كتاب تاريخ الفلسفة الإسلامية – قراءة ثانية لـ دكتور جمال الدين فالح الكيلاني
عنوان الكتاب: تاريخ الفلسفة الإسلامية – قراءة ثانية
المؤلف: دكتور جمال الدين فالح الكيلاني
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: مكتبة المصطفى للنشر
الطبعة: 2012
عدد الصفحات: 219
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: مكتبة المصطفى للنشر
الطبعة: 2012
عدد الصفحات: 219
حول الكتاب:
معنى الفلسفةالفلسفة لفظة يونانية مركبة من جزأين ”فيلو”، بمعنى ”محبة”، و”صوفيا”، بمعنى ”حكمة”، أي أنها تعني، في الأصل اليوناني، ”محبة الحكمة وليس امتلاكها”. وتستخدم كلمة الفلسفة في العصر الحديث للإشارة إلى السعي وراء المعرفة بخصوص مسائل جوهرية في حياة الإنسان ومنها الموت والحياة والواقع والمعاني والحقيقة. وتستخدم الكلمة ذاتها أيضا للإشارة إلى ما أنتجه كبار الفلاسفة من أعمال مشتركة.إن الحديث عن الفلسفة لا يرتبط حصرا بالحضارة اليونانية، لأن الفلسفة جزء من حضارة كل أمة، لذا فإن سؤال ”ما الفلسفة؟” لا يقبل إجابة واحدة. لقد كانت الفلسفة في بادئ عهدها أيام طاليس تبحث عن أصل الوجود، والصانع، والمادة التي أوجد منها، أو بالأحرى العناصر الأساسية التي تكون منها. وطال هذا النقاش فترة طويلة حتى أيام زيتون والسفسطائيين الذين شاع عنهم أنهم استخدموا الفلسفة في التضليل والتغليط من أجل تغليب وجهات نظرهم، لكن الفترة التي بدأت من أيام سقراط، الذي وصفه شيشرون بأنه ”أنزل الفلسفة من السماء إلى الأرض”، من حيث إنه حول التفكير الفلسفي من التفكير في الكون وموجده وعناصر تكوينه إلى الباحث في ذات الإنسان، أدت إلى تغيير كثير من معالمها، بتحويل نقاشاتها إلى طبيعة الإنسان وجوهره، والإيمان بالخالق، والبحث عنه، واستخدام الدليل العقلي في إثباته. واستخدم سقراط الفلسفة في إشاعة الفضيلة بين الناس والصدق والمحبة، وجاء سقراط وأفلاطون معتمدين الأداتين العقل والمنطق، كأساسين من أسس التفكير السليم الذي يسير وفق قواعد تحدد صحته أو بطلانه.سؤال: ” ما الفلسفة؟” سؤال أجاب عنه أرسطو بالقول إنه يرتبط بماهية الإنسان التي تجعله يرغب بطبيعته في المعرفة. وعلى هذا فحديثنا لم يعد ضرورياً. إنه منته قبل أن يبدأ، وسيكون الرد الفوري على ذلك قائما على أساس أن عبارة أرسطو عن ماهية الفلسفة لم تكن بالإجابة الوحيدة عن السؤال. وفي أحسن الأحوال إن هي إلا إجابة واحدة بين عدة إجابات. ويستطيع الشخص – بمعونة التعريف الأرسطي للفلسفة – أن يتمثل وأن يفسر كلا من التفكير السابق على أرسطو وأفلاطون والفلسفة اللاحقة لأرسطو. ومع ذلك سيلاحظ الشخص بسهولة أن الفلسفة، والطريقة التي بها أدركت ماهيتها قد تغيرا في الألفي سنة اللاحقة لأرسطو تغييرات عديدة.وفي الوقت نفسه، ينبغي ألا يتجاهل المرء أن الفلسفة منذ أرسطو حتى نيتشه ظلت – على أساس تلك التغيرات وغيرها – هي نفسها، لأن التحولات هي على وجه الدقة احتفاظ بالتماثل داخل ” ما هو نفسه ” (…) صحيح أن تلك الطريقة نتحصل بمقتضاها على معارف متنوعة وعميقة، بل نافعة عن كيفية ظهور الفلسفة في مجرى التاريخ، لكننا على هذا الطريق لن نستطيع الوصول إلى إجابة حقيقية أي شرعية عن سؤال : ”ما الفلسفة؟” أما اليوم، وبالنظر إلى ما هو متوفر من المعارف وعلى ما هو متراكم من أسئلة وقضايا مطروحة في العديد من المجالات إلى التقدم الذي حققه الفكر البشري في مختلف المجالات، فلم يعد دور الفيلسوف فقط “حب الحكمة” أو طلبها والبحث عنها بنفس الأدوات الذاتية وفي نفس المناخ من الجهل الهائل بالمحيط الكوني وتجلياته الموضوعية كما كانت عليه الحال سابقا، إن الفيلسوف الآن بات مقيدا بالكثير من المناهج والقوانين المنطقية وبالمعطيات المكتسبة في إطار التراكمات المعرفية وتطبيقاتها التكنولوجية التي لا تترك مجالا للشك في مشروعيتها. في ظروف كهذه، وأمام تلك المعطيات لم يعد تعريف الفلسفة متوافقا مع الدور الذي يمكن أن يقوم به الفيلسوف المعاصر والذي يختلف كثيرا عن دور سلفه في العصور الغابرة.لا شك أن دراسة الفلسفة الإسلامية على طريقة القدماء واتباع مناهجها القديمة أصبح أمرا غير مرغوب فيه لدى كثيرين من المسلمين، وقد حاول بعض الدارسين للفلسفة الإسلامية إيجاد منهج جديد لدراسة الفلسفة الإسلامية، فمنهم من اقترح المنهج الوضعي ومنهم من دعا إلى منهج واقعي ومنهم من قال بالمنهج العقلاني ومنهم من يرى غير ذلك ويدعو إلى منهج إسلامي خالص جديد.إن البحث عن منهج جديد لدراسة الفلسفة الإسلامية، فمنهم من اقترح المنهج الوضعي ومنهم من دعا إلى منهج واقعي ومنهم من قال بالمنهج العقلاني ومنهم من يرى غير ذلك ويدعو إلى منهج إسلامي خالص جديد.إن البحث عن منهج جديد لدراسة الفلسفة الإسلامية أصبح أمرا ضروريا للغاية، ولكن أين نبدأ محاولتنا في البحث عن المنهج الجديد؟ إن من الضروري تحديد مجالات الفلسفة الإسلامية وهذا يتطلب معرفة واسعة للتراث الفلسفي الإسلامي التي تركها لنا أولئك المفكرون الأجلاء.