كتاب نظرات في القومية العربية حتى العام 1970
كتاب نظرات في القومية العربية حتى العام 1970 المؤلف : جرجيس فتح الله اللغة : العربية ترجمة : غير موجود سنة النشر : 2005 عدد الصفحات : 320 نوع الملف : مصور |
كتاب نظرات في القومية العربية حتى العام 1970 تأليف جرجيس فتح الله.
إن فكرة القومية العربية، ومراحل تطورها إلى مذاهب ومناهج وفلسفة، وحكاية ما أنجزته وحققته للأمم والشعوب الناطقة بالعربية من نجاح أو مالقيته من فشل في ميادين التطبيق والحياة، ومقدار تأثيرها على تقدم الحضارة أو عرقلته لها، ما أغنت به القيم الروحية والمادية وما ألحقته من ضرر أو أصابها من خسار لنفسها أو لغيرها من الشعوب المجاورة، أو ما ظفرت به من كسب بمبادرات مفكريها وقادتها وزعمائها؛ هي بالأصل التاريخ العام الحقيقي الذي يزود التاريخين السياسي والإجتماعي بمادتيهما.
والتاريخ الإجتماعي السياسي إلى هذا لا يستوفي حظه من البحث من حيث الإحاطة بتناول البنية الإجتماعية العربية بالدرس والتدقيق في خلفياتها فحسب؛ بل تقتضي له التصدي للعلاقات التاريخية بين العرب والأمم الجارة على حقب مخصوصة من التاريخ؛ لا سيما بعد أن فتحت تلك الأقوام والشعوب صدرها للعرب بفضل الرسالة المحمدية ولتباشر بهم مسيرتهم وتتيح لهم فرصة وضع بصماتهم الخالدة في صفحات الحضارة البشرية، ثم لينحسر مدّهم، ويخمل ذكرهم، وليقعوا في النهاية في أسار أقوام بربرية غازية، وطغيان حكام أجانب.
إن ما يسجله التاريخ لإرهاصات الحياة أفراداً وأقواماً سيبقى أبداً خالداً بمحاسنه وقبائحه، إنه لمن الخطورة الكبرى محاولة إلباس القبيح، رداء الجمال، وتحري الأعذار لمن لا يستقيم له عذر…
مع هذا يحاول بعض المؤرخين عادة العبث بوقائع التاريخ أو إخفاء حقائقه ليخدموا به غرضاً أو هدفاً، أو لينتصروا بهذا التزوير لشخصية مجرمة، بنفي أو تبرير دور غير مشرف لهذه الشخصية أو تلك.
ولما كان التاريخ من صنع البشر، ليس كلهم؛ بل أفراد متسلطون، وبالفرص التي تتيحها لهم ظروف مواتية، وبما أن عدداً من دعاة القومية العربية وقادتها، وبعض مفكريها الممهدين للون فيها – نجحوا في الوصول إلى السلطة وحاولوا عن طريق ممارستها تطبيق مفاهيمهم فيها، فهؤلاء هم مسؤولون مباشرة عن كل النكبات التي حلت بالوطن القومي العربي الكبير وطرقه النضالية وما أحرزته من تقدم إجتماعي وتكنولوجي، عن هؤلاء سيدور الحديث في هذا الكتاب.
لقد وجد الكاتب ومن خلال رجوعه إلى المراجع والوثائق التاريخية بأن هناك علاقة سببيه وثيقة بين تقلب وتطور الفكر القومي العروبي، وتباين طرقه النضالية وكيفية تجاوبه مع التطلعات الكردية والآشورية (المسيحية) في العراق خصوصاً، وإنعكاس بعض المفاهيم القومية من خارج العراق على مفاهيمه المحلية وتأثيرها على التعامل مع القوميتين الرئيسيتين هاتين فيه، لا سيما عندما ينشأ نوع من الخلاف لينقلب بالنتيجة إلى صراع تسفك فيه الدماء، أو عندما يخيّل للقوميين أنهم في موقف يستطيعون فيه إملاء شروطهم على حكومة أو دولة تفوقهم قوة أو جبروتاً بمراحل، فتذهب ريحهم ولا نسمع عنهم خبراً لبرهة من الزمن فقط… ليعودوا بعدها مسلحين بنظريات وأهداف أخرى وبنشاط متجدد…
هكذا يدنو الكتاب من موضوعه الذي حمّله نظراته في القومية العربية حتى العام 1970… تجاوز في مقاربته تلك حدود مسيرة القومية العربية أو العقيدة القومية… فكانت له وقفات ودراسات لمجتمعات أخرى؛ فإرهاصات القومية العربية ونشاطها تعدت إطار العالم الناطق بالعربية وخلفت آثارها على مسيرات الشعوب الأخرى المجاورة… وسيكون للعراق النصيب الأوفر من هذه الدراسة، بسبب التأثير الكبير الذي مارسته الفكرة القومية على تاريخ البلاد وتاريخ المنطقة بأسرها؛ بل على مناحي حياة الفرد العراقي وتكوينه النفسي الإجتماعي والثقافي.
