كتاب الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة لـ ابن رشد
كتاب الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملة اللغة : العربية دار النشر : مركز دراسات الوحدة العربية سنة النشر : 1998 عدد الصفحات : 218 نوع الملف : مصور |
ولكن صحيح أن هذا النقد يشمل المعتزلة، خصوم الأشاعر، بنفس الدرجة، سواء فيما أخذ هؤلاء عنهم مثل نظرية الجوهر الفرد، أو فيما فارقوهم فيه. ومع أن ابن رشد يستثني المعتزلة عند عرضه الموجز لطرق الاستدلال لدى الفرق الكلامية المشهورة في زمانه، لكون كتبهم لم تصل إلى الأندلس كما يقول، فإنه يجمع طريقتهم إلى طريقة الأشاعرة ويعتبرها من جنسها، وبالتالي فيما يصدق على الأشاعرة يصدق على المعتزلة في هذا المجال، أي أن طريقتهم في الاستدلال هي أصلاً طريقة المعتزلة، وقد وظفها الأشاعرة في نصرة عقائدهم، والعقائد عندما تتحول إلى “مذهب”، أو عندما يتعامل الناس معها، سواء أتباعها أو خصومها، بوصفها كذلك، فإن ذلك يعني أنها أصبحت منغمسة بصورة أو أخرى في الصراع الاجتماعي مما يجعل تاريخ تطورها مرتبطاً بـ”التاريخ” العام والسياسي منه خاصة، وبالتالي يكون لها تاريخها الخاص.
من هنا يبدو واضحاً أ، الشاغل الذي يؤطر تفكير ابن رشد في كتابه هذا لم يكن مجرد شاغل كلامي نظري، بل هو أساس شاغل اجتماعي سياسي يتمثل في “الأضرار” التي نجمت عما قامت به الفرق الكلامية من “التصريح للجمهور” بتأويلاتها، وما نتج عن ذلك من “شنآن وتباغض وحروب” وتمزيق للشرع وتفريق للناس “كل التفرق”.
ويمكن القول بأن هذا الكتاب يندرج من جهة تصنيفه في عداد المؤلفات الرشدية الأصيلة التي لم تعرف مراجعة أو شروحاً أو إضافة، وهو يقدم مادة فكرية حيّة، فكان لا بد من قراءتها واستثمارها من جديد، وهذا ما اقتضى أن ترتب وتضبط هذه المادة من جديد في هذه الطبعة التي أعدت فيها إعداداً رصيناً، حيث استهل الكتاب بمدخل ومقدمة تحليلية ومرفقة بشروح للمشرف على مشروع إحياء مؤلفات ابن رشد دكتور محمد عابد الجابري، مضافاً إلى ذلك عمل المحقق الذي قام بتخريج حواشي الكتاب، مع مراعاة شروط القواعد التقنية من التحقيق والمقابلة بين النسخ المعتمدة لديه.