كتاب فن القراءة لـ البرتو مانغويل
كتاب فن القراءة |
عنوان الكتاب: فن القراءة
المؤلف: البرتو مانغويل
المترجم : عباس المفرجي
الناشر: دار المدى
الطبعة: الأولى 2014 م
عدد الصفحات: 438
حول الكتاب
(عليك أن تردي بالشكر في خطاب مرتب)، قالت الملكة الحمراء، ملقية نظرات مستنكرة على آليس، وهي تقول ذلك. ((عبر المرآة)) الفصل 9.موضوع هذا الكتاب، كما هي مواضيع كل كتبي تقريبا، هو القراءة، ذلك النشاط الإبداعي الذي يجعلنا من كل الأوجه إنسانيين. أعتقد أننا في الجوهر حيوانات قارئة وان فن القراءة، في المعنى الأوسع للكلمة، يميز جنسنا. نحن ننشأ مصممين على العثور على قصة في كل شيء: في المناظر الطبيعية، في السماوات، في وجوه الآخرين، وبالطبع، في الصور والكلمات التي يخلقها جنسنا. نحن نقرأ حياتنا الخاصة وحياة الآخرين، نقرأ المجتمعات التي نعيش فيها وتلك الواقعة وراء الحدود، نقرأ الصور والأبنية، نقرأ ما يمكن بين غلافي كتاب.هذه الأخيرة هي بشكل خاص جوهرية. بالنسبة لي، الكلمات التي على الصفحة تضفي على العالم ترابطا منطقيا. حين أبتلي سكان ماكوندو بمرض شبيه بفقدان الذاكرة، أصابهم ذات يوم أثناء عزلتهم التي دامت مئة عام، أدركوا أن معرفتهم عن العالم كانت تختفي بوتيرة متسارعة وأنهم قد ينسون ما تعنيه بقرة، أو شجرة أو بيت. الكلمات فقط، كما اكتشفوا هم، يمكن أن تكون هي الترياق. كي يتذكروا ما كان عالمهم يعني لهم/ كتبوا بطاقات وعلقوهم على البهائم والأشياء: ( شجرة)، (هذا بيت)،(هذه بقرة، ومنها تحصل على الحليب، الذي يمزج مع القهوة فيعطيك كافية كون ليش). تنبئنا الكلمات بما نعتقد نحن، كمجتمع، أن يكون عليه العالم.(ما نعتقد أن يكون عليه): هذا هو كل ما يدور حوله الأمر. من خلال ربط الكلمات بالتجارب والتجارب بالكلمات نتخير كقراء قصصا تكون صدى لتجاربنا الخاصة، أو تهيئنا لتجارب جديدة، أو تروي لنا تجارب لن نمر بها أبدا، كما نعرف جميعا جيدا، سوى على الورق. طبقا لذلك، ما نعتقده هو أن الكتاب يعيد تشكيل نفسه في كل قراءة. على مر السنين، تغيرت تجاربي وأذواقي وتفضيلاتي: إذ تمر الأيام، تواصل ذاكرتي إعادة ترتيب، فهرسة، رمي الكتب من مكتبتي؛ كلماتي وعالمي، ما عدا المعالم الثابتة، ليسا الشيء نفسه أبدا. حكمة هيراكليتوس الفكهة تصدق أيضا على طريقتي في القراءة: (لا يمكنك أن تغطس في نفس الكتاب مرتين).ما يبقى ثابتا هو متعة القراءة، متعة أمساك كتاب بيدي والشعور فجأة بذاك الإحساس الغريب من الدهشة، الإدراك، البرودة، أو الدفء الذي يستحضر أحيانا ولأسباب لا تدرك مجموعة معينة من الكلمات. نقد الكتب، ترجمة الكتب، تحرير المقتطفات هي أنشطة زودتني بشيء من التسويغ لهذه المتعة الآثمة (كما لو أن المتعة تقتضي تسويغا !) وتتيح لي أحيانا كسب لقمة العيش. (العالم رائع، ويا ليتني أعرف كيف أكسب مئتي باوند)،…