ومن خلال دراسته هذه حاول المؤلف متابعة الإنحراف من المبادئ الديموقراطية التي أرسيت عليها الدولة الجديدة بتعرية أفكار وأعمال الحكام وتصحيح ما جرى من محاولات التزوير والإختلاف والإفتئات على الوقائع وتحطيم الخرافة وتمزيق براقع الجلال والمهابة…
سيتابع المؤلف مسيرة القومية العربية من موطنها الأول لبنان دون أن يترك صعقاً يدّعي بالعروبة… ويتخذ العربية له لساناً إلا كشف عن مدى تأثير الفكرة في تاريخه الخاص وفي بلاد (شقيقة) أخرى… سمى الأشياء بأسمائها التي تستأهلها ونعتها بالنعوت التي تستحقها… وبخل عليها بكلمة رثاء أو إعتذار لا تناسبها؛ كما اعتاد بعض المؤرخين فعل ذلك بالتلطيف من وقع الحدث… ورفض الإنتقاص وبذل الثناء للذي يستحق الثناء والإشادة.
وقدم للقارئ الإنقلابات العسكرية في البلاد الناطقة بالعربية، ومؤامراتها الداخلية في الوثوب إلى كراسي الحكم والتآمر المتبادل بين الدول الناطقة بالعربية على قلب حكوماتها عارية عن الشعارات والمزاعم التي يدعيها القائمون بها وبكل ما حفلت به من عنصر الفكاهة والتندر؛ دون أن يقتصد في وصف النهايات المؤسسة التي جرّت إليها البلاد وما أحدثت في البنية التحية من الخراب والدمار في مسير التطور الطبيعي نحو الديموقراطية والإستقرار السياسي والإقتصادي والإجتماعي.
وأوضح بصورة خاصة الموقف القومي العروبي من الكارثة الفلسطينية إلى أي مدى بلغ الإنحطاط الخلقي، وإلى أي مسافة امتدّ الغباء السياسي بها، كاشفاً عن حقيقة ما دعي بحروب التحرير والوعد بقذف اليهود وإسرائيليهم في البحر عن ضعف تلك الحكومات والدول عسكرياً وإيديولوجياً (قومياً) بالهزائم المتلاحقة المخجلة وخسران المزيد من الأراضي.
وبما أن المؤلف رأى أن المذبحة الآشورية كانت أولى الأحداث الجسام التي مرت بها ركائب القومية العربية في الشرق الأدنى، من هنا كان هناك رابطة عضوية وصلة وثيقة بين تاريخ نشوء القومية العربية وبين تلك المذابح، وكما يقول: “فقد كانت الصدفة وحدها التي قررت الجمع بين الأثرين وإخراجهما بكتاب واحد…
ولما كان قد أقدم سابقاً على ترجمة كتاب للمقدم رونالد سيميل ستافورد تحت عنوان “مأساة الآشوريين” عمد إلى إلحاق ترجمته هذا بهذا السفر، حيث ضمن ذلك ترجمة كاملة لكتاب المقدم ستافورد الذي يعتبر أهم وثيقة كتبت حول فترة العام 1933 من تاريخ العراق، بالإضافة إلى ذلك تضمن هذا العمل التاريخ ككل جزءاً خصصه المؤلف لسيرة ونبذ مسهبة صريحة من سير حياة الساسة والعسكريين والشخصيات التي ساهمت في إحداث تلك الحقبة من عراقيين وعرب في بلاد عربية وكرد وآشوريين وأجانب في محاولة لإزاحة الستار عن حقائق خفية دفنت عمداً أو تقصيراً أو على سبيل المحاباة والهدف وضعهم في المكانة التي يستحقونها من تاريخ بلادهم والمنطقة والتاريخ العام.
وأخيراً كان هناك جزء جمع فيه مؤلف ما وسعه من وثائق عربية وغير عربية تيسرت له خلال بحثه في أرشيفات عصبة الأمم في جنيف، وفي دار الوثائق الرسمية البريطانية بلندن والمكتبة الوطنية في باريس وغيرها.
إلى جانب وثائق إستقاها من مراجع ومخطوطات لم تنشر، هذا إلى جانب وثائق خاصة تدور حول المسألة الآشورية عموماً، وعلى هذا يمكن القول بأن هذا المؤلف التاريخي “نظرات في القومية العربية حتى العام 1970 جاء ضمن خمسة أجزاء وحملت العناوين الآتية على التوالي: 1-مخاض عسير، 2-سبل ملتوية، 3-إنقلابات ودكتاتوريات عسكرية، 4-المأساة الآشورية، 5-أشخاص ذوو أدوار في الدراما (وثائق- مراسلات – بيانات وتصريحات ذات طابع عمومي).