|

كتاب الورم – رواية لـ إبراهيم الكوني

حول الكتاب
“وجد الرسول نفسه في قبو تحت الأرض تدب في أرجائه مخلوقات مشؤومة في عرف أهل الصحراء هي الأرانب. كانت تجوس في ظلمات المكان الليل كله، تدق الأرض بأرجلها، وتطلق أصواتاً مكتومة، ولكنها كئيبة كأنها نبوءات سوء. أنصت للسكون في الخارج طويلاً فغزا النعاس مقلتيه. خيّل له أنه رأى رؤيا في تلك الغفوة، ولكن الهرج في المكان أيقظه نهائياً. أمامه انتصب آساناي كأنه شبح في حين تبدّى خلفه العسس تحت ضوء نار السراج الذي أمسك به أحدهم. سأل جلاده صادقاً: هل حانت ساعة الوداع؟ ولكن الجلاد لم يجب على السؤال. أخفى في مواجهته صامتاً. تطلع إليه طويلاً. قال أخيراً: أنت من اختار هذا المصير! زفر ثم أضاف: لو قبلت رجائي فأمرت بكتم أنفاسي قبل أن تسترد الخلعة من جسدي لجنّبتني إثماً وأنقذت نفسك من هذا المصير! ابتسم الأسير بحزن. قال: أن ألقى مصيراً هو قدري أهون عندي من حياة أخون فيها رسالتي! أعرف أنك ستتشبث بالخرافة القديمة. الرسالة هي الحياة، برغم أنك تعلم عدم وجود بديل لهذه الحياة. استنكر الأسير: أتظنني أكابر؟ بالطبع تكابر. رسل الزعيم سلالة مكابرة. هذا ما ورثناه في الوصايا. كل من ألقت الأقدار على منكبيه وزراً لا طاقة للناس به يبدو في نظر الناس مكابراً! رمقه آساناي بحزن. قال: لا أحد يعرف لماذا تهفون لتصيروا ضحايا! أضاف بعد ومضة: هل هو ظمأ إلى البطولة، أم طمع في الخلود؟ أجاب الرسول باسماً: كل من احترف الحقيقة فهو ضحية شاء أم أبى! ردد آساناي بصوت الحسرة: الحقيقة! الحقيقة! لا أعرف لماذا تنتابني القشعريرة كلما سمعت كلمة حقيقة! قال الرسول: هذا بسبب الإثم! استنكر آساناي: أي إثم؟ أجاب الرسول بهدوء: ألم نتفق يوماً بأن حب الخلعة إثم؟ إذا كان حب الخلعة إثم فلماذا سمّم بها الزعيم حياتنا؟ ابتسم الرسول. أجاب: لأنها ضرورة، ولكنها ضرورة مشروطة!”.
تأسرك خيالات الكوني وتأسرك معانيه المتوالدة حِكَماً وفلسفة عمقها كعمق أسرار الصحراء التي تسكنه بكل تداعياتها التي تدخل القارئ في مناخات عزّ شيوعها في أنماط روائية أخرى. يستحضر الروائي الصحراء سطوراً من الحكم. يبثّها من خلال آساناي الشخصية التي تمثل معاني الاستئثار والغدر والخيانة. ومن خلال الرسول الذي يمثل الحكمة والعقل. ومن خلال الخلعة التي تمثل رمزاً من رموز السلطة والجاه التي يضحي الإنسان للاستئثار بهما بأية وسيلة مهما دنت.

نبذة الناشر:
هذه هي القطعة السرية المخبأة في لفافة الجلد التي يسعى الرسول لسلخ جلده ليستردها منه كما سلخت جلود سلف كثيرين لتزداد العطية وزناً والخلعة سمكاً. بلى. سيسلخ زبانية الرسول جلده كما تسلخ الشاة بعد ذبحها مع فارق غريب هو أن الشاة لا تسلخ إلا بعد الذبح، أما هو فعليه أن يحتمل سلحاً بلا ذبح! بلى، بلى. الرسول سيعود خائباً، ولن يجد حرجاً في أن يجاهر برفض الالتماس. إنه يعرض ذلك سلفاً حتى إنه لم يستمهله القصاص إلا يأساً، وربما لكسب وقت مكرس للبحث عن مخرج من المأزق، لأنه لا ينوي أن يذهب طوعاً ليقدم رقبته كالخروف للجلاد كي يجر عليها نصله، بل كان الأمر سيكون أهون لو اقتضى الأمر تقديم الرقبة، لأن عليه أن يخضع لقصاص يتوجب عليه بمقتضاه أن يرضى باستقطاع جلده مع استبقاء الرقبة عكس الشاة التي لا يهمها أن تسلخ شريطة أن تذبح قبل أن تسلخ.

مناقشة الكتاب    ملف الكتاب    

كتب ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *