كتاب الأمم المتحدة ؛ الإنجازات والإخفاقات
كتاب الأمم المتحدة ؛ الإنجازات والإخفاقات المؤلف : سهيل حسين الفتلاوي اللغة : العربية ترجمة : غير موجود سنة النشر : 2011 عدد الصفحات : 432 نوع الملف : مصور |
كتاب الأمم المتحدة ؛ الإنجازات والإخفاقات – الجزء الثالث تأليف الدكتور سهيل حسين الفتلاوي .
بَعْد أَنَّ فَشَلَّتْ عُصْبَة الْأُمَم فِي تَحْقِيق السِّلْم والْأَمِن الدَوْلِيين، عَمِلَت الدُوَل المنتصرة عَلَى إنَّشاء مُنَظَمة دَوْلية عالمية، بعيدة عَنْ الهيمنة الأوربية الَّتِي طوقت العُصْبَة وأفشلتها فِي تَحْقِيق أَهْدافِها. وَعَلَى الرَغْمِ مِنْ الهَيْمنَة الأمريكية عَلَى الدُوَل الأوربية الَّتِي خرجت مِنْ الْحَرْبِ الْعَالمية الثانية، سواء أَكَانَت المنتصرة َمِنْهَا أَوْ المندحرة، فَإِنْ قيام مُنَظَمة دَوْلية جَدِيدة ترعى السِّلْم والْأَمِن الدَوْلِيين، فِي ظل توازن القوى، يَعِدُ ضمانة أكيدة لحِمَايَة الْعَالَم مِنْ كوارث الحُرُوب المدمرة، الَّتِي عمت الْعَالَم لسنوات طوال، بخَاصَّةٍ بَعْد أَنَّ تطورت آلة الْحَرْبِ الحَدِيثَة المدَمَّرَة.
وبالفعل شَهِدَت الْأُمَم المُتحِدة فِي بداية تكوينها تقدماً كَبِيراً فِي تَحْقِيق العَدِيد مِنْ الإنجازات القْانُونِية، وعَقَدت العَدِيد مِنْ المُعاهَدَات الدَوْلِية، الَّتِي َتهدِف إِلَى حِمَايَة السِّلْم وَالأمْن الدَوْلِيين، وحِمَايَة البشرية مِنْ الويلات المروعة، وتحقيق أمانيها فِي وضع قَوَاعِد حُقُوق الْإِنْسَان عَلَى الصعيد الْعَالَمِي للبشرية كَافَّةً. وَكَانَ باكورة انجازات الْأُمَم المُتحِدة هُوَ عَقَد مُعاهًدًة تَحْرِيم جَرَائِم الإبادة الجماعية عام 1947، والإعلان الْعَالَمِي لحُقُوق الْإِنْسَان عام 1948، وَمَا تبعها مِنْ مُعاهدْات متَعدِّدة لحماية حُقُوق الْإِنْسَان، وبخَاصَّةِ حِمَايَة النِّسَاء والْأَطْفَال.
وَكَانَ عَقَد مُعاهدْات جنيف الخَاصَّة بحِمَايَةَ المدنيين فِي المُنِّازعْات المَسْلَحة عام 1949، يَعِدُ أَكْبَرُ انجاز الْأُمَم المُتحِدة فِي تاريخها المعاصر. وَكَانَ لقرار الجَمعِيَة العَّامَّة عام 1960، الخاص بمنح الشُّعوبِ المستعمرة، حَقّ تَقْرِير مَصِيرُها، أثراً كبيراً فِي تَطويرِ الْأُمَم المُتحِدة بصورة خَاصَّة، والقَانُون الدَولي العْام بصورة عامة.
وبسبب التوازن الدَولي بَيْنَ الكتلة الغربية بقيادة الوَلاَيَات المُتحِدة الأمَرِيكِيَّة، والكتلة الشَّرْقِيَة بقيادة الاتِّحَاَد السوفيتي، وَمَا تخللها مِنْ حَرْبِ باردة بَيْنَ الكتلتين، فَقَدْ شهدت الْأُمَم المُتحِدة مرحلة تحرر العَدِيد مِنْ الدُوَل مِنْ الاستعمار الغربي، وظهور كتلة الدُوَل النامية عَلَى مسرح الأحداث الدَوْلِية.
