوليان الوحيد الذي يضطرب قلبه عند وصوله إلى ذلك المنزل.
فحياء السيدة دورينال الكبير إضطرب لفكرة ذلك الغريب الذي سيكون دوماً بينها وبين أطفالها بحسب ما تقرضه عليه وظيفته… وفي الصباح بكت عندما رأت عائلتها الصغيرة تُحمل إلى الغرفة المخصصة للمربيّ… كانت رقة المرأة مفرطة لدى السيدة دورينال حتى أنها تخيلت صورة بشعة جداً للكائن الفظ الأشعث المكلف بتوبيخ أبنائها فقط لأنه كان يعرف اللاتينية، تلك اللغة البربرية التي سيجد أبنائها بسببها.
وهكذا يمضي الأحداث يأخذ من خلالها الروائي بطله جوليان ليضعه في مواجهة مع السيدة دورينال ليعيشا قصة عاطفية يدفع ثمنها حياته دون أن يعني ذلك عدم تحقق أحلام هذا الكاهن المنافق (كما وصفه الكاتب) في أن يكون كمثله الأعلى بونابارت فيكون محطّ أنظار النساء، وليكون أيضاً مثار الأحاديث والشائعات التي تضعه في مصاف الجواسيس و….
يخترق جوليان بذكائه وحنكته حواجز الحياة على مستوياتها السياسية والإجتماعية والدينية ليكون ذلك بمثابة فرصة للكاتب ليستعرض التاريخ السياسي والإجتماعي لتلك المنطقة التي جعلها مسرحاً لأحداثه ما بين إيطاليا وفرنسا.
إلا أن ما ركز الكاتب عليه هو قصة هذين العاشقين جوليان والسيدة دورنيال حيث تم الحكم على جوليان بالإعدام لتظل دورينال وفية لوعدها… حيث ماتت وبعد ثلاثة أيام على رحيل جوليان وهي تقبل أبناءها.