| | | |

كتاب اليد الخفية – دراسة في الحركات اليهودية الهدامة والسرية لـ د. عبد الوهاب المسيري

حول الكتاب
في محاولته لتفسير الواقع الصهيوني، يجد عبد الوهاب المسيري أن من أخطر عيوب الخطاب التحليلي،الذي يهدف إلى تفسير الواقع، ان كثيراً من الدراسات العربية تنبت (عن وعي أو عن غير وعي) معظم أو المسلمات أو المتحولات التحليلية الغربية التي تتعامل الحضارة الغربية من خلالها مع العقيدة اليهودية ومع أعضاء الجماعات اليهودية، وهي مقولات أو مسلمات في معظمها ذات أصل إنجيلى مثل “التاريخ اليهودي” و”الشعب اليهودي”. وهذه المقولات الإنجيلية احتفظت بنيتها الأساسية دون تغيير، حتى بعد أن تم علمنتها وتفريغها من القداسة والأبعاد الدينية. فاليهود ولا يزالون(في الوجدان الغربي الحديث) كياناً مستقلاً يتحركون داخل تاريخهم المستقل. وبعد أ كانوا يهيمون في البرية ويصعدون إلى كنعان ويهبطون إلى مصر، أصبحوا الآن يهيمون في أنحاء العالم، وبخاصة العالم الغربي، متطلعين طيلة الوقت إلى الصعود إلى فلسطين. ومن ثم يخلع الوجدان الغربى على اليهود والتفرد باعتبارهم شعب الله المختار، وينزع عنهم القداسة باعتبارهم قتلة الرب والشعب المنبوذ الذليل، ثم يحيدهم تماماً باعتبارهم مادة استعمالية ليس لها أهمية خاصة.
وهذه النية تشكل نموذجاً محدداً (صهيونياً معادياً لليهود في ذات الوقت)، فهي ترى اليهود باعتبارهم أما ملائكة رحيمة أو شياطين رجيمة، وإما باعتبارهم مركز الكون فلا يمكن للتاريخ البشري التحرك بدونهم، أو باعتبارهم مجرد أداة أو شيء هامشي لا أهمية له في ذاته على الإطلاق. وقد أدى هذا الخضوع لامبريالية المقولات الغربية، وغيره من العناصر، أن أصبح العقل العربي يميل هو الآخر إلى أن ينزع اليهود من سياقهم الحضاري والتاريخي والإنساني المختلف والمتنوع ويشيئهم ويجردهم تماماً من إنسانيتهم المتعينة. ومن هنا تم اختزال واقع الجماعات اليهودية المتنوع والثري وغير المتجانس إلى بعد واحد أو اثنين أو إلى أطروحة واحدة بسيطة أو أطروحتين.

ولذا يسقط الخطاب التحليلي العربي أحياناً في النظر إلى الظواهر اليهودية كعنصر حي مادي، كشيء لا تاريخ له ولا أبعاد مركبة معروفة أو مجهولة ومن ثم يتم إهمال التاريخ كمصدر أساسي للمعرفة الإنسانية وللأنماط المتكررة وللنماذج التفسيرية التي تزودنا بمتتاليات نماذجية تفسيرية لفوضى الواقع وتفاصيله. وحينما يستدعى التاريخ، فإنه عادة ما يستدعى بطريقة معلوماتية وثائقية، فيتم قتله أولاً ويتحول من بنى مركبة إلى مادة أرشيفية. ولكن الأهم من ذلك، حينما يسقط البعد التاريخي والإنساني المركب للظواهر اليهودية، أن اليهود يتحولون إلى كل متماسك، ويبدأ الباحث في التعامل مع اليهود ككل، اليهود في كل زمان ومكان، اليهود على وجه العموم. ومثل هذه المقولات غير التاريخية تؤدي إلى تأرجح شديد بين قطبين متنافرين. 1-النظر لليهود في كل زمان ومكان باعتبارهم كياناً فريداً ليس له نظير وله قانون الخاص. 2-النظر لهم باعتبارهم شيئاً عاماً لا يختلف عن الوحدات الأخرى المماثلة يسري عليها ما يسري على كل الظواهر الأخرى. وقد نتج عن هذا التأرجح اختلال في تحديد مستوى التعميم والتخصيص الملائم لدراسة الظاهرة. وفي دراسته في الحركات اليهودية الهدامة والسرية سيركز المسيري على ما يسمى التفكير التآمري والاتجاه نحو التخصيص الذي عادة ما ينسب لليهود قوى عجائبية، ويزعم أن “يد اليهود الخفية” توجد في كل مكان تقريباً، خاصة في المواقع الهامة (مثل مراكز صنع القرار)، كما أن هناك تصوراً عاماً لدى الكثيرين أن اليهود وراء كثير من الجمعيات السرية والحركات الهدامة. بل يذهب البعض إلى أن ثمة مؤامرة يهودية كبرى عالمية تهدف إلى الهيمنة على العالم وتحقيق “المخطط الصهيوني البدوي” ومع تصرفات نتانياهو الأخيرة، ورفضه لتنفيذ حتى اتفاقيات أوسلو، وتقبل الولايات المتحدة لهذا الوضع، وسكوتها عنه، وعجز الكثيرين عن تفسير سلوك نتانياهو وسكوت الولايات المتحدة، بدأ فكر المؤامرة يستشري ويزيد.