ومجرد ظهور هَذِهِ الدُوَل أصبح وضعا قَانُونِية جَدِيداً فِي التَارِيخ المعاصر. إذ ظهرت كتلة عَدَم الانحياز، كقوة دَوْلية مؤثرة، داخل الْأُمَم المُتحِدة، وبتعاونها مَعَ الكتلة الشَّرْقِيَة، تم إصدار العَدِيد مِنْ القرارات المهمَّة الَّتِي غيرت وجه القَانُون الدَولي العْام نحو الْعَالَم، والحد مِنْ الهيمنة والتسلط الغربي عَلَيْهَا. فكان التنافس بَيْنَ الكتل الكُبْرَى يدفعها عَلَى تقديم المنجزات للدُوَلِ الضعيفة، بهدف استقطابها، ضِدّ الطرف الْآَخِرِ.
غَيْر أَنَّ مسيرة الْأُمَم المُتحِدة فِي التَّطَوُّر والتقدم تعثرت، بِسَبَبِ انهيار الكتلة الاشتراكية عام 1991. إذ بسطت الوَلاَيَات المُتحِدة الأمَرِيكِيَّة هيمنتها عَلَى المُنَظَمَة الدَوْلِية، وأصدرت العَدِيد مِنْ القرارات كَانَ بَعْضَها متناقضا وميثاق الْأُمَم المُتحِدة، وصارت الْأُمَم المُتحِدة وسيلة بشن الحُرُوب والحصار عَلَى العَدِيد مِنْ شعوب الْعَالَم، وبخَاصَّةِ الشُّعَب العَرَبيٍ، الَّذِي كَانَ نصيبه كَبِيراً فِي حصة التدمير والاحتلال والحِصَار.
وَكَانَ مِنْ الطَّبِيعِيّ أَنَّ تشهد الْأُمَم المُتحِدة فَترتِين مختلفتين، الأُولَى اتسمت بالانجازات، والثانية بالإخفاقات. فعمت الفوضى فِي العَدِيد مِنْ الدُوَل. وراحت الوَلاَيَات المُتحِدة الأمريكية تشن الحُرُوب باسم الْأُمَم المُتحِدة وبدونها، تحت شعار الْحَرْبِ الْعَالَمِية عَلَى الإِرْهَاب. وعادت الفوضى تستشري فِي مناطق عديدة مِنْ الْعَالَم. وبدأت الحُكُوْمات تنتهك شعوبها بذَريعةٍ مُكافَحة الإِرْهَاب.
وبسبب إضعاف الحُكُومات، فَقَدْ برزت ظاهرة الحُرُوب الأَهْلِيَّة فِي العَدِيد مِنْ الدُوَل، وراح ضحية هَذِهِ الحُرُوب قتل وتشريد الملايين مِنْ المَدَنِيَّين اغلبهم مِنْ النِّسَاء والْأَطْفَال.
إن دراسة إنجازات وإخفاقات الأمم المتحدة يتطلب مجلدات طوال لا يتسع لها المجال في هذه الدراسة، لهذا تناول المؤلف المهم منها، وهو ما تتناوله الفصول الآتية: الفصل الأول: “دور الأمم المتحدة في حماية حقوق الإنسان”، الفصل الثاني: “دور الأمم المتحدة في تطوير العلاقات الإجتماعية الدولية”، الفصل الثالث: “دور الأمم المتحدة في مكافحة الإرهاب الدولي”، الفصل الرابع: “إخفاقات مجلس الأمن في حماية السلم والأمن الدوليين”، الفصل الخامس: “إخفاق مجلس الأمن في حماية السَّلَم والامن الدوليين”، الفصل السادس: “إخفاق الأمم المتحدة في حماية المدنيَّين من آثار المنازعات المسلحة”، الفصل السابع: “قوات حفظ السَّلام الدوليَّة التابعة للأمم المتحدة”.