كتاب تمر الأصابع – رواية لـ محسن الرملي
كتاب تمر الأصابع – رواية اللغة : العربية دار النشر : منشورات الاختلاف سنة النشر : 2009 عدد الصفحات : 166 نوع الملف : مصور |
وفي محاولة للوصل بين الحياتين، كان الراوي يقصّ صورا من الجرائد لموطنه الأصلي، ينتقي منها الأقل قسوة، ويعلقها على جدران غرفته. ينظر إليها ويمارس حسب ما يقول “هويّتي الأولى، حنيني، شوقي إلى احتضان أمي واخوتي، إلى زيارة قبر عالية، إلى السباحة في نهر دجلة، إلى أصدقائي، إلى أبقارنا وحميرنا ودجاجاتنا والجبل.”، وعالية هي ابنة عمه وحبيبته الأولى التي قضت غرقاً في النهر.
لكنه يستنتج بعد حين: “كنت ألصقها بنيّة التخفيف من غربتي لكنها في الحقيقة تزيدها”. كانت هذه الصور أيضاً مصدر تعليق الأب الذي التقاه صدفة في اسبانيا، إذ قال: “كنت أظن بأنك أعقل من هذا..وألا تقع في الحنين المرَضي الذي يقع فيه جلّ المغتربين حين يصورون لأنفسهم بأن كل شيء جميل في بلادهم التي غادروها.. بما في ذلك الخرائب والمزابل..”.
ذكريات ماضيه حاضرة بقوة، وسرد قصص قريته و”فضح” أهله، نال تشجيع أبيه الذي قال له: “أكتب ما تشاء فلن يحدث أسوأ مما حدث.. هذا العالم جايف”. أبوه الذي فوجئ بوجوده في اسبانيا وأصبح شخصاً مختلفاً تماماً عن ما كان عليه في العراق، وكأنه ليس هو نفسه الذي جرّهم “لمحاربة الحكومة لمجرد أن أحدهم قد صفع مؤخرة” أخته إستبرق التي كانت رفيقة طفولة الراوي وشبابه. فيستعيد تفاصيل حادث الهجوم على مبنى محافظة تكريت، والذي شارك فيه الجد وشخصيته الحاضرة بقوة.
بين الإحساس العميق بمفاهيم الشرق، وبين ما يقدمه الغرب من مفاهيم وأطر ثقافية مختلفة، تتطرق هذه الرواية إلى مواضيع متعددة كالهجرة والاغتراب والحنين والحب، ومفهوم الوطن، عبر صور معبّرة ومشاهد قوية ومؤّثرة، لكن في إطار من الحنان الذي يشذب القسوة، ومن خلال نظرة إنسانية هادئة، تبحث عن الرفعة.