كتاب النظرية المنطقية عند كارناب لـ د. رشيد الحاج صالح
عنوان الكتاب : | النظرية المنطقية عند كارناب : دراسة فلسفية لجدل العلاقة بين المنطق والعلم والفلسفة |
المؤلف : | رشيد الحاج صالح |
الناشر : | الهيئة العامة السورية للكتاب |
الطبعة : | 2008 |
الصفحات : | 480 |
المجلدات : | 1 |
الصيغة : | مصور |
وصف الكتاب |
يستعرض الكتاب موضوع »الفلسفة المنطقية« باعتبارها نقاشا فلسفيا يتناول المنطق موضوعا له وذلك لحل مشكلات فلسفية، ويستهدف هذا الفرع المعرفي استخدام المنطق وتوظيفه لحل مشكلات فلسفية، ومن هنا تبدو غاية الفلسفة المنطقية غاية فلسفية وليست منطقية، وبالرغم من وجود تداخل وتشابك بين كل من المنطق وفلسفة المنطق والفلسفة المنطقية حيث يتم الفصل بينها على مستوى الغايات فقط.
عرف المؤلف المنطق على أنه مجموع النظريات والقواعد المنطقية المستخدمة في إقامة الأنساق الاستنباطية، كنظرية حساب القضايا والفئات والعلاقات، أما فلسفة المنطق فيعتبرها نقاشا فلسفيا يتناول موضوعا له، وغايت هذا النقاش حل مشكلات تتعلق بالمنطق النفسي من خلال تحليل الأسس والمبادئ التي يقام عليها المنطق وغايتها منطقية وتناول الكاتب حياة »كارناب« وتكونه الفكري، حيث ولد رودلف كارناب في 18 أيار سنة 1891 في رونزدورف بالقرب من بارمن في ألمانيا، وتلقى تعليما بورجوازيا في مراحل الدراسة الأولى، وأكمل دراسته في جامعتي »فرايبورغ« و »يينا« من عام 1910 حتى عام 1914، حيث برز اهتمامه بدراسة الفيزياء والرياضيات والفلسفة، وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى استأنف دراسته في جامعة فيينا ليحصل منها على درجة الدكتوراه عام 1921 .
وقسم المؤلف حياة كارناب إلى ثلاثة مراحل بحسب اهتماماته والقضايا التي شغلته، وكانت بداية المرحلة الأولى بتقديمه رسالة الدكتوراه وتنتهي بنهاية الثلاثينات وتتميز بإقامة التركيب المنطقي للعالم واللغة ومحاولة استبعاد الميتافيزيقيا بطرق منطقية.
أما المرحلة الثانية فتبدأ مع بداية الأربعينات وتميزت باهتمامه بالسيمانطقيا التي ألف عنها في العديد من الكتب، وكانت المرحلة الثالثة مع بداية الخمسينات وتميزت باهتمامه بالمشكلات الفلسفية للعلم ومناقشته لمشكلات تتعلق بالأسس الفلسفية للفيزياء ومشكلة الاستقراء والاحتمال وكيفية تكون النظريات العلمية وعلاقة القوانين العلمية بالواقع.
وأشار صالح إلى أهم كتب كارناب منها «التركيب المنطقي للغة » سنة 1934، حيث حاول فيه إرجاع كثير من المشكلات الفلسفية إلى التحليل المنطقي للغة، وكتاب «الفلسفة والتركيب المنطقي» عام 1935، وكتاب «مقدمة إلى علم المعاني» عام 1942.
و«المعنى والضرورة » سنة 1946، و«أسس المنطق والرياضيات» عام 1939، وكتاب «الأسس المنطقية للاحتمال» سنة 1950، و«استمرارية المناهج الاستقرائية»عام 1952، وأخيرا «الأسس الفلسفية للفيزياء» عام 1966.
وفي سياق آخر ذهب الباحث إلى أن المنطق التقليدي لم يعد يشكل سوى جزء من المنطق الحديث، وهو جزء ينتمي إلى تاريخ المنطق أكثر من انتمائه للمنطق بالمعنى الدقيق، في حين يعتبر بأن المنطق الحديث أكثر غنى من المنطق التقليدي في الطرق المستخدمة في الاستدلال وفي العلاقات واللغة الرمزية، وأكثر ارتباطا بالرياضيات من جهة وبالخبرة من جهة أخرى، بالإضافة إلى أنه أكثر تجريدا ودقة وأوسع نطاقا.
وفي هذا الإطار عرض صالح تجربة كارناب وزملاؤه والتحليليون السابقون الذين أخذوا هذا المنطق ؟ بكل تطوراته- ليجعلوا منه أداتهم الفعالة في المهمة التي انتدبوا أنفسهم لها، وهي التحليل المنطقي لمعارفنا المختلفة، وهذا التحليل لم يكن ليتسنى له القيام بمهامه لولا هذا المنطق.
