كتاب دور الرقابة على الموازنة العامة في ترشيد الإنفاق العمومي – رسالة دكتوراه

شهـد العالـم فـي السنوات الأخـــيرة تطـورات كبـيرة علـى مختلـف المستويــات سواء كانت اقتصــاديةأو اجتماعية أو سياسية، ففي ظل شح الموارد والأزمـــات المالية المتــوالية وانعكاساتها على أغــلب دول العالم، أصبح من المهم توسيع وتفعيل الرقابة على المال العام من أجل استغلاله أحسن استغلال لتحقيق الأهداف الاستراتيجية والعملية. وتعتبر دراسة الموازنة العامة من المواضيع الهامة لاعتبارها الأسلوب الأمثل لتسيير الأموال العمومية بما يضمن تحقيق حسن الاستعمال والاستغلال، فهي بمثابة المرآة العاكسة للاقتصاد بشكل عام، نظرا لكونها خطة مالية تعبر عن التوجهات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية لأية دولة مهما اختلفت أنظمة الحكم فيها، مما يتطلب الاهتمام بها والدقة في إعدادها كي تتحقق الأهداف العامـة، وتعتبـر الأمـوال العمومـية الدعامة الأسـاسية للتنمـية الاقتصـادية لأية دولة تسعى لبلـوغ أهدافها، ففكرة تسيير الأموال العمومية ليست حديثة بل سادت في المجتمعات القديمة حتى وإن اختلفت من حيث الحجم وطرق التسيير. أمام التطورات التي واكبت المجتمعات والتغيرات التي طرأت على الحياة السياسية كان من الضروري الاهتمام بعملية الإنفاق والتحصيل، من خلال توضيح المعالم الأساسية لتلك العملية، ولقد تجسد ذلك من خلال الموازنة التي تعد من أهم وأبرز الوثائق الضرورية والهامة في الحياة السياسية والتي استعملت لأول مرة في بريطانيا في القرن السابع عشر، حيث كان الوزير البريطاني يعد التقديرات ليقدمها لمجلس العموم، ثم استعملت في فرنسا في القرن التاسع عشر بمناسبة ممارسة البرلمان لعملية الرقابة على أعمال الحكومة.