كتاب من الريشة إلى اللابتوب
عنوان الكتاب : | من الريشة إلى اللابتوب ؛ الفن والفكر الجمالي |
المؤلف : | عفيف بهنسى – محمد بن حمودة |
الناشر : | دار الفكر |
الطبعة : | 2012 |
الصفحات : | 422 |
المجلدات : | 1 |
الصيغة : | مصور |
وصف الكتاب |
توسع المفكرون العرب والمسلمون عند الحديث عن الجمال الفني في التركيز على صفات الكمال، فقال السهروردي: “إن جمال الشيء هو حصول كماله اللائق به”، ثم وسع النابلسي في وصف حدود الكمال، وقال: “الكمال هو الجامع للجلال والجمال”، وتكمن علّة الكمال الأولى عند هؤلاء المفكرين في (الواحد) وهو المثل الأعلى المطلق، والسعي إلى الكمال في العمل الفني هو سعي نحو المثل والملاذ الأوحد، “إذ ليس في الوجود كمال ولا حسن ولا بهاء ولا جمال إلاّ صادر من جهته”، كما قال ابن طفيل. من هنا، تزايدت القطيعة بين الصورة والمادة وصولاً إلى الجوهر، أو الجمال المطلق، ويتفق الفلاسفة الصوفيون، ابن عرمي والجيلاني والنابلسي، على أن الجمال المطلق هو الكمال الذي لا يتعين في مادة، ولا يتكيف بشكل أو هيئة، والذي يحقق متعة روحانية لا حسيّة، لأنه ينتسب إلى عقل نسبي، بل إلى العقل الأول. وهكذا فإن الكمال المطلق خالص من أسر المادة، ولقد ميّز الفلاسفة بين جمال ظاهري وجمال باطني، ويرى الغزالي أن الجمال الظاهري الحسيّ، هو أرخص أنواع الجمال، لأنه مبذول ويتم إدراكه بالسمع والبصر، وليس بالحدس، ويدافع ابن سينا عن الجمال الباطني أو الخفي، أي الجمال العقلي المجرد، الذي يتأسس على الحدس الإشراقي، ويؤيده في ذلك الفارابي، مآل هذا الجمال الوصول إلى الكمال. كان الوصول إلى الكمال عن طريق الفيض مبدأ أعلن عنه الفارابي بتبرير فلسفي منطقي، والفيض، تكامل على صعيد الوجود كله عند الفارابي، وتبدأ آلية الفيض من الموجود الأول الذي فاض الوجود به وبه يستمر. ومذهب الفارابي أن الله عزّ وجلّ واجب الوجود وأن فيضان الموجودات من وجوده نتيجة طبيعية وضرورية، والإنسان عند محور الوجود الإجتماعي، والكمال عند أصحاب نظرية الفيض يرتبط بالصورة وليس بالمادة، فإذا كانت الصورة مطلقة من أسر المادة كان الكمال مطلقاً. ويفسر مذهب الأشراق عملية الإبداع التي تغرس بين الواجب والممكن بحثاً عن ماهية الفن، ولقد ترجم هيغل (1807م) هذا المبدأ بصورة الكشف عن المطلق، بحثاً عن صورة الروح، كما في كتابه “فينومينولوجيا الروح” الذي يرى فيه أن الفن يرقى إلى الصعيد اللاهوتي، هذا وإن مما لا شك فيه أن الأثر الفني العربي أو الإسلامي ليس معلقاً بالقضاء غير المادي، فهو كالجسم الإنساني مادة ترفعها الروح إلى مستوى الحياة والتعادل. ومن هنا، جاءت نظرية الإعتدال في الفكر الجمالي العربي والتي توسع في عرضها ابن عربي، فهو يرى أن ثمة إعتدالاً بين عالم النور المحض وعالم الظلمة المحض، وينطوي مفهوم الإعتدال على التناسب والتناسق في الشكل أو اللون كما يقول ابن سينا، وعلى التوافق والإنسجام في اللحن والصوت كما يقول أبو حيان التوحيدي، وهذا الإعتدال سبيل السعادة التي تتزاحم في حدوس المتلقي، لقد كان الملتقي أكثر حضوراً أمام الأثر الفني، فيما وقف الفنان متنكراً وراء هذا الأثر، ولكن الحوار بينهما يتجلى في حالة الإمتاع التي يشترك فيها الإثنان. وهكذا يمضي د. عفيف بهنسي في القسم الأول في الحوارية عن الصورة الفنية حاملة للفكر وسبيلاً للمعرفة الموضوعية عن طريق ما تقترحه من رموز ودلالات، قام بالتعريف بعناصر العمل الفني والمدارس الفنية والنقدية الجديدة، كما بحث في المدرسة النقدية التشكيلية التي تتبنى علم الدلالة في تأويل النصوص والأعمال الفنية، كما وضح كيف قرأت المدرسة التأويلية الأعمال الفنية بشكل مخالف للمدارس الأخرى، وبين مساهمة العرب فيما يتعلق بالخط العربي والرقش والتصميم الهندسي الإسلامي، وعرف بالفكر النقدي العربي من خلال آراء ابن عربي وأبي حيان التوحيدي، وفي حديثه عن الفكر الفني الحداثي بيّن مدى تأثر الفكر العربي به وأخذه عنه، وتشكيل تيارات نخبوية تهتم بالهوية العربية، وتنهل من التراث معيناً على تكوين وجهات فنية جديدة. وفي القسم الثاني من هذه الحوارية، تحدث د. محمد بن حمودة عن التصوير في الوطن العربي وتأثر الفنانين التشكيليين العرب بالنزعات الغربية الحديثة من رمزية وتأثيرية وسريالية وتكعيبية وتجريدية، وبين كيف حدث العبور من أدب القوة إلى أدب المعرفة، وهو ما شكل علاقة فارقة بين الحضارة الغربية وباقي شعوب العالم، ثم عرج على المدرسة الرومانسية مبيناً كيف دشنت مرحلة تداخل المرجعيات، وكيفية إمتدادها إلى خارج أوروبا لتصل إلى العالم الآخر. وعن محاولة فهم المعاصرة الفنية العربية د. حمودة أن النقد الفني العربي لم يتوقف كفاية لتقويم دلالات المنعطف الإنطباعي وتبعاته، كما أن التصوير العربي انفتح على التصوير العالمي واشترك معه في تحقيق أولوية القيمة الثقافية، وتحرير التصوير من رقابه القصد المسبق، ليتموت من ثم عن النقد الفني والصورة الفنية بحسب رولان بارت، كما قام بالتعريف بتجارب عدد من الفنانين العرب مثل شارك حسن آل سعيد، وفاتح المدرس، كما قام بمعالجة قضايا مختلفة أخرى مثل الأدب والميديا، وثقافة الصورة والعلمانية. |