كتاب مجموعة أحزاب وأوراد الشيخ الأكبر ابن عربي

بما أن الإيمان يزيد وينقص، وبما أن النفس أمارة بالسوء، كان الإنسان المؤمن بحاجة إلى أوراد يومية من الأذكار، تساعده – إضافة إلى الفرائض والسنن والنوافل – على تزكية نفسه، وتطهيرها من مساوئ الأخلاق وذميمها، وتحليتها بمكارمها.
وقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على الإتيان بهذه الأوراد فقال: “إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة”، وقال الشيخ ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى في حكمه مبيناً الحاجة إلى هذه الأوراد: “لا يستحقر الورد إلا جهول، الوارد يوجد في الدار الآخرة، والورد ينطوي بإنطواء هذه الدار، الورد هو طالبه منك، والوارد أنت تطلبه منه”، فالإنسان مكلف بوظائف العبودية، قياماً بحق عظمة الربوبية، ومن هذه الوظائف الأوراد التي تقطع بموته، فليغتنم الإنسان عمره قبل فوات الأوان.
هذا وتتنوع الأوراد بتنوع همم الخلق وإستعداداتهم إلى ثلاثة أوراد كلية بحسب الوسع والطاقة: الأول: ورد المجتهدين في الرياضات الروحية من العباد والزهاد، والثاني: ورد السائرين إلى الله تعالى، وهو عبارة عن الخروج من الشواغل، وترك العلائق والعوائق الدنيوية، وتطهير القلوب من المساوئ والعيوب، وتحليتها بالفضائل بعد تخليتها من الرذائل، والثالث: ورد الواصلين وهو عبارة عن إسقاط الهوى والعمل على محبة المولى، وعبادتهم فكرة أو نظرة مع العكوف في الحضرة الإلهية.
وفي هذا المجال، نقدم للقرّاء كتاباً جليلاً هو مجموعة أحزاب وأوراد الشيخ الأكبر محيي الدين محمد بن عربي الحاتمي المتوفى سنة 638هـ قال عنه جامعه الشيخ الكمشخانوي: فإن وجد نسخة من هذا الكتاب في دار من الديار تنزل عليه رحمة ويرى فيها الخير والبركة وتصون هي وسكانها عن الآفات والبليات بلا إرتياب.
وهو كتاب مليء باللطائف القلبية الملكوتية، وبالأسرار الروحية الجبروتية، كتبت بصيغة الدعاء الذي يعتبر لبّ العبادة مصداقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الدعاء مخ العبادة”.