أما مفهوم المنطق لدى كارناب فهو يحلل جميع أنواع المعرفة وبذلك فإنه لا يقتصر على المنطق الصوري بل يمتد ليتناول نظرية المعرفة، وأكثر من ذلك ليحل محلها، فالمعرفة عند كارناب تتحول إلى أنساق منطقية سواء كانت معرفة صورية أم علمية تجريبية.
ومن خلال هذه الأنساق يتم تحديد خواص ومقومات معارفنا، وأي معرفة لا يمكن إقامة نسق منطقي لها أو لا يمكن إدخالها ضمن نسق منطقي فهي معرفة خالية من المعنى ولا بد من استبعادها من دائرة العلم والفلسفة.
وذهب المؤلف إلى التركيب المنطقي للغة لدى كارناب لما لها من أهمية خاصة تعود إلى أن إخضاع هذه اللغة إلى تحليل منطقي يساعدنا على التوصل إلى حلول لكثير من المشكلات الفلسفية التقليدية، ويقسم كارناب اللغة إلى قسمين هما لغة الموضوع واللغة الفوقية التي تجعل من لغة الموضوع موضوعا لها، ولكل من هاتين اللغتين رموزها وجملها الأولية وقواعدها الاستنتاجية الخاصة بها وعموما لكل منها نسقها الخاص بها.
وتطرق الكاتب إلى التحليل المنطقي للغة لدى كارناب والذي يرى بأنه لا يجب تجاوز السنتاطيقا إلى السيمانطيقا والبراجماطيقا، فالمفاهيم التي تم بناؤها على أسس سنتاطيقية لا بد من إعادة بنائها على أسس سيمانطيقية وبراجماطيقية، وكل مفهوم يمكن رده إلى السنتاطيقا أصبح بالإمكان رده إلى السيموطيقا، وإذا كانت السنتاطيقا هي منطق العلم فقد تحولت السيموطيقا إلى هذا الموقع وتحولت مهمة الفلسفة من تحليل سنتاطيقي للغة إلى تحليل سيموطيقي للغة.
وفي تعريفه للتحليل المنطقي للعالم ذهب صالح إلى أنه إعادة بناء عقلية لمفاهيم كل حقول المعرفة الإنسانية عن طريق إعادة تعريف المفاهيم القديمة بشكل جديد، والتركيب ليس وصفا للعملية الواقعية للمعرفة بقدر ما هو إعادة بناء عقلية لهذه العملية.
فالتركيب المنطقي للعالم عن طريق المنطق، وبما أن المنطق يهتم بالعلاقات والأشكال وليس بالمضامين، فقد حول كارناب هذا العالم إلى شبكة من العلاقات والأنماط المنطقية حتى يتسنى له إخضاع هذا العالم للتحليل المنطقي، وذلك من خلال إجراء شبه تحليلي يستعيض عن المكونات البسيطة بتركيبات منطقية تقوم بتمثيل مكونات العالم وتكون مكافئة لها.
وفي السياق نفسه يعتبر المؤلف بأن التحليل المنطقي للعالم يقوم على تقسيم هذا العالم إلى أربع مستويات هي من الأدنى إلى الأعلى : مستوى السيكولوجية الذاتية ومستوى الموضوعات الفيزيائية ومستوى السيكولوجية الغيرية وأخيرا مستوى الموضوعات الثقافية، وكلما اتجهنا للأعلى كلما كانت مفاهيم المستوى أكثر تجريدا.
وفي إطار التحليل المنطقي لقضايا العلم لدى كارناب يعتبره الكاتب قائما على الأطروحة الأساسية للتجريبية المنطقية التي تميز بين القضايا التحليلية والقضايا التجريبية، وقضايا العلم قضايا تجريبية والبحث في صدقها ينطلق من مقارنتها بالواقع، والصدق الواقعي صدق احتمالي وليس مطلقا، ومن هنا يمكن تحديد الأسس التي تقوم عليها النظرية المنطقية عند كارناب في تناولها لقضايا العلم ومشكلاته.
وهي أن العلم هو صورة عن الواقع، وبما أن الواقع هو الواقع الذاتي فإن العلم يستند في النهاية إلى الوقائع.وقام صالح بمراجعة نقدية لفلسفة كارناب انطلاقا من واقع العلاقة بين العلم والفلسفة أولا، ثم من واقع علاقة المنطق بالعالم ثانيا، وكيف ظهرت كل من تلك العلاقتين في فلسفة كارناب.
ومن هنا يرى بأن العلاقة بين العلم والفلسفات التي تأثرت بالعلم بصورة مباشرة على مستويين اثنين :الأول يكون فيه العلم سابقا على الفلسفة بحيث يصبح العلم شرطا للتفلسف، والثاني تصبح فيه الفلسفة المتحكم بالعلم بحيث تتحول إلى مفسر ومنظم للمعرفة العلمية. |