وسيتناول الباحث في دراسته هذه فكرة المؤامرة من خلال عرض أهم جوانبه ودراسة أهم ظواهره. فيتناول في الفصل الأول فكرة المؤامرة والبروتوكولات والتلمود وارتباط اليهود بالسحر والتنجيم بل وبالشيطان. ويتناول الفصلان الثاني والثالث الحركات “اليهودية الهدامة” (الإسرائيليات، ظاهرة اليهود المتخفين، الحركة الفرانكية-الماسونية-البهائية). ويرى البعض أن اليهود في رغبتهم المتأصلة في هدم المجتمعات الإسلامية والمسيحية، انضموا للحركات الثورية (الشيوعية والاشتراكية) وهذا ما يتعرض له الفصل الرابع. أما الفصلان الخامس والسادس فيتعاملان مع بعض الجرائم اليهودية المحددة مثل الاشتكال بتجارة الرقيق الأبيض والشذوذ الجنسي والجاسوسوية والجرائم المالية ويتناول الفصل السابع ما يسمى “العبقرية اليهودية” أما الفصل الثامن فيتناول قضية اللوبي الصهيوني. وغني عن القول أن المسيري لم يتناول ما تناوله من موضوعات في حد ذاتها وإنما في إطار الموضوع الأساسي الذي حدده، وبالتالي إلى إبراز بعض الجوانب دون غيرها، مؤكداً رؤيته للآخر/العدو ومهمشاً، بل ومهملاً تماماً، بعض الجوانب الأخرى التي قد تهم كاتباً آخر يتناول نفس الموضوعات ولكن من منظور مغاير.

نبذة الناشر:
يتناول الدكتور المسيري في هذا الكتاب ما يُسمَّى «العقلية التآمرية» التي تنظر إلى العالم من خلال النموذج الاختزالي ذي البُعد الواحد، ومن ثَمَّ تسقط في العنصرية، التي تبسِّط الواقع، وتجعل التعامل معه والتنبؤ به مسألة صعبة.. إن لم تكن مستحيلة. ويطرح الدكتور المسيري مقابل هذا ما يسميه «النموذجَ المركَّب». وقد استخدم عدة حالات للدراسة، منها: البروتوكولات ـ التلمود ـ السحر ـ الماسونية ـ البهائية ـ الفرانكية ـ السبئية ـ الجاسوسية اليهودية ـ الجريمة اليهودية ـ اللوبي اليهودي والصهيوني. كما تناول الكتاب إشكالية العبقرية اليهودية واللوبي اليهودي الصهيوني. وقد ضم هذا الكتاب بعض المواد التي وردت في كتاب الجمعيات السرية في العالم (من إصدار دار الهلال ـ القاهرة 1993) بعد إعادة صياغتها وتطويرها والإضافة إليها. وأضاف الدكتور المسيري إلى الكتاب ملحقاً به دراسة تفصيلية عن النموذج الاختزالي والنموذج المركب، وعن المؤشر الاختزالي والمركَّب.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *