كتاب مشكلة الحرية لـ الدكتور زكريا إبراهيم
كتاب مشكلة الحرية |
عنوان الكتاب: مشكلة الحرية
المؤلف: الدكتور زكريا إبراهيم
المترجم / المحقق: غير موجود
الناشر: مكتبة مصر
الطبعة: الثانية
عدد الصفحات: 283
حول الكتاب
مشكلة الحرية هي بلا ريب من أقدم المشكلات الفلسفية وأعقدها، فقد واجهت الباحثين من قديم الزمان، وما برحت تؤرق مفكري اليوم كما أرقت من قبل فلاسفة اليونان. حقا إن هذه المشكلة – كما قال الفيلسوف الإنجليزي بين Bain – هي قفل الميتافيزيقا الذي علاه الصدأ من كل جانب، ولكنها قد اكتسبت أهمية جديدة في الفلسفة المعاصرة بحيث قد يكون من الممكن أن نعدها (مفتاح) المشكلات الفلسفية جميعا. ولن يكون في وسعنا أن نقدم في هذا المؤلف خلاصة تاريخية وافية لسائر الحلول التي تقدم بها الباحثون على مر الزمان من أجل حل تلك المشكلة العسيرة حلا مرضيا مقنعا، وإنما سنعمد إلى دراسة المشكلة مباشرة، محاولين أن نقف على معناها ومضمونها وما يترتب عليها من المشاكل، مع الإشارة هنا وهنالك إلى آراء الفلاسفة الذين عرضوا لها بالبحث كلما وجدنا ضرورة لذلك. ولعل من نافلة القول أن نشير في هذه المقدمة إلى تعقد المشكلات الفلسفية وتشابكها، فإننا نعلم جميعا أن من يتطرق لدراسة مشكلة ميتافيزيقية كائنة ما كانت لا بد أن يجد نفسه مضطرا إلى إثارة الكثير من المسائل الميتافيزيقية الأخرى، حتى يتسنى له أن يضع المشكلة التي هو بإزائها وضعا فلسفيا صحيحا. والواقع أن مشكلة الحرية بالذات هي من أكثر المسائل الفلسفية اتصالا بالعلم والأخلاق والاجتماع والسياسة، فضلا عن صلتها الواضحة بمشاكل ما بعد الطبيعة، ولككنا نبادر فنطمئن القارئ إلى أننا سنقتصر على دراسة الحرية من الوجهة الفلسفية المحضة، أعني من حيث هي مشكلة ميتافيزيقية تعبر عما سماه فلاسفة الإسلام بالجبر والاختيار. ولو كان علينا أن نعرض لدراسة الحرية من حيث هي مشكلة اجتماعية وثيقة الصلة بمسائل القانون والسياسة، للزم أن نبين شروط الحرية وحدودها، وأن نبحث معنى المسئولية وما يترتب عليها من نتائج، وأن نتناول بالبحث ضروب الحريات وما بينها من صلات… الخ. وهنا قد تتحول المشكلة التي نحن بصددها من مشكلة إلى مشكلات، فلا يصبح موضوعها هو الحرية بل الحريات، عني أنها قد تفقد طابعها المطلق العام لكي تصبح مشكلة واقعية تتعلق بحريات معينة، في زمان معين، وفي مكان معين.حقا إن الباحث الفلسفي لابد أن يعرض لدراسة المضمون الأخلاقي لمفهوم (الحرية)، لأنه من المؤكد أن هذا المضمون لا يكاد ينفصل عن المعنى الميتافيزيقي لهذه الكلمة، ولكننا لن نستطيع أن نجتزئ بهذا المضمون الأخلاقي وحده، فإن موضوع الحرية عندنا لا يقتصر على تحديد مسئولية الانسان، سواء من الناحية الأخلاقية أم من الناحية القانونية أم من الناحية القانونية، كما أن غايته عندنا لا تقف عند تقرير شرعية التكليف أو تثبيت دعائم العقاب والثواب.